تحت عنوان ” “ضغوط” في واشنطن لمعاقبة الحكومة اللبنانية” كتب ثائر عباس في صحيفة “الشرق الأوسط” وقال:
رغم مرور المواجهة الإسرائيلية مع «حزب الله» في لبنان بأقل الخسائر الممكنة، بعد تلافي اتساع نطاقها، فإن الدبلوماسيين الأجانب في لبنان يراقبون الوضع عن كثب من منطلق أن الجمر ما زال تحت الرماد، وأن «مقومات المواجهة موجودة، وكل ما ينقصها خطأ في الحسابات أو التوقيت كما جرى في عام 2006».
ويقول مصدر دبلوماسي غربي لـ«الشرق الأوسط» إن شيئاً لم يتغير على أرض الواقع، موضحاً أن «هناك جيشين في لبنان؛ أحدهما غير شرعي وقراره من خارج الحدود، ويكفي أن يصدر من هناك الأمر، أو أن يتفلت بعض أعضاء الميليشيا من قيود قيادتهم لتتحول الأمور إلى مواجهة كبرى قد تؤدي بلبنان إلى ما لا يحمد عقباه». وأخذ بشدة على القيادات اللبنانية «تساهلها مع هذا الواقع الذي تقوم فيه دولة داخل الدولة، وتهدد المصالح الوطنية العليا وأمن لبنان واستقراره»، معدّاً أن «الخطوة الأولى هي الاعتراف بوجود مشكلة».
ونبّه المصدر إلى أن «هناك في واشنطن من يؤيد» فرض عقوبات على الحكومة اللبنانية، مشيراً إلى أن «ثمة نقاشاً كبيراً في الولايات المتحدة حول ذلك، وهناك من يضغط من أجل تصرف متشدد ما دام أداء القيادات اللبنانية لم يتغير».
ولفت إلى أن «واشنطن ترسل الإشارات للحكومة والشعب، بأن الأمور قد تذهب نحو الأسوأ، وقد وضعت نائبين على لائحة الإرهاب للمرة الأولى في إشارة واضحة الدلالات». ورأى أن على المسؤولين اللبنانيين «أن يعوا ذلك. حزب الله ليس منظمة سياسية، بل منظمة مسلحة متكاملة، وهذه المنظمة موجودة داخل حكومة لبنان وهذا ما يزيد من المخاطر».
وأكد أن العقوبات الأميركية «تسير في مسار واضح لا يريد المسؤولون اللبنانيون أن ينتبهوا إليه رغم التحذيرات الكثيرة التي صدرت عن الإدارة الأميركية في هذا الخصوص». وشدد على أن حركة العقوبات «ليست ضد الشيعة ومصارفهم وشخصياتهم، بل هي موجهة بالتحديد ضد حزب الله وأفراده وكل من يؤيده».
وأشار إلى أن «كل من يقدم الدعم للحزب قد يتعرض للعقوبات بغض النظر عن الانتماء السياسي أو الديني والمذهبي»، موضحاً أن هذا يشمل «كل أشكال الدعم، حتى الدعم السياسي… كل من يساعد هذه المنظمة معرض للعقوبات، سواء كان من النواب أو الوزراء أو كان مسلماً أو مسيحياً. لا توجد استثناءات».
غير أن المصدر شدد على أن الولايات المتحدة «تريد أفضل العلاقات مع لبنان»، معدّاً أن «كل الأحزاب اللبنانية تخلت عن السلاح الذي حملته خلال الحرب الأهلية، ما عدا واحد». ورأى أن «المنطق يقول إنه ستكون هناك مروحة أوسع من العقوبات، وهي ستتوسع شيئاً فشيئاً ما دام لم يحصل التغيير. وواشنطن تسعى بقوة إلى لفت انتباه المسؤولين اللبنانيين، لكنهم لا يعيرونها آذاناً صاغية للأسف».
وأضاف أن «الدول الغربية تفهم أن الحزب لن يتغير، وهي لا تتوقع أن يدخل الجيش اللبناني الضاحية الجنوبية لبيروت بالقوة، لكنها لا تريد صفر دولة هناك. المطلوب هو الحد من حراك حزب الله الهادف للسيطرة على لبنان، والحكومة والقيادات لم تفعل شيئاً لمنع الحزب من الحصول على أسلحة إضافية ومتطورة». ولفت إلى أن الرسالة «ليست القول للبنانيين أن يقوموا بحرب أهلية، لكن يجب عليهم القيام بشيء ما حيال هذا». وروى أن سفيرة غربية في بيروت زارت المسؤولين اللبنانيين عند اكتشاف إسرائيل الأنفاق التي أقامها «حزب الله» عبر الحدود، وسألتهم: ماذا ستفعلون؟، فكانت الإجابة: «لا نستطيع أن نفعل شيئاً».
وعدّ المصدر أن «للبنان إمكانات هائلة، لكننا إذا لم نقم بشيء فقد ينتهي الأمر بلبنان بأن يكون كإيران المثقلة بالعقوبات». وقال إن «الصبر ليس من غير حدود، والمؤشرات تقول ذلك»، معدّاً أن «أيام ركض المجتمع الدولي لنجدة لبنان ربما لن تنتهي، لكن الناس لم تعد تسرع لنجدته كما كانت تفعل في السابق».
ورفض مقولة إن «سلاح حزب الله يحمي لبنان»، قائلاً إن «حزب الله لا يستطيع أن يحمي لبنان، لكنه قد يجعل الأمور أصعب، ولو لم يكن هناك حزب الله لما هاجمت إسرائيل» لبنان. ورأى أنه «ليس مطلوباً أن يكون للبنان جيش قادر على مقارعة الجيوش الكبرى… لكن الجيش اللبناني يمتلك الإمكانات المطلوبة لأداء دوره». ونفى أن تكون واشنطن قد وضعت أي «فيتو» على تسليح الجيش اللبناني بأسلحة نوعية.