كتبت النهار
يُتابع المصدر السياسي اللبناني المهم والمطلع جداً على الكثير مما يدور في البلاد والمنطقة الكلام عن الاختراق “الاستعلامي” إذا جاز التعبير على هذا النحو الذي قامت ولا تزال تقوم به في لبنان إسرائيل والدول الكبرى الحليفة لها وفي مقدمها الولايات المتحدة. يقول: “إن الميل الى “العمالة” للعدو ولحلفائه ليس دائماً تعبيراً عن التزام بموقف سياسي ما من الداخل والخارج في آن واحد. فهو قد يكون نتيجة “حاجة” ماسّة الى المال في ظل الأوضاع الاقتصادية والنقدية التعيسة في لبنان. وقد يكون أيضاً عن جهل وعن قلّة معرفة، ذلك أن وسائل التواصل الاجتماعي والهاتف الخليوي أفسحا في المجال أمام كل عمليات التجسّس والاستخبار والمراقبة والمتابعة. طبعاً” يضيف المصدر نفسه “كان الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله محقاً في تحذيره بيئته ومقاتليه وهم من ضمنها كما المقيمون في منطقة المواجهة مع إسرائيل التي يزيد طولها عن مئة كيلومتر وسائر اللبنانيين في ظهور تلفزيوني أخير له من استعمال الهاتف الخليوي. لكن إضافة الى ذلك عليه كما على اللبنانيين كلهم أن يحذروا “العملاء” سواء الذين دخلوا هذه “المهنة” طمعاً بالمال أو من جرّاء الحاجة إليه أو عن قصر ومعرفة أو أخيراً عن جهل مُطبق بالإمكانات التجسّسية التي يمتلكها هذا الهاتف سواء للقيام بأعمال شريرة وغير وطنية أو بأعمال تفيد الناس وخصوصاً في أوقات حاجتهم”.
ماذا عن آموس هوكشتاين الموفد الخاص لرئيس الولايات المتحدة المكلّف مساعدة لبنان على حل “مشكلات” عدّة له مع إسرائيل. وقد فعل ذلك بإنجازه ترسيماً بحرياً بينهما بنجاح من دون أن يغيّر ذلك حال الحرب بينهما وقواعد الاشتباك بينها وبين “حزب الله”، كما من دون أن يفتح باب إعادة الهدنة بينهما التي وُقّعت عام 1949، علماً بأن فلسطينيي لبنان خرقوها في سبعينيات القرن الماضي. وقد تابع “حزب الله” والمقاومون اللبنانيون الذين سبقوه بعد احتلال إسرائيل قسماً مهماً من جنوب لبنان عام 1978 ثم اجتياحها إياه عام 1982، تابع حرب التحرير ضدها التي انتصر فيها عام 2000. هوكشتاين هذا” يجيب المصدر السياسي اللبناني المهم والمطلع جداً نفسه “انتقل الى مهمة أخرى كانت إعادة تثبيت الحدود بين لبنان وإسرائيل المرسّمة عام 1923 والمكرّسة في اتفاق الهدنة وتالياً تمكين الأول من استعادة الأراضي التي لا تزال تحتلها إسرائيل مثل مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والقسم اللبناني من قرية الغجر، وتصحيح نقاط في “الخط الأزرق” الذي اتُفق عليه برعاية الأمم المتحدة بعد تحرير جنوب لبنان.
لكن آخر اجتماع له مع رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو لم يكن ناجحاً. ذلك أن مهمته كانت العمل على وقف إطلاق النار أي الحرب بين إسرائيل و”حزب الله” التي بدأها الثاني في الثامن من أكتوبر الماضي دعماً لغزة و”حماسها” التي شنّت عليها إسرائيل وعلى شعبها الفلسطيني حرباً شرسة غير مسبوقة بعد “الطوفان” الذي استهدفها قبل يوم واحد وأذلّها أمام شعبها والعالم. إلا أن عدم النجاح المُشار إليه لا يعني أنه أوقف مساعيه. فهو مستمر بتكليف من رئيسه بايدن. ولعل ما يجعله يأمل النجاح هو إحجام “حزب الله” حتى الآن على الأقل عن استهداف محطة كاريش البحرية الإسرائيلية للغاز (جنوب لبنان) حفاظاً منه على اتفاق الترسيم البحري. وهذا موقف يمكن أن يساعد لاحقاً الموفد الرئاسي الأميركي في مهمة حل الخلافات الحدودية بين إسرائيل ولبنان عند توقف حرب الأولى على غزة. طبعاً لا يعني ذلك أن “محور الممانعة والمقاومة” في المنطقة الذي أسّسته إيران لم يتعرّض للمحطة المذكورة، إذ إن فصائل عراقية منه هاجمتها بالصواريخ لكنها لم تحوّل ذلك عملاً يومياً”.
هل يتعرّض لبنان لضربة إسرائيلية عسكرية كبيرة؟ يقول المصدر اللبناني السياسي والمطلع جداً نفسه “قد لا يتعرّض لحرب كبيرة واسعة وقاسية وعشوائية، إذ قد تختار إسرائيل على الأرجح أهدافاً عسكرية مهمة في جنوب لبنان وخارجه وتقصفها بكل أنواع الأسلحة التي تمتلك. وهذا عمل قد يتكرّر يومياً وقد يشمل مواقع خارج المنطقة المذكورة مثل الضاحية الجنوبية لبيروت وقد يستهدف مواقع أخرى في مناطق مختلفة بدأت إسرائيل تُلمّح الى أن فيها بنية عسكرية تحتية لـ”حزب الله”، فضلاً عن الجسور والمواقع الأساسية المهمة غير العسكرية. أما أحد أهداف نتنياهو في هذه “الحرب” فهو الانتقام من “حزب الله” وأمينه العام السيد حسن نصرالله لأنه تجرّأ على إعلان الحرب عليه وتنفيذها مستفيداً من “الطوفان” الذي ضرب هيبته شخصياً كما هيبة جيشه وأجهزته، ومن انشغاله بضرب “حماس” وشعب غزة عقاباً لهما على تجرّئها عليه وعلى بلاده وجيشها. بعد ذلك” يضيف المصدر السياسي اللبناني المطلع جداً نفسه “لا أحد يعرف ولا حتى “حزب الله” نفسه ربما من سيستغل حال الحرب في الجنوب على إسرائيل وحرب إسرائيل على لبنان لكي يفتح جبهة أو جبهات على حسابه. قد يكون هؤلاء لبنانيين وقد يكونون فلسطينيين أو من جنسيات أخرى أيضاً تنتمي الى “محور الممانعة والمقاومة”، والى المحاور المُشابهة له والمعادية له في آن واحد والمحاربة إيّاه في الشرق الأوسط وأيضاً خارجه”. ماذا عن مصر الرئيس السيسي، وماذا عن دورها في مواجهة ما قامت “حماس” في 7 أكتوبر الماضي وفي الرد البالغ القسوة الذي نفّذته إسرائيل عليها بعد 24 ساعة والذي لا يزال مستمراً حتى الآن؟ وماذا سيكون موقفها من عدوانية إسرائيل ورغبتها الكامنة في تهجير فلسطينيي غزة الى شبه جزيرة سيناء المصرية؟