اذا كان لنا أن نصغي، ولو لهنيهات، الى الرأي الآخر، دون أن يرشقنا أصحاب الرؤوس المقفلة بالحجارة…هذه خلاصة حديث طويل، ومتشعب، مع رجل أعمال بيروتي كان على علاقة وثيقة، لكأنها علاقة التوأمين، مع الرئيس رفيق الحريري. لم يقترب من العمل السياسي المباشر «لأن السياسة في لبنان، يا صاحبي، لعبة قذرة. انها… محرقة الأوادم».سألته عن بهاء الحريري. قال «هذه فقاعة لا مستقبل لها، ولا وجود لها لا في بيروت، ولا في غيرها من المناطق. سعد شيء مختلف. يكفي أنه طيب القلب. ولا يعرف كيف يكره. لم يولد ليكون سياسياً، ولكن على الأقل يدرك أن التركيبة اللبنانية، التركيبة الطائفية، والتركيبة السياسية، هشة للغاية، ولا مجال للتعاطي معها بطريقة وحيد القرن، وبفلسفة وحيد القرن».
وقال « لا تتصور كيف واجه كل سياسات الاثارة، مع اعتقاده المطلق بأن لبنان لا يقوم الا بالتسويات لا بغلبة فريق على آخر. لكن المشكلة عندنا أنك لا تستطيع أن تكون سياسياً، (ويا للمهزلة!) سياسياً ناجحاً، الا اذا كنت فاسداً أو كنت متواطئاً مع من دعيتهم أنت مهراجات الفساد»!
أضاف «أكثر من جهة نصحته بالابتعاد عن السراي في هذه الفترة. لا مجال للتفاهم مع ميشال عون، ولا مع صهره الذي يسكنه هاجس الرئاسة، مع أنه يعلم كم كانت تجربة عمه، وهو الجنرال الذي له تاريخ عسكري، وتاريخ سياسي، مريرة بل وصادمة، لكأنه لم يكن على دراية بأن دستور الجمهورية الثانية أناط برئيس الدولة صلاحيات تكاد تكون على شاكلة صلاحيات الملكة اليزابت لا أكثر ولا أقل».
بحماس يتحدث رجل الأعمال اياه عن عودة الدور السعودي الى لبنان، ليسأل «أيهما أفضل لنا أن تكون المملكة هي مرجعية السنّة أم أن تكون تركيا التي ألقت بنا خارج الزمن على مدى أربعة قرون، هي القرون الفاصلة في مسار الكرة الأرضية؟».
لا ينفي أن للسعودية مصالحها، وكذلك «دورها الحيوي» في المنطقة، «وهذه مسألة طبيعية في دولة تمتلك كل تلك الامكانات. لكنها لا تمتلك أي مشروع أمبراطوري كما هي حال ايران، وكما هي حال رجب طيب اردوغان الذي يريد احياء السلطنة العثمانية، معتمداً، بالدرجة الأولى، على «الاخوان المسلمين»، وهم، كما وصفتهم، النيوانكشارية، بالشراهة الهيستيرية الى السلطة سواء كان ذلك تحت الحذاء التركي أم تحت الحذاء الاسرائيلي…».
لاحظ أن هناك في الرياض الآن من بات يعتقد «أننا استدرجنا الى التورط في الأزمة السورية، قبل أن يتبين لنا أن ثمة سيناريو وضعه «الاخوان»، بادارة الاستخبارات التركية، لتفجير سوريا بدءاً من درعا وحمص لتحويل دمشق الى حاضرة، أو الى ولاية، عثمانية».
في رأيه أن للايرانيين مشروعهم الجيوسياسي، والجيوستراتيجي، على مستوى الاقليم، وعبر البوابة الفلسطينية». هم غالوا كثيراً في الطرق الخاصة بتنفيذ ذلك المشروع، دون أن يأخذوا بالاعتبار لا التعقيدات، ولا التضاريس، التاريخية والايديولوجية في المنطقة. وها أننا نراهم كيف يتفاوضون بالصواريخ، حول الاتفاق النووي، على الأرض العراقية. وأنا أسأل، كلبناني، وكعربي، أين مصلحتنا في أن يتحول العراق الى حطام؟».
رهانه على البراغماتية الايرانية التي «لا بد أن تظهر، عاجلاً أم آجلاً، في فيينا لتأخذ المعادلات، والعلاقات، في المنطقة مسارات أخرى». اللافت اعجابه بالصلابة، كما بالحنكة، الايرانية في التعاطي مع الولايات المتحدة «ليتنا، كعرب، لم نبدد امكاناتنا، وثرواتنا، في خدمة الأميركيين الذين أعطيناهم كل شيء، ولم يعطونا أي شيء».
متفائل بالاتصالات التي تجري مع الرياض». وجود السعوديين ضروري جداً حتى لبقاء لبنان. لا بد من توازن ما مع الوجود الايراني، ومع الدور الايراني. واعتقد أن الايرانيين لا يعارضون ذلك لأن لبنان ليس العراق، وليس اليمن الذي نأمل أن يخرج، قريباً، من مستنقعات النار».
يختم «لا مجال للخلاص الا بعودة السعودية الى لبنان. العودة الى سوريا ايضاً، ما دام دونالد ترامب لم يعد في البيت الأبيض. جو بايدن ليس رجل القاذفات العملاقة. رجل القفازات الحريرية»!
الديار