من دون مقدمات، وصلت الخميس الماضي رسالة من الوسيط الأميركي في عملية التفاوض حول ترسيم الحدود البحرية جنوباً، السفير جون ديروشيه، يبلّغ فيها المعنيين أنه سيزور لبنان مطلع هذا الأسبوع. لم تتضح، بداية، أهداف الزيارة المفاجئة، وإذا ما كانَ الضيف الأميركي يحمِل جديداً في هذا الملف الذي توقّف بعد خمس جولات من التفاوض في الناقورة. الزيارة السريعة، أمس، تضمّنت لقاءات مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وقائد الجيش جوزف عون والوفد اللبناني المفاوض، وكانت باباً عاد من خلاله ملف الترسيم الى الضوء، لكنها عملياً «لم تقدّم أي جديد»، فيما أشارت مصادر مطلعة على أجواء اللقاءات الى أن «الزيارة كانت وداعية وتضمّنت نصيحة بالابتعاد عن العناد لما فيه مصلحة للطرفين»، اللبناني والاسرائيلي.
البيان الذي صدر عن رئاسة الجمهورية نقل ما أبلغه عون إلى ضيفه عن «رغبة لبنان في استمرار المفاوضات غير المباشرة بوساطة أميركية واستضافة دولية، بهدف الوصول إلى تفاهم حول الترسيم، على نحو يحفظ حقوق الأطراف المعنيين بالاستناد إلى القوانين الدولية». ولفت إلى أن عون طلب من «الوسيط الأميركي ممارسة دوره للدفع نحو مفاوضات عادلة ونزيهة، ومن دون شروط مسبقة، لأن ذلك يضمن قيام مفاوضات حقيقية مستندة إلى الحق الذي يسعى لبنان إلى استرجاعه». وشدد على «انفتاح لبنان على الأفكار المطروحة ضمن إطار السيادة اللبنانية الكاملة براً وبحراً»، لافتاً إلى أن «لدى لبنان خيارات عديدة في حال عدم تجاوب الإسرائيليين مع الجهود المبذولة لتحريك المفاوضات».
رافقت الزيارة تحليلات ومعلومات عن استئناف قريب لمفاوضات الناقورة، ربطاً بتأليف حكومة جديدة في «إسرائيل»، على اعتبار أن هذا العامل أعاد تحريك الملف، فيما وضعت المصادر هذا الكلام في إطار «تضخيم» أهداف الزيارة، مؤكّدة أنها «مجرّد زيارة وداعية للتبليغ عن أن دوره كوسيط في المفاوضات شارف على الانتهاء، لكونه سيتسلّم قريباً منصبه سفيراً لبلاده في البحرين»، لكنه في السياق «طالب لبنان بالعودة إلى المفاوضات من دون شروط أو تمسّك بسقوف محددة»، ملمّحاً إلى أن «أقصى ما يُمكن أن يحصل عليه لبنان هو الـ860 كيلومتراً».
غيرَ أن مصادر بعبدا التي وصفت اجتماع عون مع الزائر الأميركي بـ«الجيد»، أشارت إلى أن «الزيارة هي تأكيد على أن الإدارة الأميركية مهتمة باستكمال الملف، وأنه بعد تأليف حكومة في اسرائيل أتى ديروشيه للاستماع الى موقفنا»، وقد سمِع من الرئيس عون كلاماً واضحاً «بأننا لو كنا نرضى بخط هوف لما كنا ذهبنا إلى المفاوضات»، مطالباً بـ«عودة غير مشروطة، فلبنان قدم معطيات علمية مستندة الى وثائق، ولا يمكن لإسرائيل أن ترد بخطوط لا أساس لها». وبينما أقرّ ديروشيه، بحسب المصادر، بـ«صعوبة استئناف التفاوض أو نجاح هذا المسار بسبب عناد الطرفين وتمسّكهما بمطالبهما»، «لفت إلى أنه سيزور إسرائيل ويستوضح من المعنيين بملف الترسيم موقفهم، على أن يعود مرة أخرى»، فيما كرر رئيس الجمهورية الحديث عن خيارات أخرى، في حال فشل التفاوض، من بينها «اللجوء الى التحكيم الدولي أو الاستعانة بخبراء دوليين».