الرئيسية / مقالات / الفرنسيون إلى “الخطة ب”: أتركوا لبنان ينهار

الفرنسيون إلى “الخطة ب”: أتركوا لبنان ينهار

كتبت كريستال خوري في “أساس ميديا”:
عاد الموفد الفرنسي باتريك دوريل إلى بلاده بعدما أودع آخر رسائله وتحذيراته المسؤولين اللبنانيين على أمل إيقاظ ضمائرهم وحسّهم الوطني ودفعهم إلى ترك بعض أنانيتهم وجشعهم، والسير بالمشروع الإصلاحي لضمان ضخّ بعض الأوكسيجين المالي في شرايين الأزمة الآخذة في التفاقم.
جلّ ما حاول الدبلوماسي الفرنسي فعله، هو تذكير الطبقة السياسية بأنّ المهل الزمنية باتت ضاغطة لا تحتمل ترف المناورات العبثية التي لا تغيّر في الأساس، خصوصاً أنّ قواعد التعامل مع لبنان تبدّلت لا سيما في ما يخصّ حقائب أساسية يُعنى بها الفرنسيون بشكل مباشر لارتباطها بمشاريع سيدر. وهذا ما بيّنه دور “شيخ الصلح” الذي حاول دوريل لعبه بين رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري ورئيس التيار الوطني الحرّ جبران باسيل، كما سبق لموقع “أساس” أن كشفه. ما يثبت أنّ العامل الشخصي يحتلّ جانباً أساسياً في عرقلة المشاورات أسوة بمحطات سابقة في تاريخ العلاقة الثنائية بين الرجلين.
جلّ ما حاول الدبلوماسي الفرنسي فعله، هو تذكير الطبقة السياسية بأنّ المهل الزمنية باتت ضاغطة لا تحتمل ترف المناورات العبثية، خصوصاً أنّ قواعد التعامل مع لبنان تبدّلت
اللافت، وفق المواكبين، هو أنّ الفرنسيين باتوا يميلون إلى خيار “الارتطام”. بمعنى ترك “التايتنيك” اللبنانية تغرق بمن فيها، خصوصاً وأنّ محاولتهم الترقيعية تصطدم بواقع خلافات القوى السياسية حول حصصهم ومواقع نفوذهم!
يكشف هؤلاء عن فريق فرنسي يعتقد أنّ “آخر الدواء الكيّ”. ولذا، لم يعد مجدياً التعاطي مع الأطراف اللبنانية بمنطق النصح والتعاون، وصار لا بدّ من ترك بركان الأزمة ينفجر، فيطيح بكلّ ما هو قائم، ويصير من السهل إعادة ترتيب الوضع “على نظافة”.
في الواقع، يُنتظر أن يقصد الحريري قصر بعبدا للقاء رئيس الجمهورية ميشال عون واستكمال النقاش. لكنّ المعنيين كلّهم عاجزون عن رسم صورة متفائلة تساهم في تسجيل أيّ خرق في المرمى الحكومي. وهذا ما يدفع إلى طرح سلسلة تساؤلات:
– ما هي الخطة التي يضعها العهد ومعه التيار الوطني الحرّ لمواجهة الانهيار الكامل الذي بات احتمالاً قوياً يصعب الهروب من قدره؟ وما هي استراتيجيته لفكّ الحصار الدولي؟ فإذا كان يعتمد منطق الصمود بانتظار تطوّرات خارجية، فقد تبيّن أنّ انتقال الحكم في البيت الأبيض من دونالد ترامب إلى جو بايدن لن يحدث تغييراً سريعاً في ما خصّ الملف اللبناني. وقد يضطر لبنان إلى انتظار أشهر طويلة إضافية قبل بلورة الصورة الإقليمية، فيما الارتطام المالي سيكون سريعاً وتدميرياً خصوصاً إذا ما صدق حاكم مصرف لبنان في تحذيراته من إمكانية وقف الدعم نهاية العام الحالي، ما يعني أنّ الفوضى الاجتماعية قد تكون مدخلاً لفوضى أمنية.
– إذا كان رئيس الحكومة متواطئاً، كما يتهمه العونيون، في السعي لتقويض العهد انتقاماً، ويعرقل التأليف من باب ضرب صدقية التيار الوطني الحرّ ومكانته لدى الرأي العام، فكيف يردّ العونيون على هذا المخطّط لحماية العهد ومكتسباته السياسية؟ كيف يحمون مستقبلهم؟ أم أنّ النظرية المعاكسة هي الأصحّ؟ هل التيار هو من يضع العصيّ في دواليب رئيس تيار المستقبل لدفعه إلى الاعتذار؟ وأين هي مصلحته في فرض الارتطام القوي طالما أنّ الخيارات البديلة غير متوفّرة؟
يُنتظر أن يقصد الحريري قصر بعبدا للقاء الرئيس عون واستكمال النقاش. لكنّ المعنيين كلّهم عاجزون عن رسم صورة متفائلة تساهم في تسجيل أيّ خرق في المرمى الحكومي
– كيف يمكن للتيار الوطني الحرّ أن يتصدّى للمرحلة في ظلّ الانقسامات الحاصلة سواء بين رئيس التيار الوطني الحرّ والنواب العونيين، وتحديداً القدامى بينهم، والآخذة في الاتساع أكثر، لتتردّد أصداؤها خارج الجدران البرتقالية؟ أو بين جبران باسيل ومستشاري قصر بعبدا؟ أو بين نواب التيار وبعض الوزراء المحسوبين عليهم؟ وآخر تجليّاتها الخلاف الصارخ بين وزيرة العدل في حكومة تصريف الأعمال ماري كلود نجم ونواب لجنة المال والموازنة العونيين؟ هل يُعقل ألّا يكون لهذا الفريق مقاربة واحدة؟
عملياً، لا يوحي الحراك الحاصل في قصر بعبدا أو حتى لدى قيادة التيار الوطني الحرّ بأنّ هناك ورشة استثنائية لمواجهة التطوّرات ولا حتى لفكّ العزلة الدولية، لا بل تثبت الأحداث بأنّ العهد ومعه قيادة التيار يواصلان تسجيل “الفاولات” في منطقة الجزاء، وها هو سعد الحريري يضع التكليف في جيبه، ويترك العهد في مواجهة الانهيار!

شاهد أيضاً

قصّة إنهيار البورصة العالمية وارتباطها بالتحديات الجيوسياسية

  إستفاق العالم على خبر إنهيار في البورصات العالمية، نتيجة الخوف المستجد من تباطؤ الاقتصاد …