حركة سياسية مكوكية غربية – عربية وعلى اعلى المستويات، يشهدها لبنان منذ إنفجار مرفأ بيروت، تترافق مع دخول حاملات الطائرات والبوارج والجيوش الغربية المنتشرة على المرفأ المدمّر، كل هذا الاهتمام الدولي بلبنان، الذي يعاني على مدى عقود من ازمات وتفجيرات وحروب، إنطلق منذ ايام بقوة خلال حضور الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الى العاصمة، فكرّت سبحة زيارات المسؤولين الغربييّن والاوروبييّن والعرب، في توقيت مناسب يحمل عنوان إعادة إعمار المرفأ والمناطق المدمّرة، وتوزيع المساعدات على الاهالي المنكوبين.
لكن وسط هذه المشاهد، ثمة مخاوف من تواجد كل هؤلاء في توقيت حساس، ما يطرح اسئلة حول حساباتهم السياسية ووجود مصالح استراتيجية خاصة بهم، لان كل هذا سيظهر بالتأكيد لاحقاً، لاننا إعتدنا ألا نحصل على مساعدة أي دولة، إلا مقابل نيلها المصالح على حسابنا اولاً واخيراً.
مصادر سياسية مطلعة ترى في كل هذا إجتياحاً غير معروف لغاية اليوم، فتارة نجده ايجابياً وتارة اخرى تسيطر عليه الاجواء السلبية، لان تلك الدبلوماسيات دخلت تحت عنوان تقديم كل انواع المساعدات والإشراف على توزيعها، فضلاً عن المساعدة في التحقيق في ملف الانفجار والى ما هنالك، معتبرةً بأن ما يجري ليس سوى خارطة طريق طويلة الامد، لتحقيق المساعي الدولية وتقسيم اهدافها بين تلك الدول، وصولاً الى تسوية سيكون ثمنها كبيراً وخطيراً على حساب لبنان واللبنانيين، لافتة الى انها لا تستبعد حصول عمليات إغتيال في هذه المرحلة، لان الاشهر المرتقبة صعبة وهنالك مسار جديد في السياسة اللبنانية.
واشارت هذه المصادر الى ان زيارات المسؤولين الاميركييّن الى لبنان ستتواصل، وهنالك زيارة مرتقبة لديفيد شنيكر، كما انّ مجيء وزيرة الجيوش الفرنسية واعلانها عن وصول 700 جندي الى بيروت، تطرح سؤالاً: « فهل هنالك وصاية جديدة على لبنان بعد كل الوصايات التي عايشناها؟، مبدية إستياءها الشديد مما يحصل، لان الاميركي بصورة خاصة لا يقدّم شيئاً ألا مقابل حصوله على أشياء كثيرة، لان مصلحته الخاصة فوق كل اعتبار، كما ان الفرنسي يريد دوراً له في منطقة الشرق الاوسط، خصوصاً في لبنان البلد الفرنكوفوني الذي يهم فرنسا، كما ان الرئيس ماكرون يريد تسريع الحل قبل انتهاء مدته الرئاسية، والمهم لديه نجاحه في مهمة دولية خارجية تسجّل لفرنسا انتصاراً دبلوماسياً كدولة من خلاله كرئيس، ولفتت الى حل سيُفرض على لبنان لإراحة اسرائيل، من خلال تنفيذ الشروط الدولية والتنازلات وإلا الفوضى، من هنا يستحضرنا التهديد الاميركي في العام 1988 على لسان المساعد الأسبق لوزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط ريتشارد مورفي ومقولته الشهيرة «اما مخايل الضاهر او الفوضى»، والهدف اليوم محاولة القضاء على جهة معينة في لبنان.
واعتبرت المصادر المذكورة بأنّ الوصول الى هذا المسار الجديد، سيفرض المرور في توترات وتقلبات سياسية وامنية خطرة، لان البلاد ستدخل في المجهول لغاية نهاية العام الجاري، والحسابات عديدة فهنالك تصعيد بين الدول المتواجدة اليوم في لبنان، فإلى التصعيد بين إيران وأميركا، هنالك تصعيد بين فرنسا وتركيا محوره الوضع في لبنان، وهذا سيساهم في تدويل الازمة بصورة اسرع.
واشارت المصادر الى انّ الضغوط الاميركية مستمرة، وهي لم تعد تقتصر على تشكيل الحكومة او ترسيم الحدود، فهناك أيضاً مطالبة أميركية بسيطرة قوات الطوارئ الدولية على الحدود بين لبنان والعدو الاسرائيلي، وإزاحة وجود حزب الله من تلك المناطق، فضلاً عن تلويح الجانب الاميركي بعقوبات ستطال حلفاء الحزب، في حال لم يؤيدوا المسعى الدولي الذي تجاريهم فيه الدول العربية المؤيدة للادارة الاميركية.
صونيا رزق – الديار