كتب الدكتور محمد السيد
العِلمُ شهادةٌ أمْ رِسالة؟!
يقول اللّه تعالى في كتابه العزيز الحكيم، بعد بسم اللّه الرّحمن الرّحيم :{ إقرأ باسم ربّك الّذي خلقَ، خلقَ الإنسان مِنْ عَلَقٍ،إقرأ وربُّكَ الأكرم، الّذي علَّمَ بالقلَمِ، علَّمَ الإنسانَ ما لمْ يعلَمْ…}.
يتّضِحُ من خلال هذه الآيات بأنَّ العِلمَ واجبٌ شرعيٌّ بأمرٍ مِنْ ربِّ العزَّةِ جلّ وعلا.
وكلمة إقرأ جاءت هنا موجَّهة إلى الإنسان بشكلٍ عامٍّ، وليست للذّكور من دون الإناث!
لذلك وجبَ على كلّ إنسانٍ أنْ يتعلّمَ ويقرأَ، ويضعَ نصبَ عينيه هدفًا، ويرسمَ خارطةَ طريقٍ يمشي على أساسها، ليصِلَ إلى مُبتغاه.
مِنْ هنا لا بدّ مِنْ أنْ يتحمّلَ المُعلِّمون – وعلى كافّةِ مستوياتهِم- مسؤوليّاتِهم تجاه أبناء المجتمع الّذي ينتمون إليهِ، وأن يقوموا بعملِهِم على أكمل وجهٍ.
فالتّعليمُ رسالة نبيلة – وإن كانت تمرّ بمرحلة صعبة في زمنِنا هذا – إلّا أنّ ذلك لا يعني أنْ تُهملَ، والشّهادات الّتي يحصل عليها الجامعيّون لا ينبغي أن تكون مجرّد أوراقٍ تُعلَّقُ على جدران المنازل للتّباهي بها، أو ورقة عبور للحصول على وظيفة ما؛ بهدف الكَسبِ المادّيِّ فقط!
عن جابر بن عبداللّه أنّ النّبيَّ صلّى اللّه عليه وسلّم،قال:”لا تعلَّموا العِلمَ لِتَباهوا به العلماء، ولا لتماروا به السّفهاء، ولا تَخَيَّروا به المجالس، فَمَن فعل ذلك فالنّارُ النّارُ”.
يقول الشّاعر :
تعلّمْ ما استطعت لقصد وجهه فإنّ العِلمَ مِن سُفُنِ النّجاةِ
ومَنْ طلبَ العلومَ لغير وجهِه بعيدًا أنْ تراه مِنَ الهُداةِ
كيف يتعلّمُ الفردُ حين تُستَثنى الأنثى، ولها الدّور الأهمّ في بناء المجتمعات والأوطان، وهي الأمّ الّتي تربّي وتُنشِئ؟!
وهذا ما يدعو للتّوجّهِ بالحديث إلى كلّ مَنْ يعتقد بأنّ العلمَ للفتاةِ ليس ضروريًّا – مُتذرّعين بأنّ مصيرها الزّواج وخدمة العائلة- وذلك مِن خلال قول الشّاعر:
علّموها إذا أردْتُمْ عُلاها فبغير العِلمِ لن ترفعوها
هذّبوا خُلُقَها ورَقّوا نُهاها وارفعوا شأنَها ولا تُهمِلوها
هي بِنتٌ لكم وأُختٌ وأُمٌّ يحتذيها في كلّ أمرٍ بَنوها
العِلمُ رسالة يتحمّلها الجميع، فبه وحده يحيا الإنسان حياةً كريمةً، ويعرف مِن خلاله حقوقَه وواجباتِه، وعندها فقط يستقيم المجتمع ويزدهر!
إذًا، الهدف من العلم بناء الإنسان، ثمّ بناء المجتمع بأكمله، ومِن خلاله يتحدّد المصيرُ والمسارُ!
هكذا تُبنَى الأوطان!