لم يَحسم رئيسُ “تيار المرده” النائب السابق سليمان فرنجية قرارَ مشاركتهِ شخصيًا في اجتماع بعبدا لإطلاع الكتل النيابية ورؤساء الأحزاب على عناوين البرنامج الماليّ والاصلاحيّ للحكومة.
مجرّد تسريب خبر حول توجّهِ فرنجية لإيفاد النائب فريد هيكل الخازن لتمثيل “التكتل الوطني”، مستبعدًا حتّى حضور النائب طوني فرنجية، أثار استياء رئاسة الجمهورية، فيما تفيد المعلومات أنَّ “حزب الله” دخل فورًا على الخط في محاولةٍ لإقناع فرنجية بالحضور شخصيًا.
وانعكسَ ذلك بشكلٍ أوضح من خلال دعوة أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله الى “المشاركة في اجتماع بعبدا والتعاطي الإيجابي لكلِّ الكتل معه وإبداء الملاحظات”، مؤكّدًا “أن لا أحد يدّعي أنّها خطّة مُنزلة لا تُمسّ، والحكومة مُنفتحة على النقاش والتعديل”. موقفٌ يجعل من جميع الممثلين في الحكومة ضيوفًا حتميين في بعبدا يومَ غدٍ الأربعاء.
من جِهتها، تولَّت دوائرُ القصر الجمهوري إعادة تذكير المدعوين الى اجتماع الأربعاء بأنَّ الدعوات شخصيّة ولقيادات الصفّ الأول، وإعتذار الجهة المعنيّة لا يخوّلها إيفاد من يمثّلها. وهذا يعني، باستثناء الرئيس سعد الحريري الذي رفض أصلًا إرسال ممثل عنه، بأنَّ المعتذرين ومن بينهم النائب السابق وليد جنبلاط والرئيس نجيب ميقاتي، غير مخوّلين تسمية نواب آخرين للمشاركة في الجلسة. وفي حال إعلان النائب سامي الجميّل ورئيس حزب القوات اللبنانية عدم مشاركتهما شخصيًا، فستبقى مقاعدهما فارغة، علمًا أنّ المعلومات ترجّح انضمامهما الى اللقاء!
“حيثيّة” فرنجية لا تُشبه هنا أيّ طرف آخر مُعارض، لا سعد الحريري ولا وليد جنبلاط “المُهادِن”، ولا سمير جعجع، ولا نجيب ميقاتي، ولا سامي الجميّل. هؤلاء يصطفّون من خارج السراي في خندق واحد ضد الحكومة والعهد، فيما رئيس “تيار المرده” لديه حصّته داخل الحكومة الممثّلة بالوزيرَيْن ميشال النجّار ولميا الدويهي، ومَنحَ الغطاء السياسيّ لخطّة الحكومة، وخطوطه غير مقطوعةٍ بالكامل مع رئيس الجمهورية، بل مع باسيل.
مع ذلك، لم يتوانَ فرنجية عند أول مطبّ عن التلويح بإستقالة وزيرَيْه إعتراضًا على استئثار جبران باسيل بالحصّة المسيحية في التعيينات الماليّة وقدّم دفعة أولى على الحساب من خلال غياب وزيرَيْه عن جلسة التعيينات. وهو مشروع “مَشكل مؤجّل” الى جلسات وزارية أخرى حين يُفرَج عن سلّة التعيينات، ويَستبطن بذور خلافٍ أكبر بكثيرٍ محوره الصراع “الأزليّ” بين سليمان فرنجية وجبران باسيل، بوصفه أحد ألغام الحكومة حاليًا… ورئاسة الجمهورية على المدى القريب.
ويقول مُطلعون أنَّ الموقفَ التلقائيّ الذي عبّر عنه فرنجية بعدم حضور اجتماع بعبدا شخصيًا ومسارعته الى اختيار ممثله في اللقاء، أملاه أيضاً إنزعاجه من أسلوب مقاربة ملف الفيول المغشوش والآداء المُريب برأيه لمدّعي عام جبل لبنان القاضية غادة عون، والمسار الذي بدأ يتّضح لناحية تحميل المسؤوليات حتى قبل انتهاء التحقيقات، ومن ضمن ذلك توجيه أصابع الاتهام الى بنشعي عبر الإدانة المُسبقة لمدير منشآت النفط سركيس حليس المحسوب على فرنجية وإصدار مذكّرة توقيف غيابيّة بحقِّه من ضمن أربع مذكراتِ توقيفٍ أخرى، مع محاولة للتعميّة على الحقائق من خلال حَجب أيّ مسؤولية لوزراء التيار الوطني الحر المتعاقبين على وزارة الطاقة. وهذا أمرٌ تقول أوساط “المرده” أنّه لن يتمّ السكوت عنه”.
ليس صراع فرنجية-باسيل سوى جولة من ضمن جولاتِ التصفيات النهائيّة للقيادات المارونية قبل الوصول الى حلبة الرئاسة. أصلًا عنوان وجود “المرده” داخل الحكومة قام على أمرَيْن أساسيَّين: منع باسيل من الاستئثار بالحصّة الحكومية، والحضور”الضروريّ” في قلب المشهد الحكومي من ضمن مستلزمات إثبات الوجود، وإلّا لكان سليمان فرنجية رأس حربة المواجهة ضدّ العهد ورموزه.
على الأرجحِ، وبناءً على دفعة الدّعم الصريحة من السيد نصرالله للحكومة وخطّتها الإنقاذية بما في ذلك الذهاب نحو خيار الاستعانة بصندوق النقد الدولي، سيَحضرُ فرنجية اجتماع بعبدا بعد إنقطاع دامَ نحو ثمانية أشهر بعد مشاركته في اللقاء الذي دعا اليه رئيس الجمهورية رؤساء الكتل النيابية ورؤساء الأحزاب في أيلول الماضي قبل شهرين من استقالة الرئيس سعد الحريري.
يحدثُ ذلك في ظلِّ حرصٍ من جانبِ حزب الله على بقاء العلاقة بين فرنجية وبعبدا تحت السيطرة، من دونِ القدرة العمليّة على تغيير رأي باسيل وفرنجية ببعضهما البعض والحدّ من إمكانية سقوط قواعد اللعبة بأي لحظة
ليبانون ديبايت”- ملاك عقيل