“بقدوم النبي صلى الله عليه وسلم، سطع نور الحق واشرقت شمس الحقيقة بعد الظلام وسطوة عتمة الجهل والطغيان.
فبعدما كانت علاقات القبائل والجماعات محكومة بالقوة والاقتتال والانتماء العصبي، حتى بات الغزو والقتل والسلب والسبي والاستيلاء على الغنائم من طبائع الأمور والأحكام. وصارت العقول تقبل وترضى السجود لتماثيل الأصنام. وكان مولد النبي، في البقعة التي كرمها الله تعالى، إيذاناً بالهدى والخير نقضاً ودحضاً لكل ضلال وباطل.
وإننا نقف اليوم في هذه الذكرى المباركة، لنستشعر حكمة الله وما أراده للعالمين من نقلة إلى رحاب العدل والرحمة. فقال تعالى في كتابه الكريم *وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ* وقال عز وجل *وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ*، وجعله لكل الناس أسوة حسنة، أي مثال للاقتداء والاسترشاد واستلهام الحق بما أوتيه من كلماته الموحى بها إليه وفيها آيات بينات مشرقات كان من شأنها أن تهدي قلوب الخلق إلى عصر جديد.
وإستلهاماً من سيرة النبي الأكرم، فإننا ندعو كافة القوى السياسية إلى التعالي عن الصغائر رحمة بالوطن والشعب، حيث نعيش أزمة غير مسبوقة على كافة الصعد السياسية والإقتصادية والإجتماعية، تحتاج إلى تكاتف ومشاركة الجميع في الحكومة المزمع تشكيلها كي تباشر فوراً ورشة عمل على المستويات كافة لوقف التدهور ومواجهة التحديات الكبيرة، وإنقاذ لبنان قبل فوات الآوان. ولعبور الجسر إلى لبنان الذي نتمناه جميعاً، لبنان الوطن المعافى المستقر الناهض من ركام الحروب والانحرافات المؤذية إلى بناء دولة القانون العادل والمؤسسات النزيهة والمواطنة التي تعيد لكل مواطنيها فرص العدالة والنزاهة والحياة الحرة الكريمة.”