كادت حكومة الرئيس حسان دياب ترى النور يوم أمس الاثنين في 30 كانون الثاني، أي قبل 48 ساعة من نهاية سنة الأزمات الكبرى، لا سيما منها أزمات النقد والمال والغذاء والدواء والعمل والاستشفاء، فضلاً عن مصير النظام السياسي والمصرفي، وصولاً إلى الهدوء والاستقرار والأمن، وتثبيت السلم الأهلي، كادت ترى النور لولا بروز «عقدة العقد» منذ اليوم الأوّل لاستقالة حكومة الرئيس سعد الحريري في 29 ت1 الماضي..
وعلمت «اللواء» انه بعد ان أنهى «الثنائي الشيعي» (أمل – حزب الله) تمسكه بإعادة توزير كل من وزير الزراعة حسن اللقيس، ووزير الصحة جميل جبق، أصرّ فريق التيار الوطني الحر على توزير كل من الوزير سليم جريصاتي والوزيرة ندى البستاني، وفي وزارة الطاقة أيضاً.
والمثير للتساؤل: ما دام تيّار المستقبل، والحزب التقدمي الاشتراكي وحزب القوات اللبنانية اعربوا جهاراً ونهاراً انهم غير معنيين بالتأليف، لماذا اذاً، تتأخر العملية، وعلام يختلف المعنيون: الثنائي الشيعي، التيار الوطني الحر، والرئيس المكلف، ولماذا التأخر في الوفاء بالوعود؟!
مراوحة في الاتصالات
باستثناء تغريدة للرئيس المكلف دياب، نفى فيها ان يكون قد صدر عنه أي موقف أو كلام، وان كل ما ينشر على بعض وسائل التواصل الاجتماعي هو غير صحيح، لم يطرأ أي تطوّر جديد على صعيد مساعي تأليف الحكومة، وبقيت الاتصالات تراوح مكانها، لكن مصادر مطلعة أفادت مساءً بأن هناك حلحلة على مستوى تشكيل الحكومة، وان العقد المتبقية أصبحت قليلة جداً ويتم العمل على تذليلها.
وأشارت هذه المصادر إلى ان الرئيس المكلف بات في جيبه أكثر من نصف أسماء الوزراء الموافق عليهم وانه ما لم تحدث أي مفاجأة فإن ولادة الحكومة قد تتم في الأيام القليلة المقبلة بعد رأس السنة الجديدة.
معلوم ان أبرز الاشكاليات المطروحة، معالجة «طلبات» بعض القوى السياسية الإبقاء على بعض الوزراء المعتبرين من التكنوقراط من الحكومة السابقة، كالوزراء ندى البستاني في الطاقة، وجميل جبق في الصحة، وحسن اللقيس في الزراعة، وفق ما اشارت إليه «اللواء» أمس، لكن الجديد هو ان هذه المطالبات فتحت المجال لمطالبة حزب الطاشناق بالابقاء على وزير السياحة أفاديس كيدينيان، والعذر ان هؤلاء نجحوا في وزاراتهم وليسوا حزبيين.
وافادت معلومات «اللواء» ان الرئيس المكلف لا زال يفضل عدم توزير اي وزير سابق حتى لو كان غير حزبي، ومن ضمنهم الوزير سليم جريصاتي، وان دياب اختار وزيرين من الطائفة السنية وبقي لديه وزير ثالث سيختاره خلال الساعات المقبلة، ومن بين الاسماء المتداولة سنياً طارق المجذوب وعميد متقاعد من ال الحسن من عكار، كما تردد ان دياب وضع اربعة اسماء من الطائفة السنّية سيختار منهم ثلاثة، ويتوزعون بين بيروت وطرابلس وعكار وصيدا. فيما اعتذر آخرون عن قبول المنصب بسبب الجو السني الضاغط، اضافة الى حصة وازنة من النساء قد يفوق العدد الستة.
وفي حين كشفت المعلومات ان اسم شادي مسعد كنائب رئيس للحكومة ووزير للدفاع قد استبعد وحل مكانه الارثوذكسي وديع العبسي، نتيجة «الفيتو» الذي وضعه عليه الرئيس نبيه برّي، لاعتبارات تتصل بخوضه الانتخابات النيابية الأخيرة في الجنوب ضد لوائح حركة «أمل»، مرشحاً من «التيار الوطني الحر»، بقي اسم دميانوس قطار للخارجية ثابتاً، وكذلك غازي وزني للمالية والداخلية للعميد المتقاعد من آل الحسن، فيما علم أن بقية الوزراء المسيحيين سيتوزعون على القوى السياسية ذاتها، اي للرئيس عون و«التيار الحر» و«المردة» والطاشناق. كما ستبقى بعض الوزارات بيد القوى والطوائف ذاتها، أي الطاقة والمالية والزراعة والصحة والشباب والرياضة والاتصالات والاشغال والداخلية والدفاع والخارجية. ولم تحسم اسماء معظم وزراء هذه الحقائب بعد لكنها لن تشكل عقدة كبيرة امام التأليف.
لكن المصادر المتابعة للاتصالات اكدت ان الامور قابلة للمعالجة وسط إصرار من القوى السياسية التي سمت دياب على تسهيل مهمته وعدم وضع شروط تعجيزية، وانه خلال ايام قليلة ستتم معالجة التفاصيل التي تؤخر الاتفاق، بحيث تعلن الحكومة في الاسبوع الاول من الشهر المقبل بداية العام الجديد.
وبالنسبة للتمثيل الدرزي لم تحسم بعد الاسماء التي سيختارها الرئيس دياب بانتظار انتهاء اتصالاته مع القوى المعنية. كما لم تحسم الاسماء التي سيختارها من ممثلي الحراك الشعبي، الرافض بمعظمه لتركيبة حكومية تختارها القوى السياسية ذاتها.
وعرف من الأسماء المقترحة مختار سلطاني (للاتصالات)، وطارق مجذوب من صيدا، وعن الشيعة: عبد الحليم فضل الله، وشخص من آل الضاهر لتمثيل عكار، ومن الأسماء التي طرحت اسم ابن أحد المفتيين.
وعلمت «اللواء» ان اي تواصل بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف لم يسجل لكن ثمة معلومات انه سيزور اليوم قصر بعبدا، كما ان اي تواصل بين دياب والوزير جبران باسيل لم يحصل، لان الاخير موجود في اللقلوق وهو حريص على ابقاء مسافة بينه وبين الرئيس المكلف.
وقالت المصادر نفسها ان هناك تمثيلا نسائيا وليس بالضرورة ان يصل العدد الى 7، مشيرة الى ان لرئيس الجمهورية الحق في تسمية وزرائه كما ان لرئيس الحكومة الحق في تسمية مقربين منه على ان الاتفاق يبقى ساريا على وزراء نظيفي الكف ومن اصحاب الاختصاص.
وتردّد ان الرئيس المكلف التقى مساء أمس الخليلين في تلة الخياط (أي المعاون السياسي للرئيس برّي الوزير علي حسن خليل والمعاون السياسي للأمين العام لحزب الله الحاج حسين الخليل).
وكان وزير المال في حكومة تصريف الأعمال كشف في مقابلة مع «الميادين» ان النقاش جدي مع الرئيس دياب حول «الخيارات والاسماء»، واتفقنا على توزيع الوزارات وعلى الهيكل العام للتشكيل، ولا مشكلة اليوم ابداً مع دياب لا بالأسماء ولا بالحقائب.
وأكّد ان اسم دياب ليس للحرق أو الاستهلاك لقدوم اسم جدي، وقطع شوطاً وتواصل مع المعارضين والمؤيدين واستمع إلى الآراء والمقترحات، ونحن امام عملية جدية أكثر من أي وقت مضى.
وأوضح من المفترض ان تتشكل الحكومة قبل نهاية الأسبوع، إذا لم تطرأ متغيرات، واضاف: نحن ملتزمون بهذه الحكومة وسندعمها كما اننا سنكون بموقف المراقب والمحاسب.
وأكّد أيضاً ان الحريري طلب صلاحيات استثنائية لحكومته ونحن رفضنا الموضوع وأكدنا استعداد المجلس النيابي لمواكبة الحكومة بالتشريعات، من دون ان يكون هناك سماح بإعطاء صلاحيات استثنائية تضرب موقع ودور المجلس النيابي في الحياة السياسية.
ومن جهته، شدّد نائب الأمين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم على ضرورة تسهيل مهمة الرئيس المكلف في تأليف الحكومة، مؤكداً ان «اي محاولة لمحاصرة التكليف أو التأليف تهدف إلى إعادة لبنان إلى الفراغ، وهو عمل ضد مصلحة لبنان».
ولفت إلى ان الرئيس المكلف يمتلك الحكمة والنشاط المكثّف ووضوح الرؤية، وهو يحاول إنجاز التأليف في أقرب وقت، ولكن من الطبيعي ان يحتاج إلى بعض الوقت بسبب المروحة الواسعة من الاتصالات التي يجريها لتمثيل أوسع على المستوى السياسي والشعبي.
وقال: «من حق الرئيس المكلف ومسؤوليته أن يتشاور مع فئات المجتمع وسياسييه، ولكنه ليس مسؤولا أن يقف عند «فيتو» الرافضين الذين قرروا عدم المشاركة، هم يتحملون مسؤولية رفضهم، وهو مسؤول أن يقدم الحكومة التي توصل إليها بالتشاور مع رئيس الجمهورية إلى المجلس النيابي لنيل الثقة. إذا كان الخيار بين «فيتو» التعطيل وبين الحكومة فنحن مع الحكومة، وإذا كان الخيار بين الفوضى وبين البدء بالحل فنحن مع الحل، وإذا كان الخيار بين حكومة تصريف الأعمال التي لا تتابع أمور البلد ومشاكله وبين حكومة الفرصة للمعالجة والإصلاح فنحن مع حكومة الفرصة».
وادان الحزب في بيان له الغارات الجوية الأميركية على كتائب حزب الله في العراق، معتبراً «انها اعتداء سافر على سيادة العراق وأمنه واستقراره».
السفير الفرنسي
وسجل أيضاً في المواقف من موضوع تأليف الحكومة موقف لافت للسفير الفرنسي برونو فوشيه، الذي أمل في رسالة له لمناسبة السنة الجديدة، ان يتم تشكيل حكومة فعّالة وذات مصداقية على أسرع وجه ومن دون أي انتظار، ولتكن هذه الحكومة أيضاً تعبيراً عمّا سمع منذ 17 تشرين الأوّل في الشوارع وفي أماكن أخرى.
وأمل السفير فوشيه أيضاً ان تتمكن الحكومة الجديدة من اعتماد جميع الإصلاحات الاقتصادية التي يحتاجها لبنان لمواجهة التحديات الراهنة، من أجل مستقبله.
وختم رسالته بالتأكيد على ان فرنسا ستقف إلى جانب لبنان دائماً، كما كانت في الماضي باسم هذه الصداقة التاريخية التي حافظت عليها منذ 100 عام تقريباً.
إلى ذلك، سجلت بوادر حلحلة على الصعيد المالي لمواجهة الشح في الدولار، في حال تيسرت حلحلة لمشكلة السيولة في المصارف، إذ أصدر مصرف لبنان قراراً وسطياً طلب فيه من كل المؤسسات غير المصرفية التي تقوم بعملية التحاويل النقدية بالوسائل الالكترونية، ان تسدد قيمة أي تحويل نقدي الكتروني وارد إليها من الخارج بذات عملية التحويل، وذلك اعتباراً من الثامن من الشهر المقبل.
وفي تقدير مصادر مالية، ان هذا القرار من شأنه ان يوفّر سيولة بالعملات الأجنبية تفتقد اليها البلاد، بسبب توقف التحويلات من الخارج، كما انه يُشجّع الأموال الأجنبية بالمجيء مجدداً، بعد ان كان المصرف المركزي جمد هذه التحويلات، أو فرض صرفها بالليرة منذ حزيران الماضي.
وفي ملف الأموال المهربة إلى الخارج، برز تطوّر إيجابي، تمثل بطلب النائب العام التمييزي القاضي غسّان عويدات من القضاء السويسري وهيئة التحقيق الخاصة لدى مصرف لبنان، ولجنة الرقابة على المصارف، مساعدة قضائية لإيداعه معلومات عن مدى إجراء تحويلات مصرفية مالية مشبوهة من لبنان إلى الخارج قام بها سياسيون في الآونة الأخيرة، علماً أن التحويلات المالية غير المشبوهة لا يحظرها القانون.
وفي هذا الإطار، أفادت المعلومات أن القضاء استمع، الجمعة الفائت، إلى صحافي في المجال الاقتصادي كان تناول تحويلات مالية لتسعة مسؤولين في لبنان، مشيرة الى ان معلوماته مستقاة من مصادر صحافية غير مبنية على مستندات وتتناول تسعة مسؤولين، ولم يشر إلى وجود قاضيين من بينهم إنما اقتصر كلامه على وجود تسعة سياسيين.
وقالت المصادر نفسها إنّ لا شيء قانوناً يمنع من حصول تحويلات في حال حصلت، إلا في حال وجود شبهة، فإن الأمر يختلف وتجوز المتابعة القانونية لاستعادتها، لذا وجّه القااضي عويدات طلبات إلى السلطات السويسرية واللبنانية المختصة.
وكان الوزير خليل أكّد في المقابلة نفسها، المنوه عنها سابقاً ان التحويل حصل بدءاً من 1 ت1 2019.
وقال: هناك الكثير من الحسابات التي تمّ نقلها إلى الخارج من ت1، متسائلاً: لماذا أعطيت هذه الحسابات الأوّلية لكي تخرج من البلد على حساب صغار المودعين.
وأكد ان إجراءات المصارف غير مبررة وغير مفهومة، ونحن نتابع موضوع المخصصات إلى النهاية.
تزامناً، اعتصم عدد من شبان الحراك امام مبنى شركة «تاتش» للهاتف الخليوي، رداً على الاشكال الذي وقع امام منزل وزير الاتصالات في حكومة تصريف الأعمال محمّد شقير، ورفضاً لمشروع تجديد عقود شركتي الهاتف الخليوي «تاتش» و«ألفا» التي تنتهي في نهاية السنة الحالية، وتقدم المحتجون بإخبار إلى النائب العام المالي القاضي علي إبراهيم ضد الوزير المذكور في جرائم هدر المال العام ومخالفة قانون المحاسبة العمومية، متهمين الوزير بتهريب تمديدالعقود مع الشركتين خلافاً للقانون.
وعلى الأثر قرّر القاضي إبراهيم تسطير مذكرة عاجلة إلى ديوان المحاسبة لايداعه نسخة عن بعض المستندات التي يقتضيها التحقيق في إخبار مجموعات الحراك الشعبي ضد الوزير شقير الذي أعلن بدوره انه سيشارك في الجلسة الطارئة التي ستعقدها لجنة الإعلام والاتصالات النيابية اليوم لتقرير الموقف من مسألة تمديد عقود الخليوي، علماً ان الحراك يقترح تسليم عملية إدارة شبكة الهاتف الخليوي إلى وزارة الاتصالات، لمدة لا تتجاوز الستة أشهر، على ان تجري بعد ذلك مناقصة شفافة لتشغيل الشبكة الهاتفية.
من جهة ثانية، افيد عن قطع كورنيش المزرعة باتجاه البربير عند مسجد عبد الناصر بالاطارات المشتعلة والحاويات، احتجاجاً على إزالة القوى الأمنية صورة للرئيس المكلف دياب رفعها أهالي المنطقة وكتب عليها عبارة: «لا يمثلني».
وحصل توتر اثرها بين المعتصين والقوى الأمنية، قبل عودة حركة السير إلى الطريق المذكور لاحقاً.
تجدر الإشارة إلى ان مجموعات الحراك تنوي تنظيم سهرة ليلة رأس السنة في ساحة الشهداء، وقد اعد للغاية برنامج فني وثقافي مجاني للحضور.