كتبت جويل بو يونس في “الديار”:
في باريس يسود تكتم شديد الاجواء التي تحيط بزيارة رأس الديبلوماسية الفرنسية وزير الخارجية جان ايف لودريان الى بيروت التي وصلها ليلا، فلا معلومات حول اللقاءات التي قد يعقدها لودريان بعيدا عن الاعلام ولا حتى عن هدف الزيارة بأساسها وما اذا كان يحمل الضيف الفرنسي بجعبته اي مسعى باتجاه خرق او حل ما.
فما هو معلن رسميا حتى اللحظة ان لقاءات الوزير الفرنسي في لبنان ستشمل في العاشرة من صباح اليوم رئيس الجمهورية ميشال عون في بعبدا على ان يليها اجتماع مع رئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة.
هذا التعتيم الذي يصر الجانب الفرنسي على اضفائه على زيارة لودريان ولاسيما ان اي معلومة رسمية لم ترشح لا من السفارة الفرنسية في بيروت ولا من اجواء العاصمة الباريسية، قد يكون الهدف منه العمل بصمت على شيء ما او مسعى اخير لانقاذ ما تبقى من المبادرة الفرنسية ومحاولة احداث خرق في جدار الازمة اللبنانية قبل اشهار سيف «ورقة القيود الفرنسية الشهيرة بمنع دخول شخصيات لبنانية الى الاراضي الفرنسية باعتبار ان امكان فرض عقوبات اوروبية بات شبه مستحيل بظل عدم توافر الغطاء الاوروبي لهكذا خطوة».
وفي هذا السياق، افادت بعض الاجواء من العاصمة الباريسية بان الظاهر ان باريس بدلت مقاربتها تجاه ملف لبنان وهي ارادت عبر حصر اللقاءات الرسمية بالسلطات الرسمية ان تقول بانها على مسافة واحدة من الجميع، علما ان مصادر مطلعة على الجو الفرنسي كشفت عن ان لقاءات عدة ستطرأ على جدول اعمال لودريان في بيروت، وسيكون قصر الصنوبر مفتوحا امام قوى سياسية عدة ومدنية وقد يكون ايضا مفتوحا للقاء مرجعية دينية بارزة.
كما ان وزير الديبلوماسية الفرنسية سيجتمع ايضا باعضاء السفارة في قصر الصنوبر كما انه سيلبي بحسب المعلومات افطارا على مأدبة احدى الشخصيات التي رفضت المصادر الكشف عن اسمها، وقد يكون له زيارات ميدانية لمنظمات غير حكومية.
وتفيد المصادر بان احتمال لقاء لودريان مع كل من الرئيس المكلف ورئيس التيار الوطني الحر وارد وسط معلومات تحدثت عن مسعى تعمل عليه باريس بعيدا عن الاضواء هدفه جمع الرجلين (الحريري وباسيل) على الطاولة ذاتها الا ان لا شيء مؤكدا بعد.
وفي هذا السياق، كشفت معلومات بانه حتى كتابة هذا المقال لم يكن مكتب لودريان قد طلب اي موعد للقاء الحريري او باسيل، علما ان مصادر مطلعة على جو رئيس التيار الوطني الحر اكدت بان لا مانع لدى باسيل في حال طلب منه ذلك اي في حال سئل من الجانب الفرنسي عما اذا كان مستعدا للجلوس مع الحريري فسيكون جوابه انه مستعد.
الا ان جهوزية باسيل لا تقابل لدى الرئيس المكلف بالمثل اذ كشفت مصادر تمكنت من التواصل مع الحريري بالساعات القليلة الماضية ان الاخير مصر على عدم الجلوس مع باسيل بلقاء ثنائي حتى ولو كان المسعى فرنسيا وهو ردد امام من التقاهم امس: «بقعد مع رئيس الجمهورية لا مع باسيل» واضاف: «لن التقي باسيل في قصر الصنوبر على انفراد لكنني مستعد للنزول الى قصر الصنوبر ولقائه باطار لقاء موسع اي اذا نزل الجميع (اي غالبية رؤساء الاحزاب او الكتل) واجتمعوا على طاولة واحدة على غرار ما حصل في اللقاء الاخير الذي جمع خلاله ماكرون رؤساء الكتل على طاولة قصر الصنوبر».
وتنقل المصادر عن الحريري استياءه مما يحصل ولاسيما ازاء اللقاءات المعلنة رسميا للودريان مع عون وبري واستثنائه بشكل رسمي منها، وبالتالي يسود ارباك اجواء بيت الوسط حيال ما يحصل.
كل هذا يحصل تزامنا مع مواقف بدأت تسمع على لسان اكثر من نائب مستقبلي تعلن اليوم ما كان مستحيلا بالامس: اعتذار الرئيس المكلف بات واردا ولكنه غير محسوم وغير نهائي، علما ان مصدرا مقربا جدا من الحريري علق على ما يروج بالقول: الاعتذار غير وارد اقله الان اي انه لن يأتي بالمدى المنظور كردة فعل على ما بعد زيارة لودريان.
فهل يناور الرئيس المكلف او يحاول الضغط عشية الزيارة الباريسية والتلويح بورقة الاعتذار بغية الحصول على تنازلات من الطرف الثاني؟ او ان الاعتذار بات فعلا خيارا واردا بظل التقارب السعودي السوري؟ على هذا السؤال ترد اوساط متابعة لجو المفاوضات الحكومية بالقول: «تكرار هذا الموقف على لسان نواب المستقبل لم يعد مجرد محاولة للضغط انما بات تمهيدا لشيء ما لتختم بالقول: فلننتظر نتائج زيارة لودريان والتي ترجح المعطيات الا تحقق خرقا كبيرا انما من شأنها ان تسرع باتجاه اتخاذ قرارات حاسمة».
على اي حال وبالانتظار، فاليوم سيكون نهارا فرنسيا لبنانيا حافلا تترقبه الاوساط السياسية وحتى الاعلامية. فهل تنجح باريس بلعب اخر اوراقها على ارض لبنان فترفع من رصيد الرئيس ايمانويل ماكرون قبيل انتخابات رئاسية من شأنها ان تحدد مصيره او ان ما عجزت فرنسا عن اخذه في السابق لن تفلح بالحصول عليه اليوم؟ امام هذا المشهد لا بد من ترقب ما قد يحمله لودريان بجعبته ولا سيما انه يغادر بعد ظهر الجمعة، فيما سيبقى مستشاره حتى السبت في بيروت