استقالت رئيسة جامعة كولومبيا في الولايات المتحدة الاميركية نعمت شفيق من منصبها بعد أشهر من الاحتجاجات الطلابية الغاضبة المناهضة لكيان الاحتلال الاسرائيلي والمساندة لغزة، وفقا لما ذكرته وسائل الإعلام الأميركية اليوم .
فقد تنحّت شفيق بعد عام واحد فقط من استلامها رئاسة الجامعة، والذي تميز باحتجاجات متواصلة، مناهضة لـ “إسرائيل” تم خلالها اعتقال مئات الطلاب.
وقالت شفيق، في رسالة منشورة على موقع الجامعة الرسمي: “أكتب إليكم بحزن لأخبركم أنني سأتنحى عن منصبي كرئيسة لجامعة كولومبيا اعتبارا من 14 أغسطس 2024”.
وأضافت: “كانت فترة من الاضطرابات، إذ كان من الصعب التغلب على تباين وجهات النظر في مجتمعنا”، وتابعت: “لقد كان لهذه الفترة أثر سلبي على أسرتي، كما كان الأمر بالنسبة لآخرين في مجتمعنا”.
وقالت: “خلال الصيف، تمكنت من التفكير وقررت أن مغادرتي في هذه المرحلة من شأنه أن يمكّن جامعة كولومبيا من التغلب على التحديات المقبلة”، مضيفة : “أقوم بهذا الإعلان الآن حتى يمكن تعيين قيادة جديدة قبل بدء الموسم الجديد”.
كما أشارت إلى أنه “كان من المحزن – بالنسبة للمجتمع، ولي كرئيسة، وعلى المستوى الشخصي – أن أجد نفسي وزملائي وطلابي عرضة للتهديدات والإساءات”، مشددة على أنه “يجب أن نفعل كل ما في وسعنا لمقاومة قوى الاستقطاب في مجتمعنا”
وواجهت شفيق دعوات متزايدة للاستقالة لأشهر عدة بسبب تعاملها مع الاحتجاجات التي اندلعت في أعقاب العدوان الإسرائيلي على غزة في السابع تشرين الأول والمجازر اليومية التي ارتكبها جيش الاحتلال بحق المدنيين المحاصرين في القطاع.
وكانت شفيق قد اتُهمت بـ”الإهمال الجسيم” أثناء الإدلاء بشهادتها أمام الكونغرس بعد رفضها القول ما إذا كانت عبارة “من النهر إلى البحر ستكون فلسطين حرة” يجب اعتبارها معادية للسامية.
وزعم منتقدون لشفيق أنها لم تقمع الاحتجاجات في الحرم الجامعي بشكل كاف حتى استولت معسكرات الخيام على حديقة مدرسة آيفي ليغ في الأسابيع التي سبقت التخرج، وفقا لصحيفة نيويورك بوست.
وتم اعتقال مئات الطلاب بتهمة التعدي على ممتلكات الغير لرفضهم فض خيام الاعتصام، لكن المظاهرات تصاعدت عندما استولى حشد على مبنى هاملتون هول الأكاديمي في أبريل/نيسان الماضي.
وتأتي استقالة شفيق بعد أسبوع واحد فقط من استقالة 3 عمداء جامعيين من كولومبيا في أعقاب الكشف عن سلسلة من الرسائل النصية التي وصفت بأنها “مزعجة للغاية” واتهموا على أثرها بـ”معاداة السامية”.
فمن هي نعمت شفيق؟
ولدت الدكتورة نعمت شفيق، المعروفة إعلامياً باسم “مينوش”، في محافظة الإسكندرية المصرية في 1962. وفي عام 1966، عندما كانت في الرابعة من عمرها، انتقلت مع أسرتها إلى الولايات المتحدة بعدما تعرضت ممتلكات العائلة للتأميم في عهد الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، وفق مصادر أكاديمية من جامعة كولوميبا.
واستقرت الأسرة بدايةً في سافانا بولاية جورجيا، حيث عاصرت نعمت خلال طفولتها أحداثاً واضطرابات اجتماعية وسياسية كبيرة في الولايات المتحدة، مثل حرب فيتنام وظهور حركة الحقوق المدنية.
التحقت “مينوش” بمدارس عدة في فلوريدا وجورجيا وكارولينا الشمالية خلال تلك الفترة. وتتحدث اللغتين الإنجليزية والعربية بطلاقة، وتحمل الجنسيات المصرية والبريطانية والأمريكية.
وفي عام 1983، تخرجت بدرجة امتياز مع مرتبة الشرف من جامعة ماساتشوستس –أمهيرست، حيث حصلت على بكالوريوس في الاقتصاد والسياسة.
لاحقاً أكملت دراساتها العليا في المملكة المتحدة، وحصلت على درجة الماجستير من كلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية في عام 1986، ثم على درجة الدكتوراة في الاقتصاد من كلية سانت أنتوني بجامعة أكسفورد في عام 1989
وفي عام 2002، تزوجت من عالم الأحياء الجزيئية رافائيل جوفين في واشنطن، وأنجبت منه طفلين توأم، إضافة إلى أنها أصبحت زوجة أب لثلاثة أبناء آخرين لزوجها من زواج سابق.
وبدأت نعمت شفيق مسيرتها المهنية بعد حصولها على الدكتوراه عام 1989، حيث عملت في البنك الدولي على قضايا تتعلق بأوروبا الشرقية بعد سقوط جدار برلين، وكانت أصغر نائب لرئيس البنك الدولي على الإطلاق، حيث كانت تبلغ من العمر 36 عاماً.
واستمرت شفيق في تولي مناصب قيادية في مؤسسات دولية، مثل دورها في وزارة التنمية الدولية في المملكة المتحدة خلال حملة “لنجعل من الفقر تاريخاً”، وصندوق النقد الدولي خلال أزمة الديون في منطقة اليورو، وأشرفت على برامج الصندوق في الشرق الأوسط.
وتولت أيضاً منصب نائب محافظ بنك إنجلترا، إذ كانت مسؤولة عن ميزانية عمومية حجمها 500 مليار دولار خلال فترة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
وفي عام 2017، عادت إلى الأوساط الأكاديمية كرئيسة لكلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية، ومن ثم أصبحت في يوليو/تموز 2023 أول امرأة تتولى رئاسة جامعة كولومبيا في نيويورك، وحينها وصفها رئيس مجلس أمناء الجامعة بأنها “المرشحة المثالية”.
في عام 2015، تم تصنيفها كواحدة من أقوى 100 امرأة في العالم من قِبل مجلة فوربس، وحازت بنفس العام على لقب “السيدة” من المملكة المتحدة في عام 2015، تقديراً لمساهماتها في مجال التنمية الاقتصادية.
كما حصلت على جائزة “قادة الصناعة الأوروبية رقم 100 في مجال التمويل” في عام 2019
شاهد أيضاً
نتانياهو: المفاوضات تتم الآن تحت النيران والقصف
اشار رئيس وزراء العدو الاسرائيلي بنيامين نتانياهو في كلمة امام الكنيست الاسرائيلي، الى ان “المفاوضات …