تحت عنوان: “الصرّافون عادوا: خطة لخفض تدريجي للدولار”، كتبت رنى سعرتي في صحيفة “الجمهورية”: عقدت نقابة الصرافين اجتماعاً امس، عشية فتح ابواب مؤسسات الصيرفة اليوم، لتحديد آليات العمل التي سيتمّ اتّباعها بالنسبة لعمليات بيع وشراء الدولارات، وصولاً الى خفض سعر الصرف تدريجياً الى 3200 ليرة مقابل الدولار.
يستأنف الصرافون عملهم من جديد اليوم، بعد اضراب دام أسابيع عدة، وذلك وفقاً للآلية التي تمّ الاتفاق عليها خلال اجتماع نقابة الصرافين مع رئيس الحكومة حسان دياب وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة ووزير المالية غازي وزنة، والتي تقضي باعتماد سعر صرف عند 4000 ليرة مقابل الدولار لفترة تمتدّ بين 15 يوماً وشهر، الى حين نفاد دولارات الصرافين التي سبق ان اشتروها وفقاً لمعدلات سعر مرتفعة، وصولاً لتثبيت سعر الصرف عند حوالى 3200 ليرة، وهو السعر المستهدف لمصرف لبنان.
فهل ستنجح خطة الحكومة ومصرف لبنان بالتعاون مع نقابة الصرافين؟ وهل يمكن ضبط سعر الصرف في السوق الموازية وخصوصاً في السوق السوداء، في ظلّ استمرار حجم الطلب المرتفع على الدولار؟
الاكيد انّ خروج مستوردي المواد الغذائية الاساسية، المُدرجة ضمن السلة الاستهلاكية التي حدّدها مصرف لبنان مع وزارة الاقتصاد، من سوق الصيرفة بسبب تأمين مصرف لبنان دولاراتهم بسعر 3200 ليرة للدولار، سيخفّف الضغط على سوق الصيرفة، بحوالى 60 الى 70 مليون دولار شهرياً، وهي القيمة المقدّرة لحجم التحويلات المالية عبر شركات التحويل. إلّا انّ هؤلاء لن يقلّصوا حجم الطلب على الدولار في سوق الصيرفة بنسبة كبيرة، لأنّ ما سيؤمّنه لهم مصرف لبنان لن يكون كافياً لتلبية حجم الاستهلاك المحلي من المواد الغذائية الاساسية، وهو معرّض للانخفاض مع تراجع حجم التحويلات عبر تلك الشركات.
وبالتالي، سيضطر هؤلاء، بالاضافة الى مستوردي باقي المواد الغذائية والاستهلاكية، وكافة التجار والصناعيين، الى الاستمرار في الاعتماد على سوق الصرف الموازية، إن كانت سوق الصيرفة ام السوق السوداء، من اجل تأمين دولارات الاستيراد.
وبالتالي، قد يكون من الصعب جداً النجاح في خفض سعر الصرف في السوق الموازية من أكثر من 4000 الى 3200 ليرة كما هو مقرّر، حتى في حال قام مصرف لبنان بالتدخّل في السوق عبر ضخ كميات قليلة من الدولارات وفقاً لمخططاته، أو في حال بدأ العمل بالمنصّة الالكترونية التي تهدف الى تحديد وتثبيت سعر المعروض من الدولار في السوق والمقدَّر اليوم بحوالى 5 ملايين دولار يومياً، أي 150 مليون دولار شهرياً، علماً انّ حاجة السوق تبلغ حالياً حوالى 600 مليون دولار شهرياً متراجعة من حوالى مليار دولار في السابق.
وفيما تبقى الـ 100 مليار دولار مُجمّدة في المصارف، ويستمر انعدام تدفق الاموال الى لبنان إن من السياحة او التحويلات المالية على شكل ودائع، سيظلّ المعروض من الدولار في السوق ضيئلاً، وسيبقى الدولار مفقوداً، لا بسعر الـ3200 ليرة ولا بسعر الـ4000 ليرة، وفقاً لما سبق واكّده الرئيس السابق للجنة الرقابة على المصارف سمير حمود لـ»الجمهورية»، والذي اكّد انّ مصرف لبنان يقوم بتدخّلات في السوق النقدية، رغم درايته انّ الطلب على الدولار يفوق اضعاف العرض، وبالتالي لا يملك موازنة العرض مع الطلب في المدى المنظور.
حلاوي
اما بالنسبة لآلية عمل الصرافين التي سيتمّ اعتمادها بدءاً من اليوم، اوضح النقيب السابق للصرافين محمود حلاوي لـ«الجمهورية»، انه تمّ الاتفاق خلال اجتماع السرايا، على البدء باعتماد سعر الصرف المتداول في السوق حالياً، اي عند 4000 ليرة لشراء الدولار و4025 ليرة لبيعه، على ان يتمّ خفض هذا السعر تدريجياً بنسبة معيّنة يومياً، مع التزام كافة الصرافين المرخّصين بالسعر الذي ستعلنه النقابة يومياً.
وقال، انّ «الاتفاق الذي تمّ التوصّل اليه مع رئاسة الحكومة ومصرف لبنان سيتزامن مع تنفيذ حملة امنية واسّعة لقمع الصرافين غير المرخصين والقضاء على السوق السوداء».
وشدّد حلاوي على انّه لن يكون هناك سقف لكميات الدولارات المسموح شرائها بالنسبة لكل مواطن، بل فقط وفقاً للمعروض منها يومياً، «لكن الصرافين لن يتمكنوا من بيع الدولارات بما يفوق طاقتهم، وبالتالي سنقوم ببيع الدولارات التي سنشتريها يوميا فقط، وذلك لمن يثبت بالمستندات الرسمية حاجته الجدّية لها، إن كان التجار بهدف الاستيراد او الافراد الذين يريدون تحويل الاموال لابنائهم في الخارج او دفع اي اقساط متوجبة بالدولار».
ورداً على سؤال، اكّد انّ مصرف لبنان وعدهم بدعم الصرافين عبر ضخ الدولارات في السوق، عندما ينجح الصرّافون في خفض سعر الصرف في السوق الموازية الى 3200 ليرة، «حينها سيتدخّل مصرف لبنان للحفاظ على هذا السعر، على اعتبار انّ العرض يمكن ان يتراجع لدى الصرافين عند تراجع سعر الصرف الى 3200 ليرة».
وقال حلاوي، انّ الظروف الاستثنائية تحتاج الى تدابير استثنائية «علماً اننا نعي ان قوّة السوق يتحكّم بها العرض والطلب، ولا يمكن خفض سعر الصرف إلّا في حال تمّ ضخ سيولة كبيرة في السوق. لكننا سنعمل على خفض سعر الصرف بمؤازرة القوى الامنية، التي وعد وزير الداخلية انّه سيتشدّد في توقيف الصرافين غير الشرعيين، لكي لا يكون هناك بديل امام المواطنين. وبالتالي، سيكون تراجع سعر الصرف رهناً بالقضاء على السوق السوداء».