صاحب الغبطة والنيافة البطريرك الكاردينال نصر الله بطرس صفير الكلي الطوبى (15 مايو 1920-)، البطريرك الماروني السادس والسبعون انتخب في 19 أبريل1986 خلفًا لأنطون بطرس خريش وقاد الكنيسة المارونية خمسًا وعشرين عامًا حتى استقالته بداعي التقدم بالسن، ليكون بذلك ثاني بطريرك يقدّم استقالته وقد خلفه منذ 25 مارس 2011 بشارة بطرس الراعي.
درس صفير اللاهوت والفلسفة في لبنان. في 7 أيّار 1950، سيم كاهناً، وعيّن خادما لرعيّة ريفون وأمين سرّ أبرشيّة دمشق (صربا اليوم) حتى 1956، حين عينه البطريرك المعوشي أمين سر البطريركية. رُفيّ للدرجة الأسقفية وعين نائباً بطريركياً عاماً في 16 تموز 1961. وكان عضوًا في اللجنة الأسقفية عام 1974 التي سيّرت شؤون البطريركية بسبب مرض البطريرك المعوشي. وعندما انتخب بطريركًا عام 1986 كانت الحرب الأهلية اللبنانية في أشدّها خصوصًا إثر حرب الجبل. لعب البطريرك صفير دورًا بارزًا في السياسة اللبنانية، فهو أولاً غطى اتفاق الطائف مانحًا إياه الشرعيّة المسيحية عام1989، وبالتالي ساهم البطريرك مع الرعاية الدولية المتمثلة بالولايات المتحدة والفاتيكان والرعاية العربية المتمثلة باللجنة الثلاثية التي كانت تضم السعودية والمغرب والجزائر بإنهاء الحرب؛ ثم في عام2000 رعى مصالحة الجبل مع وليد جنبلاط لإنهاء مفاعيل تهجير الجبل. كما أطلق في سبتمبر 2000 النداء الأول للمطارنة الموارنة الذين دعوا به لخروج القوات السوريّة من لبنان وهو ما تحقق فيأبريل 2005 ما دفع عددًا من الباحثين لاعتباره “عرّاب ثورة الأرز”. مواقف البطريرك السياسيّة المنسجمة مع بعض طروحات حركة 14 آذار أدت إلى توتر العلاقات مع بعض الأقطاب المارونية الأخرى فيلبنان كتيار المردة والتيار الوطني الحر فيما أسموه “انحياز بكركي”.
على الصعيد الكنسي إنجازات البطريرك عديدة أيضًا، فهو استحدث عددًا من الأبرشيات للاغتراب الماروني وأعاد تنظيم أبرشيات النطاق الأنطاكي، كما صدرت في حبريته نسخ جديدة لأغلب الرتب الطقسية المارونية، ومأسس الكنيسة من خلال استحداث عدد من المنظمات والجمعيات التي تعنى بالناحية الاجتماعية، كذلك فقد انعقد في حبريته “المجمع البطريركي الماروني” الذي ختم أعماله عام 2006وضمت توصياته أسس عمل الكنيسة في المستقبل؛ وأعلن خلال حبريته قداسة رفقا الريّس ونعمة الله الحرديني وتطويب يعقوب الكبوشي واسطفان نعمة.
على صعيد العلاقات الخارجية، كان للبطريرك علاقة مميزة مع المملكة الأردنية الهاشمية ودولة قطر ودولة مصر على وجه الخصوص، وكان له علاقات مميزة أيضًا مع الولايات المتحدة وفرنسا، أما بالنسبة إلى سوريا فقد كانت مواقف البطريرك من دورها في لبنانتؤثر سلبًا على العلاقة معها، وقد تمنّع عن زيارتها عدة مرّات مبررًا ذلك بالوضع الداخلي وبانعكاسات الزيارة على المعارضين للنفوذ السوري القائم آنذاك في لبنان.
بعد استقالته، ظلّ البطريرك مقيمًا في بكركي وعضوًا في مجمع أساقفة الكنيسة المارونية، متنحياً بالتالي عن رئاسة مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان،وكذلك كاردينالاً للكنيسة الجامعة وهو اللقب الذي منحه إياه يوحنا بولس الثاني عام 1994.