الحروب الأهلية أدوات لتوسيع نفوذ إيران (Getty)
متحدثاً عن ما يجري في بيروت، وطارحاً سؤال ماذا بعد بالنسبة إلى لبنان؟ قدم السفير الأميركي السابق في لبنان جيفري فيلتمان رؤيته عن ثورة لبنان أمام اللجنة الفرعية للشرق الأوسط وشمال إفريقيا والإرهاب الدولي، التابعة للجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأميركي، معتبراً أن نتائج الاحتجاجات قد تؤثر على المصالح الأميركية بشكل إيجابي أو سلبي.
لبنان مهم للولايات المتحدة
يشير فيلتمان إلى أن لبنان الصغير يؤثر على المصالح الأميركية بطرق كبيرة. ولربما التأثير الأكثر وضوحاً هو تكريس إيران لدورها الإقليمي من خلال تصديرها الناجح لحزب الله بقدراته المتقدمة، التي تهدد إسرائيل وغيرها من حلفاء الولايات المتحدة. إضافةً إلى ذلك، يقول فيلتمان أن خطر قيام الجماعات المتطرفة السنّية وتنظيم القاعدة أو داعش بإنشاء معاقل في لبنان قد تراجعت، إلى حد كبير، وذلك بفضل الجهود المستمرة المثيرة للإعجاب التي بذلتها القوات المسلحة اللبنانية. ولكنه يحذر من تجربة العراق، حيث يمكن أن تتآكل هذه المكاسب بسرعة، مع التدخلات الدولية، وافتقار اليقظة المتواصلة.
يُظهر تاريخ حزب الله والجماعات الإرهابية السنّية بوضوح ضرورة وجود استقرار عام في لبنان: لقد استغلت إيران الحرب الأهلية في لبنان، والصراع الداخلي في عام 2003 في العراق، والحروب الأهلية الأخيرة في سوريا واليمن، لتأسيس جذور عميقة بات من الصعب القضاء عليها. وبعبارة أخرى، أصبحت الحروب الأهلية أدوات لتوسيع نفوذ إيران.
مكان للمنافسة الاستراتيجية
تنظر روسيا، حسب فيلتمان، إلى لبنان كمكان لمواصلة توسعها العدواني الإقليمي والمتوسطي. إذا استغلت روسيا موانئ لبنان الثلاثة ومخزونات الهيدروكربون البحرية (النفط والغاز)، سيعطي هذا انطباعاً بأن روسيا تفوز في شرق وجنوب البحر الأبيض المتوسط، على حساب الولايات المتحدة. ومع وجود أكثر من 400 مواطن صيني في اليونيفيل في جنوب لبنان، قد ترغب الصين أيضاً في استغلال موانئ لبنان وموقعه، وقد يجد اللبنانيون صعوبة في مقاومة تكنولوجيا 5G الصينية، بالنظر إلى الحالة المؤسفة لشبكات الاتصالات الحالية في لبنان.
سيسعى الرئيس السوري بشار الأسد، كما يقول فيلتمان، أن يستعيد موقعه كوسيط قوي إقليمي من خلال عكس أحداث عام 2005. عندما أجبره مزيج من الاحتجاجات اللبنانية والضغط الدولي بقيادة الرئيس جورج بوش على إنهاء الاحتلال العسكري القمعي الذي استمر في لبنان لفترة طويلة. إن روسيا التي لم تكن راضية أبداً على تركيز الرئيس بوش على حرية لبنان، قد تكون سعيدة بتيسير استعادة الهيمنة السورية على جارتها الصغيرة، لانتزاع غطاء مناسب لأهدافها في هذا البلد الصغير. لذلك فإن لبنان يعتبر مكاناً للمنافسة الاستراتيجية العالمية. بحيث إذا تنازلت عنه الولايات المتحدة ستدخله دول أخرى بسعادة.
مع صلاتهم الدولية القوية، يطمح معظم اللبنانيين تقليدياً إلى الارتباط سياسياً وثقافياً واقتصادياً ومالياً بالغرب أكثر من إيران أو روسيا أو الصين. وهناك تقارب طبيعي بين معظم اللبنانيين والغرب يمكن أن يعمل لصالح واشنطن. لكن كمواطنين في بلد صغير ضعيف في منطقة خطرة، سيبحث اللبنانيون، وبطريقة غير عقلانية، عن شركاء خارجيين يمكن الاعتماد عليهم. وهنا يقول فيلتمان أن الولايات المتحدة بحاجة إلى لعب اللعبة الطويلة وعدم السماح لإيران أو سوريا أو الصين أو روسيا باستغلال غياب واشنطن.
الاحتجاجات في لبنان
تفوق أهمية الاحتجاجات الحالية في لبنان ما جرى في 14 آذار 2005، بعد اغتيال رفيق الحريري، لأن الشيعة انضموا إليها هذه المرة. ويركز المحتجون اليوم على القضايا المحلية كالوظائف، والنفايات، وخدمات المرافق وما إلى ذلك، والتي يمكن أن توحد اللبنانيين بدلاً من تقسيمهم.
وعلى الرغم من أن الاحتجاجات لا تتعلق بالولايات المتحدة، يشير فيلتمان بأن التظاهرات وردود الفعل عليها من جانب القادة والمؤسسات اللبنانية تتقاطع مع المصالح الأميركية. لطالما صوّر حزب الله نفسه على أنه “لا يقهر” و”نظيف” و”مناهض للمؤسسة” مقارنة بالأحزاب اللبنانية الأخرى. لقد قوضت خطابات الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، للتشكيك في التظاهرات، صورة الحزب بحيث كان صداها السلبي أكثر فعالية من سنوات من الجهود الأميركية لتشويه سمعة الحزب.
دعا نصر الله إلى إنهاء التظاهرات؛ وطلب من المتظاهرين الشيعة العودة إلى ديارهم. البعض استجاب له، لكن معظمهم لم يفعل. لم يعد باستطاعة حزب الله أن يدّعي أنه “نظيف”، ومن حيث التصور العلني لدوره السياسي، فإن الحزب الآن قد هبط إلى مستوى الأحزاب اللبنانية الأخرى المشكوك فيها.
ويضيف فيلتمان أن التظاهرات الحالية تقوض بشكل بناء الشراكة بين حزب الله والتيار الوطني الحر. إذ يُعد جبران باسيل المهندس الأكثر مسؤولية عن قدرة الحزب على التظاهر بتمثيل حركة وطنية متعددة الطوائف وتجاوز أجندته الإيرانية والطائفية الضيقة. لقد فرض هذا التحالف قشرة من الغطاء المسيحي على حزب الله، وبالتالي أصبح الأداة الرئيسية لنفوذ الحزب المتوسع داخل المؤسسات الحكومية: وبالتالي لم يعد حزب الله مقيداً بـ”الحصة الشيعية” في النسب الطائفية اللبنانية، نظراً لأنه يمكن أن يعتمد على نصيب التيار المسيحي كذلك.
لطالما استغل باسيل القلق الصادق الذي تشعر به الولايات المتحدة ودول أخرى حول وضع المسيحيين في الشرق الأوسط على وجه التحديد، ليستثمر في هذا القلق ويُبعد الأنظار عن فساده وقضية الحزب. وقد أوضحت الاحتجاجات أن باسيل أصبح الآن تجسيداً لكل ما يثير غضب المتظاهرين. رغم كل ذلك يتمسك الحزب حتى الآن بتحالفه مع التيار الوطني الحر. لكن قيمة هذا التحالف قد انخفضت إلى حد كبير وتزيد من خيبة الأمل العامة تجاه الحزب.
الجيش اللبناني
يرى فيلتمان أن أداء الجيش اللبناني كان جيداً في الفترة الأخيرة. وبرأيه حدثت بعض المشاكل والتناقضات في رد فعل الجيش على الاحتجاجات، حين قام بحماية المتظاهرين في بيروت ضد بلطجية حزب الله وأمل، بينما بقيت الوحدات العسكرية في النبطية والجنوب على الحياد. لكن بشكل عام، تعاملت القوات المسلحة اللبنانية باحتراف وضبط النفس في الزوايا الأمنية والسياسية. وأُجبرت القوات المسلحة اللبنانية على العمل والمجازفة من دون أي توجيه سياسي متماسك أو غطاء من القيادة المدنية اللبنانية، ومع تهديدات مقنّعة من الحزب لقمع الاحتجاجات.
كان أداء القوات المسلحة اللبنانية، حسب فيلتمان، رائعاً إذا ما قارناه برد فعل قوات الأمن العراقية أو المصرية أو السورية على المحتجين. وبنظره يمكن أن تكون القوات المسلحة اللبنانية مثالاً على كيف يمكن أن يبدأ الاحترام العام لمؤسسة وطنية مستقلة وقادرة وذات مصداقية في إزالة المشاعر الطائفية.
قد يتساءل البعض في واشنطن عما إذا كان على القوات المسلحة اللبنانية الآن الاستعداد لمواجهة الحزب ديناميكياً ونزع سلاحه بالقوة. ستكون هذه التساؤلات، كما يرى فيلتمان، وصفة للحرب الأهلية، وكما ذُكر أعلاه، تميل إيران وعملائها إلى جانب تنظيم القاعدة إلى الازدهار في حالات الحرب الأهلية. ويضيف فيلتمان قائلاً “نحن بحاجة إلى التفكير على المدى الطويل. بشكل عام، يعرف ضباط القوات المسلحة اللبنانية، مدى تحسُّن قدرات الجيش وكفاءته المهنية بفضل التدريب المستمر والمعدات الأميركية، وبدأ الشعب اللبناني يدرك ذلك أيضاً”.
وفيما يتعلق بالجيش اللبناني، ختم فيلتمان بالقول “يجب أن ندرك أن علاقة القوات المسلحة اللبنانية وحزب الله ليست قصة حب أبدية. يؤسفني أن أقول أن تجميد المساعدات الأميركية العسكرية للجيش اللبناني، الذي آمل أن يكون لفترة وجيزة، سيعطي الحزب وسوريا وإيران نقطة نقاش مريحة حول عدم موثوقية الولايات المتحدة”.
الاقتصاد اللبناني المختل
بينما ركزت التظاهرات على القضايا العاجلة المتعلقة بالوظائف والنفايات والخدمات، إلا أنها تحدث في ظل أزمة مالية تلوح في الأفق. إذ يتأرجح لبنان منذ فترة طويلة على شفا كارثة مالية. وبسبب تشديد قيود التأشيرات على أوروبا والولايات المتحدة، وتراجع إمكانيات التوظيف في دول الخليج، فُقد المنفذ التقليدي للشباب اللبناني، الوظائف في الخارج (وربما الهجرة)، وقدرته على تحويل مبالغ كبيرة من العملة الصعبة إلى الاقتصاد اللبناني.
يمكن لخصخصة أصول الدولة، كالاتصالات والكهرباء، كما يحلل فيلتمان، أن تنتج إيرادات، وكذلك تحسين الخدمات على المدى الطويل. وبالتأكيد، فإن الحوكمة الشفافة الموثوقة، يمكن أن تسهم في تحسينات اقتصادية. كما أن الاستثمارات الجديدة وعودة السائحين الخليجيين والشركات والودائع المالية ستحدث فرقاً كبيراً بلا شك.
ومع ذلك، فإن النجاح في جذب المستثمرين الغربيين ودول مجلس التعاون الخليجي سيظل بعيد المنال بغياب التغييرات كبيرة. سوف يبحث المستثمرون الغربيون والخليجيون في أي مكان آخر عن الفرص إذا ظل اللبنانيون راضين عن كونهم جزءاً من ما يُعتبر المحور الإيراني-السوري، وما إذا كانوا يتسامحون مع الالتزام المتقطع بالشفافية وسيادة القانون. فالمستثمرون والسائحون لن يعودوا إلى لبنان بأعداد كبيرة طالما أن الحزب قادر على إشعال الحرب من دون العودة إلى الحكومة.
سيحتاج اللبنانيون أنفسهم إلى الاختيار بين الطريق المؤدي إلى الفقر الدائم أو الرخاء المحتمل، من خلال تحديد ما إذا كانوا سيستمرون في قبول الحكم الرديء إلى جانب الفيتو الفعال على القرارات الحكومية التي يصر عليها حزب الله. قد لا يتمكن الناخبون اللبنانيون من تجريد حزب الله من ترسانته بين عشية وضحاها ، لكن يمكنهم اغتنام الفرصة الانتخابية المقبلة لتجريد الحزب من الشركاء البرلمانيين الذين يستخدمهم لتأكيد إرادته السياسية: وهذا ما يفسر، وفق فيلتمان، الخط الأحمر الذي وضعه نصر الله على الانتخابات النيابية المبكرة.
الدعم بحذر
يعتبر فيلتمان إن احتجاجات عام 2005، التي نجحت في إجبار الجيش السوري على مغادرة لبنان، تقدم درساً مهماً في المرحلة الحالية، تتمحور حول قيمة المبادرة المحلية المقترنة بالدعم الخارجي. وعلى سبيل المثال، لو كانت الولايات المتحدة وفرنسا قد ضغطتا قبل 14 عاماً كي ينسحب السوريين، وبقي اللبنانيون في منازلهم، لكان بإمكان نظام الأسد مقاومة الضغوط الخارجية. ولو أن الولايات المتحدة وفرنسا تجاهلت خروج اللبنانيون إلى الشوارع بأعداد هائلة، لسحق النظام السوري التظاهرات بالقوة. إن الجمع بين تجمهر اللبنانيين في الشوارع بأعداد هائلة واهتمام المجتمع الدولي، بقيادة الولايات المتحدة في عهد الرئيس جورج دبليو بوش، وفرنسا بقيادة الرئيس جاك شيراك، لم يعطِ السوريين خياراً سوى الخروج.
كما في عام 2005، يمكن أن يساعد الاهتمام المتواصل اليوم من قِبل الكونغرس والإدارة، ومن قبل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، على حماية المتظاهرين. لكن فيلتمان ينوه بأن التظاهرات لا يمكن أن تستمر إلى أجل غير مسمى، خصوصاً وأن المواطنين العاديين منهكين من التكاليف الاقتصادية للشلل القائم في البلاد. لذلك قد يُحدث الاهتمام الأميركي المستمر والاهتمام والرسائل فرقاً حيث يكافح اللبنانيون لتحديد كيفية تجاوز الاحتجاجات المحلية.
لن يكون من الحكمة، كما ينصح فيلتمان، التدخل مباشرةً في القرارات السياسية اللبنانية، والتي من شأنها أن تجعل من السهل على نصر الله (أو سوريا أو إيران أو روسيا) تشويه سمعة المتظاهرين ومطالبهم. كما يجب ألا يُنظر على أن الولايات المتحدة تفرض اختيار رئيس وزراء لبنان المقبل أو وزراء معينون في الحكومة؛ فتلك قرارات لبنانية حصرية. ويضيف “بما أن مصالحنا الوطنية ومصالح حلفائنا الإقليميين ستتأثر بما يحدث في لبنان، فإننا نتحمل مسؤولية توضيح وجهات نظرنا من خلال عملنا وبكلماتنا. يستحق اللبنانيون أن يفهموا تماماً الآثار المترتبة على القرارات التي يتخذونها بشأن التعيينات والسياسات الحكومية”.
الإفراج عن المساعدات العسكرية
كخطوة أولى، ينصح فيلتمان بالإفراج بسرعة عن المساعدة العسكرية قيد المراجعة الآن. هذا من شأنه أن يضع الولايات المتحدة إلى جانب المؤسسات الوطنية ذات المصداقية. وفي الوقت الذي تتجه فيه شعبية الجيش اللبناني للتصاعد مقارنة بتراجع سمعة حزب الله، يمكن لواشنطن تعزيز قوة الدفع الإيجابية هذه. كما من شأن إطلاق المساعدة أن يقوض المحاولات المستمرة التي يقوم بها الحزب وإيران وسوريا وروسيا لجذب اللبنانيين إلى مداراتهم من خلال التشكيك في موثوقية الولايات المتحدة.
إن توقعات واشنطن بأن تقوم القوات المسلحة اللبنانية بتحسين كفاءتها المهنية واستعدادها قد تجلت بوضوح، من خلال تدابير مكافحة الإرهاب الناجحة والاستجابة المناسبة (في الغالب) للاحتجاجات. يمكن للولايات المتحدة أن تربط إطلاق المساعدات بإصرار على أن تبقى القوات المسلحة اللبنانية خارج السياسة وأن تعامل المتظاهرين السلميين باحترام متساو في جميع أنحاء البلاد.
القرار للشعب اللبناني
وعن الانهيار المالي يقول فيلتمان “أوصي بأن يكون موقفنا واضحاً بأننا لا نريد أن نرى الانهيار المالي أو السياسي للبنان (خشية أن توفر الفوضى والحرب الأهلية المزيد من الفرص لإيران وسوريا وروسيا للتدخل) لكن قدرتنا على التدخل وحشد الدعم المالي والاقتصادي تعتمد على قرارات اللبنانيين أنفسهم، بما في ذلك تكوين الحكومة المقبلة وسياساتها. نعم، نحن على استعداد للوقوف إلى جانب لبنان، ولكن إذا كان يرغب اللبنانيون فعلاً في المضي قدماً. إذا عالجت الحكومة اللبنانية مسائل الحكم والمساءلة ، فيمكن للمجتمع الدولي الاستجابة؛ أما إذا عادت الحكومة إلى “العمل كالمعتاد”، فلن نتمكن من حشد الدعم لمنع الانهيار. مع دعوة المتظاهرين إلى حكومة تكنوقراطية وليس حكومة سياسية، يمكن أن تؤكد رسالتنا العامة على توقعاتنا بأن حكومة لبنانية جديدة، إذا طلبت الدعم الدولي، ينبغي أن تعالج بشكل فعال وفوري تطلعات الإصلاح للشعب اللبناني.
يحتاج اللبنانيون الذين عاشوا لفترة طويلة بالرضا مع تناقض الهوية الذاتية مع الغرب بوجود حزب الله السياسي القوي، إلى فهم الآثار المترتبة على المسار الذي يختارونه. في الأزمات المالية السابقة اللبنانية، حولت دول الخليج العربية ودائعها بالعملات الأجنبية إلى البنك المركزي اللبناني بشكل مؤقت لدعم الاحتياطيات. هذا يمكن أن يتكرر. إذ يمكن للولايات المتحدة، كما يؤكد فيلتمان، إلى جانب فرنسا وغيرها من الدول، قيادة التواصل مع المؤسسات المالية الدولية فيما يتعلق بدعم لبنان. ومع وجود الأشخاص المناسبين والسياسات المناسبة، قد تنفذ حكومة لبنانية جديدة في النهاية الإصلاحات التي قد تؤدي إلى إطلاق حزمة مساعدات بقيمة 11 مليار دولار تم الاتفاق في مؤتمر دولي في باريس عام 2018.
من شأن هذه التدابير، حسب فيلتمان، أن توفر للمسؤولين اللبنانيين فترة راحة قصيرة، ولكن بالنظر إلى الماضي، فإن العبء يقع على كاهل المسؤولين اللبنانيين للتغلب على الشكوك المحلية والدولية، من خلال اختيار وجوه وسياسات ذات مصداقية لمجلس الوزراء المقبل.
سيؤدي استمرار المحسوبية والفساد إلى الانحلال المستمر، في حين أن الإصلاح والمساءلة والشفافية والاعتماد على المؤسسات الوطنية بدلاً من حزب الله يمكن أن يجتذب نوع الدعم الذي يؤدي إلى وجهة أفضل. وستمثل المؤسسات الحكومية الفعالة والشفافة في لبنان، أفضل حماية للمصالح الأميركية. إذ يقول فيلتمان أن هذا ممكن أن يتحقق مع وجود الحكومة المناسبة في ظل الدعم الدولي المتجدد.
على مساحة تزيد قليلاً عن عشرة آلاف كيلومتر مربع، يُعتبر لبنان أصغر من منطقة مدينة نيويورك. يتجاوز عدد سكان نيويورك الكبرى 20 مليون نسمة، بينما يبلغ عدد سكان لبنان، بما في ذلك اللاجئون السوريون والفلسطينيون، أقل من 7 ملايين نسمة. وانطلاقاً من هذه المعطيات، يؤكد فيلتمان، بأنه ليس من الصعب توفير الكهرباء والانترنت وجمع النفايات للمواطنين اللبنانيين. ولا ينبغي أن تكون هذه الأمور مكلفة للغاية في ظل القيادة الصحيحة لجذب الدعم وتوجيه الوضع المالي في مسار أفضل. ولتوضيح ذلك، يشير فيلتمان بأن الديون الخارجية للبنان بأكملها (حوالى 35 مليار دولار) تتماشى مع تقديرات ما تنفقه المملكة العربية السعودية كل عام على حرب اليمن (25-40 مليار دولار.
سامي خليفة