كتبت “الأنباء الكويتية”:
العلاقة جيدة بين سعد الحريري ووليد جنبلاط.. التواصل موجود ومفتوح والتنسيق قائم منذ اللقاء في بيت الوسط الذي طوى صفحة الإشكالات والتوترات في فترة «شهر العسل» بين سعد الحريري وجبران باسيل، وفتح صفحة جديدة ظهرت بوادرها في خطاب الحريري يوم 14 شباط، وقد تضمن تحية خاصة الى «وليد بك».. هناك تشاور بين الرجلين بشأن كيفية التعاطي مع المرحلة الجديدة التي بدأت مع حكومة دياب، وهناك تفاهم واتفاق على 3 عناوين رئيسية تنطوي على 3 لاءات وهي:
1 ـ مهادنة وتحييد حزب الله في هذه المرحلة، «ولا استفزاز له ولا هجوم عليه»، بما في ذلك تحميله مسؤولية الأزمات الاقتصادية والصحية.
الرئيس الحريري يتفادى الاصطدام مع حزب الله، وقد عمم على تياره تفادي الدخول في مساجلات ومواجهات كلامية مع الحزب، وهو يفعل ذلك لسببين: الأول له صلة بالماضي القريب والمتوسط، حيث وقف حزب الله جانبه وظل متمسكا به بعد انتفاضة 17 اكتوبر وبعودته الى رئاسة الحكومة ولم ينقلب عليه ولم يطعنه.. والسبب الثاني له صلة بحسابات ومخاطر المستقبل. من جهة مسألة الصراع على السلطة وعودة الحريري ذات يوم الى رئاسة الحكومة وحاجته الى الحزب، وعدم قطع خيط العلاقة معه. ومن جهة ثانية مسألة التوتر السني ـ الشيعي الذي جرى ضبطه في زمن الربيع العربي ومازال يستوجب تفاهما وحوارا بين أكبر حزبين شيعي وسني في لبنان.
أما جنبلاط، فإن علاقته مع حزب الله قائمة والتواصل مستمر عبر قناة غازي العريضي ـ حسين الخليل، وحرصه على العلاقة ناجم عن ثلاثة أسباب رئيسية: ميزان القوى الداخلي الذي أوصل الى سيطرة حزب الله على السلطات والرئاسات، وخصوصية وضع الجبل الذي يحكمه تماس درزي ـ شيعي من جهات الضاحية والجنوب والبقاع، والتزام جنبلاط بموجبات العلاقة مع نبيه بري، وهي الثابتة الوحيدة وسط متغيرات جنبلاط وتقلباته.
2 ـ معارضة حكومة حسان دياب ووضعها في خانة واحدة مع عهد الرئيس ميشال عون، والتعاطي مع الحكومة على أنها جزء من العهد، خصوصا في ظل الانسجام الحاصل بين حسان دياب وميشال عون. نعم لمعارضة الحكومة ولا لإسقاطها.. التوجه عند الحريري وجنبلاط الى إعطاء الحكومة فرصة وعدم المبادرة الى إسقاطها مازال قائما، ولكن ما تغير هو التخلي عن سياسة التروي والتريث حيالها، والمبادرة الى فتح النار عليها وإطلاق مرحلة المعارضة ضدها.. من الواضح أن جنبلاط منزعج من «حسن العلاقة» بين دياب وعون، ومقابل إطلاق عون يد دياب في الملف الاقتصادي المالي وإعطائه ما يشبه تفويضا واسعا، هناك مراعاة من جانب دياب لرئيس الجمهورية في مسائل وملفات حساسة مثل ملف الكهرباء والتشكيلات القضائية.
أما انزعاج الحريري فله أسباب أخرى، أولها تمسك دياب بنظرية «الثلاثين عاما» الماضية ومسؤولية الحكومات المتعاقبة في الوصول الى الانهيار الحاصل، وحيث يعتبر تيار المستقبل أن مواظبة دياب على تحميل حقبة الثلاثين عاما الماضية وزر ما يحصل، يحمل في طياته اتهاما سياسيا لم يتحمله المستقبل عندما كان يصدر عن حزب الله والتيار الوطني الحر، فكيف يتحمله إذا صدر عن رئيس الحكومة «السني»، مع ما يحمله من أبعاد تخص الطائفة السنية ويمكن اعتمادها كل مرة يريد البعض إلصاق مسؤولية وتهمة التدهور بسياسات ما بعد الطائف والحريرية السياسية، وحتى الحريرية الاقتصادية، عندما يجري التعرض للنموذج الاقتصادي الذي بنته السياسات السابقة والترويج للنموذج البديل.
3 ـ معارضة «العهد» ولكن من دون الذهاب حاليا الى جبهة معارضة وطنية سياسية، وعدم الانخراط في مثل هذه الجبهة التي توحي بإحياء تحالف 14 آذار، لأن هذا التحالف نشأ في ظروف وموازين قوى داخلية وإقليمية لم تعد موجودة، ولأن الأرضية السياسية غير متوافرة لقيام جبهة كهذه، في ظل عدم التوافق مع الفريق المسيحي على كل عناوين المرحلة وأهدافها من الانتخابات المبكرة وقانون الانتخابات، الى الموقف من العهد والاستحقاق الرئاسي، الى حزب الله ودوره ومسؤولياته في هذه المرحلة.. يفضل الحريري وجنبلاط الإبقاء على التنسيق الثنائي بدل الدخول في علاقات متعددة الأطراف، وعلى أن يحتفظ كل منهما بهامش حركة ومناورة وموقف.