طرأ تبدل جوهري على «النصائح» الفرنسية للبنان، فبعد ان سمع المسؤولون اللبنانيون «نصيحة» بضرورة «تقطيع الوقت» بانتظار الانتخابات الرئاسية المقبلة في الولايات المتحدة والتي قد تحمل معها تغييرا في «ساكن» البيت الابيض، وسط رهان الفرنسيين على عودة الديموقراطيين الى السلطة، اتخذت باريس موقفا اكثر تقدما يتماشى مع نسق التصعيد الاميركي غير المسبوق في «تهوره»، وابلغوا من يعنيهم الامر في لبنان ان وصفة «الانتظار» قد لا تكون مجدية في هذه المرحلة، والمطلوب الاسراع في تأمين استقرار داخلي «ومنعة» وطنية لمواجهة المستجدات، والاسراع في مناقشة «الاستراتيجية الدفاعية، بعدما نقض الرئيس الاميركي «التفاهم الضمني» مع دول الاتحاد الاوروبي القائم على مراعاة مصالحها في منطقة الشرق الاوسط، وعدم التسبب بهز الاستقرار الذي قد يسبب حالات نزوح كبيرة باتجاه الاراضي الاوروبية غير القادرة على استيعاب المزيد من هؤلاء في ظل انقسامات حادة بين دول الاتحاد من جهة، وتنامي خطر اليمين المتطرف الذي يأخذ من موجات النزوح ذريعة لجذب المزيد من الجمهور المتطرف، من جهة ثانية، ما سيؤدي حكما الى اهتزازات واسعة في البنية الاجتماعية الاوروبية…
وامام هذه المعطيات، لا تبدو التطورات مريحة للاوروبيين والفرنسيين بعدما فقدوا صفة «الشريك» مع واشنطن، وفقدوا ايضا القدرة على تقديم «المشورة» للادراة الاميركية المندفعة لتشديد الحصار على ايران، وتمرير «صفقة القرن» وفرضها على الفلسطينيين، وهذا ما قد يجعل لبنان في «قلب العاصفة» وليس على «هامشها»، كما تعتقد الدبلوماسية الفرنسية، التي تحذر من مرحلة ما بعد فوز رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتانياهو الذي سيكون في «رقبته» «دين» سيرده حكما للرئيس دونالد ترامب… وهنا مكمن الخطورة.