نشرت وكالة “الأناضول” التركية تقريراً تحت عنوان “تطبيع الإمارات.. هل يقوي ميناء حيفا على حساب مرفأ بيروت؟”، تطرقت فيه إلى تداعيات توقيع وقعت شركة موانئ دبي العالمية، سلسلة اتفاقات مع شركة “دوفرتاور” الإسرائيلية، تشمل التقدم بعرض مشترك لخصخصة ميناء حيفا، المطل على البحر المتوسط، وهو واحد من ميناءين رئيسيين في الأراضي المحتلة.
وأوضح التقرير أنّ مرفأ بيروت لعب دورا بارزا خلال العقود الماضية، حتى بات ميناء بحريا أساسيا، يخدم العمليات التجارية كافة، من النفط وحركات الركاب والبضائع، وربط الدول الأوروبية والشرق أوسطية والخليجية في آن واحد. وتابع التقرير: “إلا أنه في الفترة الأخيرة، تكالبت عليه الأزمات، لا سيما بعد وقوع الانفجار الكارثي، في 4 آب الماضي، الذي قدرت خسائره بأكثر من 15 مليار دولار، بحسب أرقام رسمية غير نهائية، ما أثر بشكل مباشر على سير العمل فيه. إضافة إلى ذلك، طرحت تغيرات طرأت في الآونة الأخيرة علامات استفهام عدة، لا سيما بعد توقيع الإمارات اتفاقية للتطبيع مع إسرائيل، ما أثار خشية من سحب البساط من تحت مرفأ بيروت، لمصلحة ميناء حيفا في الأراضي الفلسطينية المحتلة”.
وكتبت الوكالة: “في 16 أيلول الجاري، وقعت شركة موانئ دبي العالمية، سلسلة اتفاقات مع شركة “دوفرتاور” الإسرائيلية، تشمل التقدم بعرض مشترك لخصخصة ميناء حيفا، المطل على البحر المتوسط، وهو واحد من ميناءين رئيسيين في الأراضي المحتلة. وقالت موانئ دبي، في بيان، إنها ستدخل في شراكة مع مجموعة إسرائيلية لتقديم عرض، من أجل أحد الميناءين الرئيسيين في إسرائيل، وستدرس فتح خط شحن مباشر بين الإمارات وإسرائيل. وتغطي مذكرات التفاهم مجالات تعاون، تشمل قيام “موانئ دبي العالمية” بتقييم تطوير الموانئ الإسرائيلية، وكذلك تطوير مناطق حرة، وإمكانية إنشاء خط ملاحي مباشر بين ميناءي إيلات وجبل علي. كما تشمل مساهمة “جمارك دبي” في تسهيل التجارة بين المؤسسات الخاصة من الجانبين، واستكشاف فرص العمل مع أحواض بناء وإصلاح السفن الإسرائيلية على مبدأ المشاريع المشتركة”.
وفي تعليقه، قال النائب وهبة قاطيشا: “المصالحة بين إسرائيل وبعض الدول الخليجية، قادرة على أن تفتح الباب على ميناء حيفا، خاصة أنه أقرب جغرافيا إلى الدول الخليجية”، مضيفاً إن “إسرائيل لها إمكانيات واسعة لناحية تجهيز ميناء حيفا وطرقاته والتعامل معه، من خلال الشركات الأجنبية وتسهيل تبادل الحاويات، هذه التسهيلات تقابلها تعقيدات وخلافات في لبنان وسط غياب أي رؤية مستقبلية”.
وشدد قاطيشا على أنّ “هناك احتمالا أن يخف دور مرفأ بيروت، في حال قررت الدول العربية أن تأخذ مرفأ حيفا لها بابا ثانيا، لا سيما أن باب الشرق محصور بثلاثة مرافئ، وهي حيفا وبيروت وطرابلس”.
من جانبه، قال المحلل في الشؤون الشرق أوسطية سامي نادر: “التطبيع الذي حصل بين الدول الخليجية وإسرائيل سيشكل تحديا، وإن هذه المنافسة يجب أن تدفع لبنان إلى إعادة تحديد دوره”، مبيناً أنّه “سيترتب على مرفأ بيروت خسائر، إذا لم تُحدد له وجهة جديدة، وانطلاقة خطط اقتصادية جديدة”.
أما الخبير الاستراتيجي ناجي ملاعب، فاعتبر أن تضرر مرفأ بيروت، بسبب الانفتاح العربي على إسرائيل والتطبيع معها، “هو سياسي بامتياز”. وقال ملاعب إنّ “المرفأ تضرر جراء الانفجار، لكنه أعيد للعمل بنسبة 70 بالمئة، لأن غالبية الحاويات والحاملات لم تتضرر، والرصيف المهم ما زلا عاملا”. الأزمة من وجهة نظر ملاعب، هي “الانفتاح العربي على إسرائيل وبداية التطبيع، وهذا ما قد يتضرر منه مرفأ بيروت، خاصة إن حل مكانه ميناء حيفا”، محذراً من عمل إسرائيل على سكة حديد بين تل أبيب وإيلات، إذ قال: “هذه السكة تعيد النمو إلى ميناء حيفا بشكل كبير”. وتستهدف إسرائيل من إحياء ميناء حيفا بالشراكة مع الإمارات، بحسب ملاعب، “مد خطوط النفط البرية من الإمارات عبر السعودية، والأردن إلى إسرائيل، حيث سيكون ميناء حيفا هو الذي ينقل هذا النفط”.
في المقابل، رأى المدير العام لإدارة واستثمار مرفأ بيروت باسم القيسي، أن المرفأ سيتأثر إيجابيا من تطوير ميناء حيفا، لأنه سيكون هناك منافسة. وأضاف: “مرفأ بيروت هو العاشر في حوض البحر المتوسط، وهو لن يفقد قيمته رغم الاتفاقيات (بين الإمارات وإسرائيل)، لأنه لا أحد يستطيع الاستغناء عنه”، متابعاً: “لدينا ميزات في مرفأ بيروت وأسعارنا جيدة مناسبة ومنافسة، وهناك خطط لتطوير المرفأ، وتوسيعه في الوقت المناسب”.
من جهته، أقر الخبير الاقتصادي باتريك مارديني، بأن “عملية التطبيع تعطي منفذا لدول الخليج على التجارة عبر المتوسط، عن طريق ميناء حيفا الذي يشكل المنافس الأبرز لمرفأ بيروت ولقناة السويس”. وأوضح: “ميناء حيفا قادر على تأمين خدمات التبادل التجاري لدول المنطقة، خاصة مع العمل على سكة حديد تربط ميناء حيفا بدول الخليج”، محملاً مسؤولية تراجع مرفأ بيروت إلى “سوء إدارته”، وعازيا ذلك إلى “الفساد المستشري والتعقيدات (في المرفأ)، رغم عمقه والأحواض الممتازة فيه”.
وأضاف ماريني أن “لبنان يحتل المرتبة الـ143 دوليا، من أصل 190 دولة، على مقياس سهولة التجارة الدولية (لعام 2020)، وبالتالي أحد أهم أسباب تخلفه في التجارة الدولية هو سوء الإدارة”.
وعن الحلول الاقتصادية المطروحة، رأى مارديني، أنه “على الدولة أن تفتح المرافئ اللبنانية على نظام الـBOO”.
و”BOO” اختصار لعبارة “BUILD OWN AND OPERATE”، وتعني “البناء/ التملك/ التشغيل، وهو نظام يتيح للحكومة إنشاء مشروعات بالشراكة مع مستثمرين من القطاع الخاص.
وختم مارديني بالقول إن “هناك شركات أجنبية مهتمة جدا بشرائه (مرفأ بيروت)، خصوصا وأن في الأساس المرفأ أسسته شركة خاصة، وعام 1960 الدولة استعادته وقررت أن يكون قطاعا عاما”.