علمت صحيفة “الجمهورية” انّ “حركة المشاورات الخارجية التي تجري بوتيرة سريعة وبحماسة فرنسية لافتة، ويحاول فيها الطبّاخ الخارجي إنضاج الطبخة واستجماع عناصرها الفرنسيّة والاميركية والسعودية وكذلك الايرانية، تتواكَب في الداخل مع حركة مكثّفة بعيداً عن الاضواء لتليين المواقف، تقوم بها جهات مسؤولة تزكّي تسمية رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري لرئاسة الحكومة، في اتجاه بيت الوسط، وكذلك في اتجاه جهات سياسية يشوب موقفها لبس أو غموض حيال هذه التسمية.
وبحسب معلومات “الجمهورية”، فإنّ الاشارات الخارجية التي ترد الى المستويات السياسية في لبنان، تشير الى انّ النقاش الجاري يتمحور حول أمرين، “الأول، مساعدة اللبنانيين على تجاوز المحنة التي يمرّون فيها، وكذلك مساعدتهم على إنجاز الملف الحكومي، وتشكيل حكومة جديدة تحظى بأوسع توافق لبناني عليها، في أسرع وقت ممكن، تتولى مهمة احتواء آثار الانفجار الرهيب الذي حصل في مرفأ بيروت، وتوفير المعالجات اللازمة للأزمة الاقتصادية والمالية في هذا البلد، وإجراء الاصلاحات العميقة التي تتطلّبها مختلف القطاعات والمرافق في الدولة، وفي مقدمها مكافحة الفساد، بما يلبّي تطلعات ومطالبات مختلف فئات الشعب اللبناني. أما الثاني، مساعدة اللبنانيين، على أن تكون على رأس الحكومة الجديدة، شخصية توافقية، لها حضورها وثقلها. وبحسب تلك الاشارات، فإنه حتى الآن لم يحسم اسم تلك الشخصية، فالنقاش الجاري حول هذا الامر محصور بعدد محدود جداً من الأسماء، ولكن لا يمكن إدراجها كلّها في خانة الجدية”.
وأوضحت أن “ما تلفت اليه تلك الاشارات، وآخرها ورد قبل وقت قصير جداً، هو انّ اسم الرئيس سعد الحريري ما زال يتصدّر هذه الاسماء – كأفضلية – بوَصفه الشخصية الأكثر ملاءمة من سائر المرشحين المفترضين لتشكيل حكومة في هذه المرحلة، أيّاً كان شكل الحكومة: حكومة وحدة وطنية تتمثل فيها كل الاطراف، او حكومة وحدة وطنية بأوسع تمثيل فيها، او حكومة مختلطة تكنوسياسية، أو حكومة اختصاصيين، او اي حكومة يتم التوافق على شكلها ومضمونها بين القوى السياسية اللبنانية، بالاستفادة من التجارب الحكومية السابقة، بحيث يُستفاد من السلبيات ونقاط الفشل والإخفاق، وتُبنى على الايجابيات المقاربات الجديّة للأزمة اللبنانية، بالحلول والعلاجات المطلوبة، وفي مقدمها الاصلاحات التي صارت أمراً حتمياً، وفرضَتها تطورات الازمة في لبنان، القاعدة الاساس للعمل ونقطة الارتكاز لأي حكومة مقبلة”.
والبارز في تلك الاشارات، بحسب المصادر، هو انّ “المشاورات الخارجية ليست محكومة لزمن مفتوح، بل انّ الطبّاخين الخارجيين للحكومة، ووفق ما تبلّغت جهات لبنانية رفيعة المستوى، يُسابقون الوقت من جهتهم، ويغلّبون المنحى الايجابي على تلك المشاورات، وربطاً بهذه الايجابية، فهم يجزمون بأنّ مهمتهم ستخلص في وقت ليس ببعيد الى حسم اسم شخصية تحظى بتوافق اللبنانيين عليها، والمسألة مسألة ايام قليلة، خصوصاً انّ أجندة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون وفريق عمله محصورة حالياً ببند أساسي هو لبنان، وانه وضع كل ثقله وهيبته في هذا الملف، لِحسمه قبل زيارته الى بيروت مطلع ايلول المقبل، ذلك انّ عدم حسم التكليف على الاقل، قبل هذه الزيارة، سيشكّل ضربة معنوية كبرى للرئيس الفرنسي وهيبته، ومن شأن ذلك، إذا حصل، أن يدفع بالملف الحكومي برمّته الى تعقيد كبير لن يكون من السهل إعادة التقاطه وفَكفكة عقده، وهذا معناه المزيد من الانتظار، وفترة طويلة من تصريف الاعمال في ظل حكومة مستقيلة، والنتيجة الاكيدة لهذا الاخفاق، المزيد من السلبيات في الازمة الاقتصادية والمالية التي يعانيها لبنان”.
وتحدثت معلومات عن انّ “جهات لبنانية مصنّفة في خانة الحليفة للحريري، تحاول ان تدخل على خط المشاورات الخارجية، عبر قنوات سياسية وديبلوماسية، لقطع الطريق امام الحريري وتزكية أسماء بديلة منه. وأشار مرجع سياسي بحديث للصحيفة، إلى أنه “مع الأسف، هناك جهات لبنانية مصرّة على ان تعمل لغير مصلحة لبنان ولا تكترث للبنان، وللحال الذي وصل إليها. لقد حلّت فينا كارثة كبرى فوق الكارثة الاقتصادية والمالية التي نعانيها، ومع ذلك يأتي من يحاول التشويش لمنع التوافق، وقطع الطريق على تشكيل حكومة تلمّ البلد، وتُعيد جمع شمل كل اللبنانيين. إنّ مصلحة لبنان هي في تشكيل الحكومة في أقرب وقت، ومصلحة لبنان ايضاً هي في أن يترأسها الحريري”.
الجمهورية