كتب عبدالله شمس الدين
ازمة البنزين التي تعصف بالمواطنين السوريين منذ أسابيع والتي بلغت اوجها خلال الأيام الأخيرة باتت اليوم تطرح أسئلة كبيرة في سوريا عن الدور الروسي، لماذا لا تقوم روسيا بدورها بمساعدة سوريا وهي واحدة من اكبر مصدري النفط في العالم، لماذا لا تحمل ناقلاتها الضخمة النفط الى سوريا؟ اللافت ان هذه الازمة لم تتعرض لها سوريا حتى في احلك أيام ازمتها عندما كان المسلحون على أبواب دمشق.
ليس هناك من شك بأن قرارا بشن حرب اقتصادية على سوريا قد اتخذ، في اطار الحرب على محور المقاومة، بدءً بالعقوبات على ايران ثم محاولة حصار حزب الله ماليا. على مدى سنوات الحرب لعب حلفاء سوريا دورا في تثبيت صمودها لم تنقطع ناقلات النفط الإيرانية عن موانيء اللاذقية وطرطوس الى ان جاء القرار الأميركي بمنعها من الوصول، ولعبت مصر دور الشرطي الذي منع ناقلات النفط الإيرانية من عبور قناة السويس.
قررت ايران الاستعاضة عن ذلك بارسال قوافل من الصهاريج عن طريق البر لكن هذا الحل بدا مكلفا، ناهيك عن مخاطر مرور هذه الشاحنات في صحراء الانبار وبادية الشام التي ما زال تنظيم داعش ينشط فيها كخلايا مسلحة، دون ان ننسى التواجد الأميركي العسكري بالقرب من خط المسير البري.
نعود الى الموقف الروسي الصامت والمتجاهل للازمات الاقتصادية التي تتعرض لها سوريا، من يراقب التصرفات الروسية في سوريا لا بد ان يلحظ ان المصالح الروسية ذهبت بموسكو بعيدا في التعاون مع إسرائيل في العديد من القضايا، صحيح ان الروس وضعوا خطا احمر يمنع اسقاط الدولة السورية، لكنهم بلا شك مساهمون فيما يتعرض له السوريون اقتصاديا وحتى عسكريا ( وهنا نتحدث عن التغاضي الروسي عما تقوم به إسرائيل من غارات على مواقع سوريا الى درجة ان الكثير من المراقبين وغالبية الشعب السوري باتوا مقتنعين ان روسيا لا تتغاضى فحسب بل هي متواطئة في الاعتداءات الاسرائيلية على سوريا لاهداف ومصالح خاصة بها ) فمن يصدق ان إسرائيل تستطيع ان توجه غارات ضد اهداف داخل سوريا دون موافقة روسية، وبالتالي ما الحاجة الى الS300 اذا كان ممنوعا استعمالها ضد الطائرات الإسرائيلية، هذا الكلام بتنا نسمعه كثيرا وهو لسان حال الكثير من المواطنين السوريين، الم تترك المساهمة الروسية في تهريب رفات الجندي الإسرائيلي من مخيم اليرموك الى إسرائيل وتقديمه هدية بشكل استعراضي لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الماً لدى السوريين واستغرابا من الحلفاء، نحن لا نقول انه على روسيا ان تكون جزء من محور المقاومة، لكن الكثير من الخطوات الروسية باتت موضع تساؤل وشك.
هل صحيح ان هناك طلبات روسية سياسية وابرزها ما يرتبط بالصراع مع إسرائيل رفضت دمشق التجاوب معها لانها تمس بالموقف السوري التاريخي من الصراع، وان موسكو تمارس ضغوطا على دمشق من اجل تغيير موقفها.
نعود الى ازمة البنزين. صحيح ان العقوبات الأميركية العربية والحصار المستفحل هو احد ابرز الأسباب لتفاقم هذه الازمة، وصحيح ان عدم التحرك الروسي لمساعدة دمشق يساهم أيضا في تفاقم الازمة، ولكن الصحيح أيضا ان هناك مافيات داخل البلاد تقوم باستغلال هذه الازمة وتخزن النفط بعيدا عن متناول المواطنين على امل ان تقوم الحكومة برفع الدعم عنه وبالتالي بيع هذه المافيات للبنزين لاحقا بأسعار مرتفعة تجني عليهم أرباحا كثيرة، هؤلاء أيضا يجب مواجهتهم والتصدي لهم لا بل ورميهم في السجون.
بالنسبة لي الصحيح ان هذه الازمة ليست الاولى ولن تكون الأخيرة، سبقها أزمات اكبر واخطر وسيليها أيضا أزمات ربما اكبر واخطر، لكن الثابت عندي ان كل ذلك لن يثني السوري عن التشبث بارضه وموقفه وموقعه… فمن شرب البحر وهزم اعتى المجموعات الإرهابية المدعومة من اكبر الدول واغناها لن يغص في ساقية جفت من البنزين.