لا تعكس البيانات الصادرة عن رئاسة الجمهورية، سواء اعلنت بالمباشر او عبر تسريبات، وكذلك الردود من الرئيس المكلف نجيب ميقاتي عليها او رد الرئيس سعد الحريري على بيانات بعبدا او حتى «نادي الاربعة» اي الرؤساء السابقون للحكومة او بالعكس من الرئاسة عليهم، حقيقة ما يجري حكومياً، خصوصاً ان «النهاية السعيدة» اقتربت وهي مسألة ساعات بالحد الادنى او ايام بالحد الاقصى.
وتكشف اوساط في 8 آذار وواسعة الإطلاع على المداولات الحكومية، ان الامور ايجابية وفي امتارها الاخيرة وهي مسألة وقت فقط، الامور عالقة عند آخر عقدتين وهي تسمية آخر وزيرين مسيحيين والتي يتمسك الرئيس عون بها، وكذلك مطالبة ميقاتي بإحدى الحقيبتين : الاقتصاد والتي ذهبت لرئيس الجمهورية بعدما كانت مقترحة لـ»القومي»، والشؤون الاجتماعية وهي من حصة الرئيس عون ايضاً.
وتصف الاوساط البيانات الرئاسية بأنها من باب المزايدات السياسية، ويحاول كل طرف ان يغرف من «صحن» الآخر، وان يخاطب جمهوره واللبنانيين انه غير مسؤول عن التعطيل:
– فمن جهة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون يحاول التأكيد مرة جديدة انه يسهل تشكيل الحكومة وانه لا يعطل ولا يريد الثلث المعطل، ولكنه في الوقت نفسه شريك في التشكيل وليس «باش كاتب».
– في المقابل، يحاول الحريري و»نادي الاربعة» الايحاء انهم لا يحاولون التشاطر على الرئيس عون وانهم لا يعقدون التشكيل، وانهم يريدون الحصول عبر ميقاتي ما لم يحصله الحريري من الرئيس الا وهو تحجيم صهره النائب جبران باسيل.
– اما ميقاتي والذي لن يخرج من عباءة الحريري الذي رشحه وكذلك من عباءة دار الفتوى والرؤساء السابقون للحكومة، لن «يتحرر» من ضغوطهم واقتراحاتهم الا بعد ان يصبح في السراي، ويتحول الى دولة الرئيس بحكومة اصيلة نالت ثقة وازنة، سيعود ميقاتي الذي يفتش عن مستقبله السياسي والانتخابي وان تشكيل الحكومة يعطيه هذه الحشوة الدافعة.
في المقابل تكشف الاوساط ان الايجابيات التي ظهرت في ملف الحكومة ليست داخلية فقط، بل هي مشفوعة بضغط اميركي مغلف بالتمنيات وبعبارات منمقة، وطالت المعنيين بالتشكيل اي الرئيس عون وميقاتي وحثتهم على الاسراع بتأليف الحكومة لمنع حزب الله من استكمال انجازاته وان يصبح في نظر اللبنانيين «بطلاً قومياً» لهم!
وتكشف الاوساط ان الحراك الاميركي السياسي والديبلوماسي والاستخباراتي في لبنان لم يهدأ منذ اسابيع، لكنه كان في الايام الماضية في اعلى مستوياته، وتمثل بسلسلة من اللقاءات والاتصالات التي اجرتها السفيرة الاميركية في لبنان دوروثي شيا، وبحضور مسؤول استخباراتي كبير وآخر في الخارجية الاميركية، ولم يعلن عن وجودهما في السفارة او بيروت مع العديد من القوى الحليفة لواشنطن ومنها سياسيين ورؤساء احزاب ونواباً ووزراء وجمعيات ووسائل اعلام على انواعها.
واكد المسؤولون الاميركيون لمن التقوا بهم ان واشنطن خائبة من فشل حصارها لحزب الله، حيث لم تنجح الضغوط الاميركية عليه وفي تأليب بيئته وعناصره وانشقاقهم عنه، بل استمر في دفع رواتب موظفيه وعناصره بالدولار، كما ساهم في تأمين الغذاء والدواء من سوريا وايران عبر «بطاقات السجاد»، لبيئته كما نجح في كسر الحصار الاميركي على لبنان عبر تحديه واشنطن مع ايران، وبإرسال البواخر الواحدة تلو الاخرى الى لبنان، ووفق معلومات للاميركيين انه جاد في استمرار استقدامها، وانه سيعزز الكهرباء والمحروقات في كل المناطق وليس في بيئته فقط.
وأشار هؤلاء الى ان كل الحملات الاعلامية لـ»شيطنة» حزب الله واتهامه بالتهريب الى سوريا والاحتكار والتخزين تبين زيفها، وان هناك «حلفاء غير موثوقين» لواشنطن في لبنان ولا يملكون الحقائق، وتبين لواشنطن ان خصوم حزب الله هم من تضرروا، وانهم من يحتكرون المحروقات والداوء وغيرها، وان الانتحار والمشاكل الاجتماعية والقتل والجريمة ناشطة في بيئتهم بالاضافة الى انتشار المخدرات والموبقات الاجتماعية!
واوحى المسؤولوون الاميركيون انفسهم، ان الحملات الاعلامية ضد البواخر الايرانية ومخالفة حزب الله لقانون قيصر وللعقوبات الاميركية لم تمنع الناس من مواصلة تأييده، وحتى اللبنانيين ومن غير بيئة حزب الله والطائفة الشيعية، وجدوا في خطوة استقدام البواخر من ايران خطوة جيدة، وانه يحاول بجدية لمساعدة اللبنانيين في مقابل حصار خليجي واميركي على لبنان وشعبه وان بدل محاصرته عليهم انقاذه..
وخلص هؤلاء الى ان الضغط على عون وميقاتي لتشكيل الحكومة من شانه ان يقطع الطريق على حزب الله لتحقيق الانجازات المتتالية، وان يفشل حصار اميركا وان ينال استحسان اللبنانيين. فيما المطلوب رأسه وحصاره والتضييق عليه. فالحكومة يمكنها ان تبدأ اصلاحات ومسار انقاذي واميركا ستساعد لبنان لنيل قروض من البنك الدولي شرط منع تجميل صورة حزب الله وتعزيز حضوره لبنانياً. وخصوصاً ان حزب الله وايران يشعران ان انسحاب اميركا من افغانستان بهذه الطريقة سيجبرها على تقديم تنازلات في كل المنطقة.
الديار