رأت صحيفة الجمهورية، أن الذي جرى بالامس في أحد المصارف، هو أشبه بجرس انذار يفترض أنّه قرع في آذان السلطة كما في آذان المغارات المصرفية، دخول المصرف عنوة وترهيب الموظففين غلط لا يجيزه القانون، الا انه على جسامته، يبقى غلطا صغيرا جدا في موازاة الجريمة المُرتكبة بحق المودعين والمتمادية منذ ثلاث سنوات. والمجرم وقح، وفالت، ويعتبر مغارته المصرفية حصناً عاجيّاً ممنوعاً مقاربته، او الاعتراض على ما تفرضه من احكام عرفية وعشوائية على المودعين.
بات الكلام الإنشائي عن الودائع وحقوق المودعين الذي يصدر من هنا وهناك لغة فارغة، بل مَمجوجة لم يعد لها مطرح في قاموس اصحاب الاموال والمدخرات المسروقة، وينبغي هنا اخذ العبرة من مشهد المودعين الذين انتصروا لزميلهم وتضامنوا معه وبرروا له طريقة استرداد امواله. وتبعاً لذلك، فإنّ ما حصل بالامس ينبغي أن يكون قد هزّ المشاعر الجامدة لدى ما تسمّى سلطة، وأيقَظ المسؤوليات النائمة على أسرة التخاذل والعجز، ونَبّهها إلى أن الوقت قد حان لإجراءات عملية وقاسية من الجهات المسؤولة في الدولة، تضغط اللصوص وتضع الودائع على سكة العودة الى اصحابها.
آخر الدواء اقتحام المصارف
أشارت صحيفة الأخبار، إلى أنّ الأغلبية الساحقة من المودعين، ظلت عاجزة عن الحصول على أي قرش من أموالها نتيجة البطش المصرفي والقيود الاستنسابية. عندها، بات خيار «استيفاء الحق بالذات» (المادة 429 من قانون العقوبات) هو الخيار الأخير أمام من حوّلتهم المصارف إلى متسوّلين على أبوابها للحصول على أموالهم الخاصة. كانت تجربة المواطن عبد الله الساعي بانتزاع وديعته من مصرف بنك بيروت والبلاد العربية في جب جنين مشجعة لغيره، ولا سيما أن القاضية أماني سلامة أخلت سبيله بكفالة مالية لا تتعدى المئتي ألف ليرة، ما يؤشر الى تفهم القاضية لما قام به. ولا بدّ بعدها، من أن تتكرر هذه التجربة في ظل تقاعس السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية عن تحصيل حقوق الناس. لن يكون الساعي ولا باسم الشيخ حسين آخر المستوفين لحقوقهم بأنفسهم. إذا كان القيّمون على القانون هم أنفسهم السارقون وحماتهم، فلا بدّ أن يكون آخر الدواء هو أخذ الحق بالقوة… أيّ قوة.
سلامة يرفض الامتثال للقانون
اعتبرالأخبار، أنّه لعقود مضت، كان مصرف لبنان بعيداً عن الرقابة والمحاسبة، وتلازم ذلك، في السنوات الأخيرة، مع ترويج مفهوم الامتثال للقوانين الخارجية بذريعة شفافية العمليات المصرفية. إنما اليوم، مصرف لبنان يرفض الامتثال للقوانين المحلية، لذا يرفض إخضاع مصرف لبنان لقانون الشراء العام الذي أقرّ أخيراً. إذ إن الحاكم رياض سلامة يريد أن تبقى الصفقات في المصرف المركزي بعيداً عن أعين الرقابة.
في 5 تموز الماضي، وجّه سلامة كتاباً إلى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي يعترض فيه على شمول مصرف لبنان بقانون الشراء العام الذي يخضع كل الصفقات التي يجريها المصرف المركزي له، باستثناء تلك المتعلقة بإصدار النقد وطباعته. ويتذرّع سلامة في كتابه، بأن قانون الشراء العام الذي يحدد قواعد وأصول إجراء عمليات الشراء العام ينتقص من استقلالية «المركزي».
وعلمت «الأخبار» أن ميقاتي حوّل أوّل من أمس كتاب سلامة إلى هيئة الشراء العام لإبداء الرأي، وهي بدورها ردّت جواباً طالبة من مصرف لبنان إبلاغها بكل المستندات التي تتعلّق بعمليات الشراء التي يقوم بها اعتباراً من 29 تموز، مستندة في ذلك إلى الفقرة 6 من المادة 3 من قانون الشراء العام التي تنصّ على تطبيق أحكام القانون على عمليات شراء مصرف لبنان، باستثناء إصدار النقد وطباعة العملة وتحويلها.