لفت رئيس “تيار المستقبل” سعد الحريري، إلى أنّ “بعد اغتيال رئيس الحكومة الرّاحل رفيق الحريري، وقع الخيار عليّ لمواصلة مشروعه السّياسي، لمواصلة مشروع رفيق الحريري، وليس لكي تبقى عائلة الحريري في السّياسة، بغضّ النّظر عن المشروع والمبادئ والظّروف”، موضحًا أنّ “مشروع رفيق الحريري يمكن اختصاره بفكرتين: أوّلًا، منع الحرب الأهلية في لبنان، وثانيًا حياة أفضل للّبنانيّين. نجحت في الأولى، ولم يُكتب لي النّجاح الكافي في الثّانية”.وأشار، في كلمة له من بيت الوسط، إلى أنّه “لا شكّ أنّ منع الحرب الأهلية فَرض عليّ تسويات، من احتواء تداعيات 7 أيّار، إلى اتفاق الدوحة، إلى زيارة دمشق، إلى انتخاب ميشال عون رئيسًا، إلى قانون الانتخابات، وغيرها. هذا كان سبب كلّ خطوة اتّخذتها، كما كان سبب خسارتي لثروتي الشّخصيّة وبعض صداقاتي الخارجيّة، والكثير من تحالفاتي الوطنيّة وبعض الرّفاق وحتّى الاخوة”.
وركّز الحريري على أنّ “هذه التّسويات الّتي أتت على حسابي، قد تكون السّبب في عدم اكتمال النّجاح للوصول لحياة أفضل للّبنانيّين، والتّاريخ سيَحكم. لكنّ الأساس، أنّ الهدف كان وسيبقى دائمًا تخطّي العقبات للوصول إلى لبنان منيع في وجه الحرب الأهلية، ويوفّر حياةً أفضل لكلّ اللّبنانيّين”.
وبيّن “أنّني قد أكون قادرًا على تحمّل كلّ هذا، لكن ما لا يمكنني تحمّله هو أن يكون عدد من اللّبنانيّين الّذين لا أرى من موجب لبقائي في السّياسة سوى لخدمتهم، باتوا يعتبرونني أحد أركان السّلطة الّتي تسبّبت بالكارثة، والمانعة لأيّ تمثيل سياسي جديد من شأنه أن ينتج حلولًا لبلدنا وشعبنا”.
وذكر أنّ “من باب تحمّل المسؤوليّة، كنت الوحيد الّذي استجاب لثورة 17 تشرين الأوّل 2019، فقدّمت استقالة حكومتي. وكنت الوحيد الّذي حاول بعد كارثة 4 آب في بيروت، تغيير طريقة العمل عبر حكومة من الاختصاصيّين. واللّبنانيّون يعرفون في الحالتين ما كانت النتيجة، وهم يتكبّدون من لحمهم الحيّ كلفة الإنكار”.
وأعلن الحريري أنّ “من باب تحمّل المسؤوليّة أيضًا، ولأنّني مقتنع أنّ لا مجال لأيّ فرصة إيجابيّة للبنان، في ظلّ النّفوذ الإيراني والتخبّط الدّولي، والانقسام الوطني واستعار الطائفية واهتراء الدولة، أُعلن التّالي: أوّلًا، تعليق العمل بالحياة السّياسيّة ودعوة عائلتي في “تيار المستقبل” لاتّخاذ الخطوة نفسها. ثانيًا، عدم الترشّح للانتخابات النيابية وعدم التقدّم بأيّ ترشيحات من “تيار المستقبل” أو باسم التيّار”.
وتوجّه إلى “أحبّته أبناء وبنات مدرسة رفيق الحريري”، قائلًا: “نحن باقون بخدمة أهلنا وشعبنا ووطننا، لكنّ قرارنا هو تعليق أيّ دور أو مسؤوليّة مباشرة في السّلطة والنّيابة والسّياسة بمعناها التّقليدي”. وشدّد على “أنّنا سنبقى من موقعنا كمواطنين، متمسّكين بمشروع رفيق الحريري، لمنع الحرب الأهلية والعمل من أجل حياة أفضل لجميع اللّبنانيّين”.
كما أكّد “أنّنا باقون بخدمة لبنان واللّبنانيّين، وبيوتنا ستبقى مفتوحة للإرادات الطّيبة ولأهلنا وأحبّتنا من كلّ لبنان. لا أنسى فضلكم، ومحبّتكم وتعاونكم في أصعب الأوقات. لا أنسى فضل بيروت الغالية وأهلها وشهدائها ومساجدها وكنائسها وروحها، الّتي لا مثيل لروعتها في العالم، وطرابلس الفيحاء وصلابتها وصبرها ووفائها العظيم، وعكار الأبيّة والسّلام على أهلها وعشائرها وبلداتها، وجنائن الضنية وشواطئ المنية وروابي زغرتا والكورة والبترون وزهر القلمون والبقاع بشرقه وشماله وغربه وأوسطه، والجبل بكلّ قممه من المختارة، وبكركي الّتي أضاءت الشّموع والقلوب لرفيق الحريري. والاقليم، ومربض طفولتنا وعرين العمة وأطيب الناس في صيدا، والجنوب وأهل الوفاء في العرقوب وحاصبيا وراشيا”.
وأفاد بأنّ “الشّكر من صميم قلبي لأحبّائي ورفاق ورفيقات دربي في “تيار المستقبل”، ولدار الفتوى وسيّدها والعمائم البيضاء تحت قبّتها”، ورأى أنّه “قد يكون أفضل الكلام في هذه اللّحظة، ما قاله رفيق_ لحريري في بيان عزوفه قبل 17 عامًا: “أستودع الله سبحانه وتعالى هذا البلد الحبيب لبنان، وشعبه الطّيب. وأعبّر من كل جوارحي عن شكري وامتناني لكلّ الّذين تعاونوا معي خلال الفترة الماضية”.