جاء في “الأخبار”:
تترك الدولة السجناء «مكدّسين» من دون أن تُقدّم أي حل: لا لأزمة الاكتظاظ في السجون، ولا لعدم قدرتها على تأمين أبسط المستلزمات في ظل الانهيار الاقتصادي، ولا بتلبية مطلب بعض السجناء بتحديد سنوات عقوبة الإعدام أو السجن المؤبد، ما يزيد من أعداد النزلاء إلى أجلٍ غير مسمى، ناهيك عن وجود نسبة غير قليلة من الأجانب الذين انتهت محكوميتهم من دون أن تتمكّن الدولة من ترحيلهم.
بالنسبة إلى أهالي السجناء، «الحل الوحيد هو إصدار قانون العفو العام وخفض السنة السجنية إلى ما دون الـ9 أشهر لمرة واحدة فقط. إذا كانت الدولة غير قادرة على إطعام أبنائنا أو تقديم الطبابة لهم، فليعطونا إياهم».
وقانون العفو العام العالق لا يُطرح إلا قبل الانتخابات النيابية قبل أن يعود إلى الظلمة مع إقفال الصناديق. يشير رئيس «جمعية لجان الموقوفين في السجون اللبنانية» دمّر المقداد إلى «أنّنا طرقنا أبواب كل السياسيين. المشكلة طائفيّة. المسيحيون يصرّون على شمله المبعدين إلى فلسطين المحتلة، فيما السنة يعترضون على إقراره بسبب عدم إمكانية شموله المتهمين بارتكاب اعتداءات إرهابية وقتل عناصر أمنية».
أما بالنسبة لبعض النزلاء، فلا يريدون إلا «الخضوع للمحاكمة التي باتت أقرب إلى المستحيلة اليوم في ظل تعذّر سوق الموقوفين إلى المحاكمات بسبب تعطّل آليات القوى الأمنية أو لغلاء أسعار الوقود، إضافة إلى قلة عديد القوى الأمنية والإضرابات المتلاحقة التي حصلت في المحاكم»، على حد قول المحامي محمد صبلوح.
ويؤكد أحد القضاة أنّ تأجيل المحاكمات يعود إلى انخفاض أعداد القضاة وعدم اكتمال تشكيل بعض الهيئات، وكثرة الملفات الواردة إلى القضاة العاملين في مراكز محدّدة، إضافة إلى تباطؤ العمل خلال العطلة القضائية وغياب المكننة في قصور العدل وعدم تدريب العاملين في قصور العدل وغرف القضاة. ولا ينكر أن إهمال عدد كبير من القضاة للملفات وعدم التعامل مع السجناء بإنسانية يؤدي أيضاً إلى تأخير في المحاكمات واكتظاظ في السجون.
تأخير المحاكمات ليس جديداً، ولكن لا يبدو أن الحل آتٍ، إذ إن الأزمة استفحلت أكثر مع تقديم نحو 15 قاضياً استقالاتهم أو إجازاتٍ لأكثر من عام للعمل في الخارج ما يزيد النقص المترتب عن تأخر التشكيلات القضائية وتخرّج أكثر من 80 قاضياً في 3 دورات متتالية من معهد الدروس القضائية من دون أن يتم تشكيلهم. وما يزيد الطين بلة تعمّد العدد الأكبر من القضاة خفض أيام مناوبته في مركز عمله بسبب غلاء أسعار البنزين وتآكل قيمة رواتبهم الشرائية، إذ إن البعض يشرح أنّ راتبه لا يكفي لأكثر من 10 أيام في حال قرّر المناوبة يومياً.