كتبت صحيفة “النهار”: لم يكن تراجع حدة الخطاب السياسي، أمس، بين أركان السلطة والقوى المعارضة لها من خارج الحكم، إلا بمثابة استراحة فرضتها عطلة الفصح عند الطوائف المسيحية التي تتّبع التقويم الشرقي، لتعود بعدها واعتباراً من الإثنين أجواء التصعيد. وستكون الجلسة النيابية التشريعية التي دعا إليها رئيس المجلس نبيه بري بدءاً من الثلثاء المقبل، محطة مفصلية من أجل بلورة مستوى التصعيد الذي يعتزم أركان المعارضة بلوغه، وما إذا كان سيصل إلى حد العمل على إطاحة الحكومة بالوسائل المحدودة المتاحة، أو سيقتصر على عملية إعادة تموضع واصطفاف،لا سيما وأن أوجه التصعيد لا تستهدف الحكومة على خلفية أدائها فحسب، وإنما القوى التي سمّتها ودعمتها، ولا تزال في مسار إرساء مقاربات اقتصادية ومالية تناقض النظام القائم، وتخالف الدستور، وتزيد من عزلة لبنان العربية والدولية.
وأمام المشهد الذي ارتسم في الأيام القليلة الماضية انطلاقاً من المواقف العالية النبرة لكل من رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، بدت الحكومة أسيرة داعميها ومعارضيها على السواء.
فإلى جانب المعارضة التي بدأت تتبلور ملامحها، وإن لم تحسم بعد إذا ما كانت ستضم حلفاء الحلف الآذاري السابق، أي الحريري وجنبلاط ورئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع الذي استقبل قبل يومين وفداً جنبلاطياً، تعاني الحكومة من تفكك بين المكونات الداعمة لها، ولا سيما على محور بري- “التيار الوطني الحر”، فيما لم تعد أزمة كورونا وإجراءات الحجر، قادرة على إلزام اللبنانيين منازلهم بعدما باتت الضغوط المالية والمعيشية تفوق طاقتهم على الاحتمال. فالدولار الأميركي لا يزال يسجل ارتفاعاً رغم إعلان نقابة الصيارفة بعد لقائها وزير الداخلية محمد فهمي تأييدها توحيد سعر الصرف في المصارف والصرافين، فيما لا يزال المواطنون يتفاعلون سلباً مع ما أوردته مسودة الخطة الحكومية في شأن اقتطاع جزء من الودائع. وقد حضر هذا الموضوع على طاولة كتلة التنمية والتحرير برئاسة الرئيس بري، أمس، حيث جددت رفضها “مطلقاً أي خطط أو برامج قد تستهدف ودائع اللبنانيين وأموالهم في المصارف”. وطالبت الحكومة بفتح تحقيق سريع لكشف حقيقة ما يحصل حول الارتفاع الجنوني لسعر الدولار، وإنزال العقوبة القصوى بالأفراد أو الجهات التي تقف وراء ارتكاب هذه الجريمة”، معتبرة أن استمرار هذا الانفلات سيضع لبنان على شفير هاوية لا تحمد عقباها.
ورأت أن “على الحكومة أن تبادر نحو تشكيل الأجهزة الرقابية لمكافحة الفساد والقيام بإصلاحات حقيقية تزيل العبء عن مالية الدولة وفي مقدمها ملف الكهرباء من خلال المبادرة إلى تعيين الهيئة الناظمة ومجلس الإدارة”. وإذ دعت “وزارة الاقتصاد ومصلحة حماية المستهلك إلى المسارعة لاتخاذ الإجراءات الرادعة والحاسمة بحق المتلاعبين بأسعار السلع الاستهلاكية”، غرّد وزير الاقتصاد والتجارة راوول نعمة أن “الوقت الآن ليس للمؤامرات ولا للمناكفات السياسية الرخيصة. نحن أمام أزمة اقتصادية ومالية موروثة وأزمة صحية مستجدة تهدد بلدنا ووجودنا. المعارضة الصادقة مرحب بها لأنها بنّاءة وفعالة في هذه الأزمة. أما المعارضة لغايات سياسية فغير بنّاءة تغرق لبنان واللبنانيين وتعرّضهم لخطر أكبر”.
المصدر:
- النهار