بات بناء شبكة أمان اجتماعي فعّالة، وهو مطلب المجتمع الدولي، أمراً ملحّاً وأولوية لأي حكومة جديدة تعتزم تطبيق برنامج إنقاذ للخروج من الأزمة الحالية وسط تأمين حماية للطبقة الفقيرة بعد أن تخطّى الفقر في لبنان نسبة 60 في المئة، وبلوغ نسبة المصنّفين تحت خط الفقر المدقع 25 في المئة من سكان لبنان.
حَثّ البنك الدولي لبنان، في آخر تقرير له، على جعل حماية السكان الاكثر فقراً أولوية، مشيراً إلى أنّ انكماش الناتج المحلي الاجمالي الحقيقي للفرد الواحد في لبنان بالاضافة إلى مستويات التضخم المرتفعة المسجلة خلال العام 2020 سيؤدّي إلى ارتفاع كبير في مستويات الفقر، وهو ما سيؤثر على كل طبقات المجتمع اللبناني بسبب فقدان العمالة المنتجة، وتراجع القدرة الشرائيّة الحقيقيّة، وغيرها من الامور.
في هذا الاطار، أوضح المشرف العام على خطة لبنان للاستجابة للأزمة في وزارة الشؤون الاجتماعية، عاصم أبي علي، انّ الوزارة في طور تحديث قاعدة البيانات data base القائمة ضمن برنامج دعم الأسَر الاكثر فقراً، بالتعاون مع البنك الدولي والاتحاد الاوروبي وبرنامج الغذاء العالمي، بالاضافة الى البيانات الواردة عبر منصة البلديات والتي تمّ إطلاقها منذ اشهر بعد تفشّي أزمة كورونا.
وأشار لـ«الجمهورية» الى انّ تلك البيانات مجتمعة سيتم التحقق منها من خلال زيارات ميدانية سيقوم بها العمال الاجتماعيون في الوزارة، «وسنستعين بشركة خاصة بالشراكة مع البنك الدولي لدعمنا في التحقّق من قاعدة البيانات التي تضمّ مئات الآلاف، من اجل إتمام تلك المهمّة في وقت قصير وضمان جهوزيتها في حال حصول لبنان على تمويل إضافي لزيادة عدد المستفيدين من برنامج دعم الأسَر الاكثر فقراً، وفي حال تمّ رفع الدعم عن السلع الاساسية».
وشرحَ أبي علي انّ برنامج دعم الأسر الاكثر فقراً يضمّ حالياً 43 الف أسرة، إلّا انّ عدد المستفيدين من البطاقات الغذائية يبلغ فقط 15 ألفاً، «ونسعى حاليّاً لإشراك الـ28 ألف أسرة المتبقية والمشمولة في البرنامج في عملية الدعم، حيث نقوم بالتدقيق في بياناتها وإجراء زيارات ميدانية لملء استمارات تعكس واقعها المعيشي»، كاشفاً انّ هناك إمكانية لرفع عدد الأسر ضمن البرنامج الى 55 ألف أسرة عبر ضَم أشخاص جدد يتقدمون بطلبات لدى مراكز وزارة الشؤون الاجتماعية للحصول على دعم برنامج الأسر الاكثر فقراً.
وشدّد على انّ الوزارة تستهدف دعم الاسر الاكثر فقراً، بالاضافة الى معايير اخرى كالفئات المهمّشة من ذوي الاحتياجات الخاصة، او الذين يعانون امراضاً مزمنة وذوي الاحتياجات الكبيرة والامكانيات القليلة او العائلات التي تعيلها امرأة، موضحاً انّ الوزارة لا تملك بيانات حول الذين فقدوا وظائفهم جراء الأزمة الاقتصادية لِضَمّهم الى البرنامج لأنّ معاييرها تعتمد فقط على الفقر ولا تملك إمكانيات مادية كبيرة لتوسيع مروحة المستفيدين.
وحول مصادر التمويل أكد أبي علي انها متوافرة عبر الاتحاد الاوروبي، المانيا، ايطاليا والنروج وهي تكفي لمساعدة 55 ألف أسرة بدءاً من نهاية العام الحالي ولغاية شباط 2022، وهي عبارة عن بطاقات تموينية بقيمة 100 ألف ليرة للفرد الواحد تخوّله شراء حاجات غذائية أساسية من نقاط بيع محددة يبلغ عددها 460 موزّعة على كافة الاراضي اللبنانية. وشرحَ انّ البطاقات توزّع على عدد افراد الاسرة الواحدة بحدّ اقصى يبلغ 600 الف ليرة للاسرة الواحدة شهرياً. ولفت الى انّ الوزارة أعدّت بالتعاون مع البنك الدولي نظاماً إلكترونياً للرقابة والتدقيق والشكاوى يخوّل تَعَقب الاخطاء واعتراضات المواطنين، وسيتم اطلاق خط ساخن لتلقّي الشكاوى.
وفي حين انّ عدد الأسر المُستهدَف دعمها يبقى متواضعاً مقارنة مع عدد الاسر المصنفة تحت خط الفقر المدقع والمقدّرة بأكثر من 200 ألف أسرة، قال أبي علي: «إنّ دعم 55 الف أسرة لن يكون كافياً، ولهذا السبب كنّا قد بدأنا التفاوض مع البنك الدولي قبل استقالة الحكومة من اجل الحصول على تمويل اضافي لزيادة عدد المستفيدين عبر قرض يخوّلنا دعم 220 ألف أسرة اضافية، إلا انّ استقالة الحكومة وانفجار المرفأ عطّلا تلك المفاوضات، ونعمل حالياً على اعادة إحيائها من اجل ان تواكبها الحكومة الجديدة».
وفي هذا الاطار اكد أبي علي انّ وزارة الشؤون الاجتماعية كانت تعمل على بناء منظومة حماية اجتماعية بالتعاون مع الادارات المعنية والمنظمات الدولية والمجتمع المدني، وكانت تعقد اجتماعات أسبوعية للخروج بخطة شاملة واستراتيجية متكاملة للحماية الاجتماعية، إلا ان انفجار المرفأ واستقالة الحكومة عطّلا هذا المسعى حيث انسحبت الجهات المعنيّة من المفاوضات لاعتقادها انّ الحكومة المستقيلة غير قادرة على اتخاذ قرار بالحماية الاجتماعية. وأوضح انه قام مؤخراً بتفعيل تلك المفاوضات عبر حَث المجتمع الدولي متابعة الاجتماعات، باعتبار انّ اي حكومة جديدة لا تملك تَرف الوقت لإعادة بناء استراتيجية جديدة، وبالتالي عليها ان تستكمل مسعى الوزارة السابقة.