تساءل رئيس مجلس النواب نبيه بري، في رسالة وجهها الى اللبنانيين، بمناسبة “عيد المقاومة والتحرير”، إلى أنّه “اذا لم تكن اللحظة التي تستعيد فيها الأمم والأوطان والشعوب سيادتها وتحرير ترابها وانسانها عيدا وطنيا، فمتى تكون الأعياد؟”.
وأشار إلى أنّ “الخامس والعشرين من أيار عام 2000 أبدا ليس لحظة عابرة في تاريخ، أو تأريخ عابر للحظة من عمر وطن! بل هو عبور لكل المحطات المضيئة التي كونت تاريخا للوطن وللأمة وللإنسانية، فصنعت المجد وعيد الأعياد. ولأنه كذلك وأكثر من ذلك بكثير!”.
ووجّه بري تحية اعتزاز وعرفان وتقدير إلى “الذين صنعوا هذا التاريخ العيد، وهذا المجد الوطني الإنساني الذي لا ولن يزول. تحية للقافلة الطويلة من الشهداء الذين منهم من قضى نحبه، والآلاف منهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا زودا عن ترابنا الوطني ودفاعا عن سيادتنا وصونا لكرامة الانسان، فاستحالوا أنجما وكواكب متلالئة تحرس السماء”.
وحيّا “المقاومين كل المقاومين على حدود الوطن، وعيونهم التي لا تنام ولسواعدهم القابضة على الزناد. وتحية لكل اللبنانيين في الشمال وشهبائه طرابلس، في البقاع أبجدية المقاومة الأولى وسهله المتدفق عطاء وتضحية وفي الجبل الأشم الشامخ بالوفاء والإباء في بيروت العاصمة والحاضنة للحلم والألم والأمل”.
كما وجّه تحيّة “للجنوب معجزة الجهات، للصامدين فيه الراسخين في قراه من الناقورة الى أعالي العرقوب وجبل الشيخ وقمم حرمون والبقاع الغربي وجزين والريحان وحاصبيا وقرى اقليمي الخروب والتفاح واقضية صيدا وصور مرجعيون وبنت جبيل والنبطية. تحية لكل هذه الارادات الوطنية التي توحدت وتضافرت وتكاملت فصنعت قبل 24 عاما ذلك التاريخ العيد”.
ولفت برّي إلى أنّ “الخامس والعشرين من أيار عام 2000 حجر الزاوية لحاضر لبنان ومستقبله في تحرير معظم أراضيه من الإحتلال الإسرائيلي، فاستوجب لتحقيق ذلك بأن يقدم اللبنانيون أغلى ما يملكون من فلذات الاكباد صمودا واستشهادا وتحملا للمسؤولية الوطنية، ليس من باب الترف أو خدمة لأجندات خارجية كما يحلو للبعض التوصيف خاطئا، إنما كان فعل ذلك ولا يزال إنطلاقا من الإيمان الراسخ والمطلق بأن مسؤولية الدفاع عن الأرض والسيادة والكرامة الوطنية، إذا ما تعرضت لإحتلال أو تهديد وتخلفت السلطات المعنية عن القيام بواجبها في هذا الإطار، فذلك لا يلغي ولا يسقط المسؤولية عن كاهل الشعب للقيام بهذا الواجب والدور، وهذا ما كان يجب أن يحصل لإنجاز تحرير وإسقاط مفاعيل الحروب والإجتياحات الإسرائيلية التي شنت على لبنان ولا تزال حتى الآن، بهدف إسقاطه كنموذج للتعايش ونقيض لعنصرية اسرائيل”.
وشدّد على أنّه “كما تحقيق ذلك الإنجاز كان مسؤولية وطنية سامية وجهدا جامعا، كذلك حفظه الآن والدفاع عنه في هذه المرحلة الراهنة التي تتعرض فيها المنطقة بأسرها ولبنان ضمنا، إنطلاقا من حرب الإبادة التي تشنها المستويات السياسية والأمنية والعسكرية الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية، وصولا الى العدوان التدميري والممنهج الذي يستهدف القرى الحدودية الجنوبية مع فلسطين المحتلة، يستدعي أيضا من كافة الأطراف والقوى السياسية إستحضار كل العناوين والمناخات الوطنية لحفظ الإنجازات التي تحققت في 25 من أيار عام 2000 والتي تحاول إسرائيل يائسة في حربها المكشوفة الاهداف التعويض عن هزائمها التي منيت بها في لبنان”.
وأكّد على العناوين التالية:
“أولا: نجدد التزامنا وتمسكنا بالقرار الأممي رقم 1701 ببنوده ومندرجاته كافة، وأن المسؤولية عن خرق هذا القرار منذ لحظة صدوره هي إسرائيل بأكثر من 30 الف خرق برا وبحرا وجوا، وبالتوازي فإن لبنان متمسك بحقه بالدفاع عن أرضه بالوسائل المتاحة كافّة في مواجهه العدوانية الاسرائيلية، ولإستكمال تحرير ما تبقى من أرضه المحتلة في تلال كفرشوبا ومزارع شبعا اللبنانية المحتلة والشطر الشمالي من قرية الغجر والنقاط الحدودية المتحفظ عليها مع فلسطين المحتلة؛ وصولا الى النقطة b1 عند رأس الناقورة.
ثانيا: إن لبنان منفتح للتعاون الإيجابي مع أي جهد دولي يهدف الى لجم العدوانية الاسرائيلية وأطماعها تجاه لبنان وثرواته وكيانه وحدوده البرية والبحرية والجوية، وهو غير مستعد للتفريط بأي حق من حقوقه السيادية. وفي الإطار نفسه نشدد على ضرورة تكثيف الجهود والمساعي الدولية والاقليمية لوقف حرب الإبادة التي تشنها اسرائيل على قطاع غزة، كمدخل أساس للحفاظ على الأمن والاستقرار في المنطقة بأسرها.
ثالثا: إن لبنان سيقاوم أي محاولة من أي جهة لفرض أي شكل من أشكال التوطين سواء للنازحين السوريين أو اللاجئين الفلسطينيين. وفي هذا الاطار، نجدد دعمنا للشعب الفلسطيني في مقاومته الباسلة لتحرير أرضه وتحقيق حلمه بالعودة وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، كما ندعو المجتمع الدولي لمقاربة ملف النزوح السوري مقاربة إنسانية بعيدا عن أي إستثمار لأغراض تهدد وحدة وسيادة الشقيقة سوريا. وندعو أيضًا الحكومة اللبنانية الى الإسراع في فتح قنوات التواصل مع الحكومة السورية، وتشكيل لجان مشتركة تحقق العودة الآمنة للنازحين الى وطنهم الأم.
رابعا: في الشأن الداخلي، نجدد الشكر والتقدير لكل المساعي الإقليمية والدولية التي تبذل لاسيما جهود اللجنة الخماسية الرامية لمساعدة لبنان على إنجاز استحقاقه الرئاسي، وهو جهد مقدر، لكنه يبقى من دون طائل إذا لم نبادر جميعا كقوى سياسية وكتل برلمانية لملاقاته في منتصف الطريق بالإحتكام لمنطق الحوار أو التوافق أو التشاور كلغة وحيدة فيما بيننا، دون إلغاء أو إقصاء لأي طرف أو تهميش لأي مؤسسة وخاصة المجلس النيابي؛ ودائما تحت سقف الدستور. فلنسارع إلى التقاط اللحظة الراهنة غدا قبل بعد الغد، إنقادا للبنان وصونا لعظيم ما بذله الشهداء من تضحيات في سبيل أن يبقى وطنا واحدا موحدا لجميع أبنائه”.