الرئيسية / مقالات / مشروع قانون في الكونغرس يعاقب المصارف “في مناطق حزب الله”: خطوة أميركية نحو تقسيم لبنان؟

مشروع قانون في الكونغرس يعاقب المصارف “في مناطق حزب الله”: خطوة أميركية نحو تقسيم لبنان؟

كتبت ميسم رزق في صحيفة ” الأخبار ” تقول : يسعى نواب أميركيون الى ابتكار نوع جديد من العقوبات على المقاومة ‏وبيئتها، ذات طبيعة تقسيمية للبنان. وهذه العقوبات، التي لا تزال اقتراح ‏قانون في مجلس النواب الأميركي، تسعى الى “عزل مناطق تابعة لنفوذ ‏الحزب” وجعلها خالية من المصارف، وقطع تواصل أي مصارف عاملة ‏في هذه المناطق مع النظام المصرفي العالمي

 

 

يُثير تجدّد الحديث أسبوعياً، عن فرض عقوبات أميركية أو تشديدها على أصدقاء وحلفاء حزب الله في لبنان، تساؤلات ‏عديدة حول المستهدف في المرة المقبلة. لكن ما يجِب التوقف عنده هذه المرة هو طبيعة هذه العقوبات التي يسعى نواب ‏في الكونغرس الأميركي الى تطوير فعاليتها السياسية بما يخدم مشروع العزل الذي تسعى واشنطن إلى تنفيذه بحق ‏المقاومة وبيئتها. فبعد معاقبة عدد من المؤسسات والأفراد، تسعى جهات في الولايات المتحدة الأميركية إلى ابتكار نوع ‏جديد من العقوبات تستهدف هذه المرة كامل البيئة اللبنانية المؤيدة لحزب الله، والمناطق الجغرافية التي للحزب وجود ‏شعبي فيها. فقد تقدّم أخيراً، رئيس لجنة الشؤون الخارجية والأمن القومي في مجلس النواب الأميركي النائب جو ‏ويلسون، بمشروع قانون بعنوان‎ The Hezbollah Money Laundering Prevention Act of 2020 . ‎يهدف ‏هذا المشروع إلى “وقف أنشطة غسيل الأموال التي يقوم بها الحزب في جميع أنحاء العالم”، محدداً المثلث الحدودي ‏في أميركا اللاتينية، بين البرازيل والباراغواي والأرجنتين. أما خطورته، فتكمن في تحديد منطقة جنوب لبنان “التي ‏يسيطر عليها الحزب”. ويشير الاقتراح الى ما يسميه “المصارف الصديقة للحزب في هذه المنطقة” التي ستكون ‏تحت مرمى العقوبات، وهذا يعني أن تصبح منطقة جنوب لبنان خالية من أي مصرف، إذ لن يجرؤ أي مصرف ــــ ‏في حال صدور هذا القانون ــــ على إبقاء فروع له في المناطق التي تصنفها واشنطن مناطق “خاضعة لسيطرة حزب ‏الله”، خوفاً من العقوبات. هذا المشروع يدعمه 12 نائباً أميركياً من الحزب الجمهوري، ويقول ويلسون إنه “يعزل ‏المصارف في المناطق الخاضعة لسيطرة هذه الجماعة الإرهابية”. ولا تكمن خطورة المشروع حصراً في كونه مقدمة ‏لعزل منطقة لبنانية عن باقي المناطق، بل تتعدى ذلك إلى أنه أول إشارة رسمية عن نيات أميركية بتقسيم لبنان، ليس ‏بشكل دستوري أو قانوني، وإنما بالممارسة والتعامل. وهو ما ستوفره المصارف التي لطالما كانت “مَلَكية أكثر من ‏الملك”، إذ لم تكتفِ بتنفيذ العقوبات بحق الأشخاص الذين تقرر أميركا معاقبتهم، لا بل تذهب أكثر في محاصرتهم عبر ‏استهداف عائلاتهم وأقاربهم ومن يمتّ إليهم بصلة، من دون أن يكون مشمولاً بأي عقوبة أميركية‎.

 

 

ومع أن الولايات المتحدة تعرف جيداً أن لا علاقة لحزب الله بالقطاع المصرفي، إلا أنها لم تتوقف عن فرض ‏عقوبات على مصارف بحجة أنها تابعة له. وفي اقتراح القانون الأميركي الجديد، تعبير جديد هو “المصارف ‏الصديقة للحزب”. وسيكون هذا الوصف سيفاً مصلتاً على المصارف، لدفعها إلى تقديم المزيد من التنازلات ‏والمعلومات إلى واشنطن. كذلك يسمح هذا التصنيف للولايات المتحدة بتكرار تجربة “جمّال ترست بنك” الذي ‏‏”أعدمته” وزارة الخزانة الأميركية عام 2019، ما شكّل “صاعقاً” لبدء الانهيار في القطاع المالي، بعدما كانت ‏عوامل هذا الانهيار قد تراكمت على مدى أعوام. وهذا السيف سيكون مشهَراً في وجه المصارف، كما في وجه ‏الدولة اللبنانية برمّتها‎.

 

 

صحيح أن الاقتراح لا يزال بحاجة إلى وقت ومشاورات قبل إقراره، ولا تُعرف بعد صيغته لجهة كون الإدارة ‏الأميركية ملزمة بتطبيقه فوراً أو أن في مقدورها عدم الالتزام به، إلا أن مجرد تقديم الاقتراح، وتبنّيه من قبل 12 ‏نائباً جمهورياً، يدل على وجود نية لدى الممسكين بملف لبنان في واشنطن ببدء ممارسة “الضغوط القصوى” ‏على حزب الله وبيئته، أسوة بالضغوط الممارسة على كوبا وفنزويلا وإيران وسوريا، لجهة إقرار عقوبات ‏جماعية على عموم المواطنين، بذريعة معاقبة جهة سياسية أو شخصيات أو “نظام”. فالنائب الذي تقدّم بالاقتراح ‏ليس شخصاً هامشياً في الكونغرس، بل هو عضو في اللجنة الفرعية المختصة بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا ‏والإرهاب العالمي، المنبثقة عن لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأميركي. كما أنه رئيس فريق عمل ‏الشؤون الخارجية والأمن القومي في لجنة للنواب الجمهوريين المحافظين‎.

لفكرة التقسيم التي يحملها المشروع بين سطوره أرض خصبة وجوّ ممهّد لها‎.‎

 

 

على سبيل المثال، المقال الذي نشرته مجلّة “فورين بوليسي” بعنوان “التقسيم هو الحلّ الأفضل لمشاكل لبنان ‏المتراكمة” وأعدّه الباحث الرئيس في “مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية” في العاصمة السعودية ‏الرياض، جوزيف كيشيشيان، رأى أنّ “التقسيم خيار جاد من شأنه أن يساعد في تجنب الأخطاء المتكررة التي ‏ميّزت لبنان إلى حد كبير خلال القرن الماضي‎” (‎راجع، “الأخبار”، 21 أيلول 2020، مقال “”الحل التقسيمي” ‏في لبنان‎”). ‎وأضاف إن “من الواضح تماماً أنه بينما يشترك اللبنانيون في السمات المشتركة، إلا أنهم لا ‏يستطيعون الاتفاق على الحريات السياسية والاجتماعية الأساسية، والتي لا يمكن الحفاظ عليها إلا من خلال ميثاق ‏سياسي جديد”. ولا شك أن رؤية كيشيشيان للحل ليست تعبيراً عن وجهة نظر مستقلة، وأنّها تعبير عن سياسة ‏جهات معينة، سواء في الإدارة الأميركية، كما في الحُكم السعودي. أما في لبنان، فقد عاد الحديث عن التقسيم من ‏باب السلاح، ولم يعد البعض يجد حرجاً يحول دون التلويح به، وآخرهم النائب السابق بطرس حرب الذي قال في ‏حديث تلفزيوني أخيراً إنه “في حال استمرار بعض الفئات بفرض رأيها بالسلاح أو ببعض القوى أو المحاور، ‏فإن هذه الفئة تدفع فئة من اللبنانيين المتمسكين بلبنان الواحد إلى أن يكفروا به. الاستمرار السياسي بالشكل الذي ‏نسير عليه سيؤدي إلى تقسيم لبنان‎”.‎

شاهد أيضاً

قصّة إنهيار البورصة العالمية وارتباطها بالتحديات الجيوسياسية

  إستفاق العالم على خبر إنهيار في البورصات العالمية، نتيجة الخوف المستجد من تباطؤ الاقتصاد …