كتبت صونيا رزق في الديار
حرتقة داخلية لسحب بساط الزعامة من رئيس «تيار المستقبل»…هل تحقق اهدافها؟
بات رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، في وضع سياسي لا يُحسد عليه، في خضم الكوارث التي تطوّقه من كل الاتجاهات، الداخلية منها وخصوصاً كيد رئيس « التيار الوطني الحر» جبران باسيل، الذي نجح في رهانه على إخراج الحريري من السراي، طالما هو خرج من الوزارة، فرفع علامات النصر، ومن ثم السياسة المتأرجحة مع حزب الله، وتلك الوعرة احياناً مع رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، حيث لا التحالف ثابت معه ولا الخصومة دائمة، اذ تتحوّل العلاقة فجأة الى معبّدة، ويلتقي الزعيمان للتحدث عن درب سياسية واحدة، توصلهما في معظم الاحيان الى» التخبيصات» التي لا تعّد ولا تحصى، بحسب ما يشير مصدر سياسي مطلّع ومراقب، لما يجري على الساحة اللبنانية من خلافات، لا يعرف احد من أين تبدأ ولا يعرف أين تنتهي، مروراً بعلاقة الحريري مع رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، التي وصلت الى طريق مسدود، وإن كان الطرفان يمتنعان عن قول الحقيقة، لانّ العلاقة بينهما ليست على ما يرام، فالحريري سار لسنوات على إخفاقات سياسية، لم تترك له صاحباً حقيقياً في السياسة، انما بعض العلاقات البعيدة عن الثبات، والاجواء متوترة ايضاً مع الرئاسة الاولى وفريقها، فلا حلفاء بل خصوم بالجملة، تفاقمت اعدادهم الى درجة جعلته وحيداً، إلا من بعض المقرّبين الذين لا يستفيد منهم في السياسة.
الى ذلك يرى المصدر المذكور، بأنّ علاقة الحريري لم تعد كما كانت حتى مع رؤساء الحكومات السابقين، اذ خفّت اجتماعاتهم وضعف نبضهم السياسي، اما رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الذي يتجه نحو خانة سياسية، تضعه في موضع الزعيم السنّي، الذي سيوّفر الامان والحلول للبنان ، فيعمل بكل ما في وسعه لتحقيق ما يصبو اليه، واليوم يبدأ جولة يستهلها في باريس للقاء الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، حاملاً معه مطالب دسمة مع امل بتحقيقها، علّها تصيب الهدف وتجعل منه بطلاً حكومياً، ويحقق ما لم يستطع احد تحقيقه من رؤساء حكومة، في ظل انهيار وطن يصعب إنتشاله في هذه المرحلة الخطرة.
في غضون ذلك، يبقى الفراق السعودي مع الحريري، من أهم وابرز العقد والمصائب التي وضعته في خانة السياسي الوحيد، وعلى الرغم من كل الوساطات التي لعبت دورها، لإدخال الحريري مجدّداً الى دار الرياض، ونسيان كل تلك «التخبيصات» التي قام بها، كما نسيان الماضي الاليم من قبل المملكة، وإعادة الابن الضال الى ربوعها، لكن لم يحصل شيء من هذا، وهنا الطامة الكبرى التي وضعته في صورة المرفوضين من قبل السعودية، وعلى ما يبدو، ووفق المصدر المتابع، فإن وضع الحريري اليوم لا يزال ضمن الخط الاحمر، غير المقبول من الرياض وحتى إشعار آخر.
ويشير المصدر عينه الى انّ الحريري يتحضّر لخوض سياسة متجدّدة، قوامها شدّ العصب السنّي، مع رفع الصوت العالي والإستعانة بلغة الصقور، واللعب على الوتر الحساس المذهبي لجلب المناصرين، وتقديم المساعدات قبل اشهر قليلة، من موعد إجراء الانتخابات النيابية في ايار 2022، وهذا يتطلب العمل الفاعل والناشط، والدخول في الصف المعارض لكن على طريقته، على ان يلجأ الى العباءة الطائفية، عبر الاستعانة بمقولة «حقوق الطائفة السنّية «، كما يفعل البعض لكسب المزيد من الاصوات المؤيدة، والى ما هنالك من وتر شعبوي، يستطيع فيه إعادة كسب مؤيديه اولاً.
ويختم المصدر المذكور: «من ينظر سياسياً الى الحريري، يرى انه بات وحيداً وبعيداً عن اقرب المقرّبين اليه، وتلك الوحدة إختاروها له، ومن هذا المنطلق تبرز طموحات البعض من السياسيّين السنّة، لنيل موقعه ، لذلك يكثرون من بث الانتقادات في إتجاهه، ومنها حملة المزايدات التي يتعرّض لها من خصومه على الساحة السنّية، ما ساهم في تفاقم وحدته، مذكّراً بأنّ «تيار المستقبل» كان الأكثر جماهيرية، على مستوى لبنان قبل سنوات، اذ كان يساهم بنسبة كبيرة في التشكيل والتعييّن وتسمية الوزراء والمدراء السنّة، إضافة الى دوره الخارجي بين لبنان ودول القرار، لكن النهج الذي يسوده اليوم جعل الطرف الاخر يعتبره ضعيفاً سياسياً، والمطلوب نفضة جديدة يعيد من خلالها اهل السنّة الى ما كانوا فيه.