كتبت ريتا بولس شهوان في “نداء الوطن”: «بالسراج والفتيلة» يبحث اللبنانيون عن طريقة لإحياء مناسباتهم الاجتماعية. يجمّعون من غلّة الشهر على مدى أشهر، ليدفعوا بدل الغداء او العشاء الذي يقيمه بعضهم في المطاعم بعد العمادة مثلاً، أو القربانة الأولى، أو العرس… فحتى لو تخلى بعض «الراشدين» عن عادة الاحتفال بعد العرس، إلا ان أهل البعض متمسكون بصناعة الذكريات الجميلة، لاطفالهم، لتبقى «ذكراً» يخبئونه في «ألبوم» الأيام25 دولاراً الحد الأدنى على الشخص للمناسبة الاجتماعية!ويتضح بعد جولة على المطاعم، ان هناك تسعيرة خاصة بالقربانات والمناسبات كالأعراس والخطبة والعمادات، التي تجمع عدداً من المعازيم، وتبدأ من الـ25 دولاراً لتصل إلى الـ40 والـ50 في بعض الأماكن وهذه تحدد بالدولار عند تسلم المبلغ كاملاً. استفتت «نداء الوطن» عينة من المطاعم في جبيل وكسروان والمتن ووجدت أن اكثر من 70% من هذه المطاعم محجوزة في نهاية الأسبوع، اذ ان اللبناني يرفض أن تمرّ مناسبة، ستتحول الى ذكرى سعيدة، دون احتفال. الا ان لائحة المدعوين لا تتخطى الـ50 شخصاً حسب أصحاب المطاعم، وهذا الامر يختلف عن الاحتفالات في السنوات المنصرمة.هل من يزور المطاعم والمقاهي؟
ان كانت المطاعم تتقاضى «على الراس» بالدولار في المناسبات، هل تفعل بالمثل طيلة أيام الأسبوع؟ ينتفض روميو (صاحب مطعم في كسروان) من السؤال، برأيه لا الزبائن الذين ينتمون الى شريحة الموظفين والطبقة المتوسطة قادرون على الدفع يومياً بالدولار، ولا الدولة تسمح بالتسعير بعملة غير تلك اللبنانية. يشرح ان الصعوبة اليوم هي في إعداد أسعار لائحة الطعام، اذ يصر على مصداقيته امام الزبائن. يُهَمْهِم، «أحياناً بعض التجار يحددون سعر صرف الدولار على ذوقهم، متخطين سعر الصرف بالسوق السوداء، بألفين وثلاثة آلاف ليرة ترقباً للايام القادمة». ارخص سلطة لدى روميو تبدأ بالـ150 ألف ليرة، ويلاحظ من روّاده ان الصحن يقسم على 3 اشخاص فيدفع الفرد الواحد 50 ألفاً. هكذا يستخلص من خبرته، انه مع الأيام خف الطلب على الطاولة الواحدة، لو ما زال اللبناني محتفظاً بـ «ضهرته»، أقله تلك الشهرية. وتفاجأ زاهي صاحب مطعم (متن) بتبدل في سعر الصرف بعد الانتخابات، ولا يعرف كيف يجاري نمط سعر الصرف المرتفع، متروياً بهذه الخطوة اذ ان تغيير لائحة الطعام الورقية مكلف. اما جنون الأسعار فهو لدى مطاعم السمك (جبيل) فأرخص كيلو سمك بـ800 ألف ليرة. تشرح جانين (صاحبة مطعم في كسروان) سبب ارتفاع الفاتورة منذ 6 اشهر حتى الساعة، وقدرت الرقم بـ 20%، فاضافة الى أسعار المواد الغذائية التي تسعّر بالدولار فهناك تسعيرة المازوت والغاز التي أصبحت جزءاً من تكلفة صناعة المأكولات.
هذه الزيادات يتحمّلها الزبون الذي ما عاد يجد صنفاً بأقل من 100 ألف ليرة، وذلك هو سعر الفتوش او التبولة وربما اللبنة التي هي اقل بقليل. اما الاطباق الأخرى فالحد الأدنى منها هو 250 ألف ليرة. حال المقاهي ليست أفضل بكثير. فتقسم فاتورة النرجيلة (سعرها 120 ألفاً في بعض مقاهي كسروان و150 في المتن وجبيل) على شخصين مع عبوة مياه، او قهوة.
ما مصير قطاع السياحة ؟
نقيب أصحاب الفنادق بيار الأشقر اعتبر انه لحد الساعة لا ارقام بعد كمؤشر على عدد السيّاح القادمين. الواقع السياحي بنظره محصور اليوم بسيّاح من المواطنين الأردنيين، والمصريين والعراقيين الذين يتوجهون نحو لبنان. خارج هذه الجنسيات، لا سيّاح، وحدهم المغتربون الذين يقاربون الـ400 الف مغترب، يعودون للسياحة الداخلية على حد تعبيره، فيتنقلون بين المناطق كجونية، اهدن وغيرها. ويربط سبب تقلص حجم السياح الخليجيين والعرب بسبب تردي سمعة لبنان المشوّهة بفعل تداعيات الازمة السياسية مع الخليج. بنظر الأشقر الخليجيون يشكلون العمود الفقري للسياحة اللبنانية، ومسألة وجود السلاح وحالة الافلاس تسوِّد سمعة لبنان، ولا تشجع السائح فحتى الدول التي تسمح لرعاياها بزيارة لبنان لا يتقدم على هذه الخطوة. فهل تصمد المطاعم والمقاهي وتعيش فقط من المناسبات الاجتماعية، ام يرفع المغتربون معنوياتها؟