تيزيزا فخري
حضر ملف عودة النازحين السوريين الى بلدهم سوريا، بقوة هذه المرة، بعد زيارة وزير المهجّرين في حكومة تصريف الأعمال عصام شرف الدين الى دمشق. الزيارة التي أشعلت السجالات بين الوزراء “الذين كادوا يتضاربون” خلال مناقشة هذا الملف، في جلسة المجلس الأخيرة. ملف عودة النازحين، انقلب في الآونة الأخيرة من ملف، الى مسلسل مكسيكي.
فكلّما اقتربت النهاية السعيدة للبنان والسوريين أيضاً، من يقوم بتفجير مواهبه في التمثيل أمام الرأي العام. رئيس حكومة تصريف الأعمال الرئيس المكلّف نجيب ميقاتي اليوم، يعرقل يماطل ويعطي وعودا، ويبقى حريصاً على عدم البتّ بقرار عودة النازحين الى بلدهم، هذا ما يقوله اكثر من وزير علنا وفي الغرف المغلقة. يستعجل بعقد الاجتماعات المتعلّقة بزيادة الضرائب على المواطنين، التي تزيد من فقرهم فقراً، ويبقي ملفاً بحجم هذا الملف معطّلاً، و”السبب مصالح خاصة” تبعا للوزراء ايضا. فالرئيس ميقاتي لن يقبل بأي شكل من الأشكال ان تتأثّر علاقاته الخارجية الشخصية، وصفقات العمل الخاصة به، حتى وان كلّف الأمر مصلحة بلد بأكمله.
والوزير شرف الدين سبق وأكد ان رئيس الحكومة رجل أعمال كبير ولديه مؤسساته في الغرب اي الدول المانحة ولا يريد أن يختلف معهم ولو على حساب الشعب اللبناني وكشف انه على خلاف مع الاخير بكل ما يطرح من مواضيع اقتصادية وكل ما وصلنا اليه بموضوع النازحين، “وفخور بأن ميقاتي شطب اسمي من تشكيلته الحكومية الجديدة.”
وفي هذا السياق كان ل ليبانون أون حديث مع المستشار الاعلامي لوزير المهجرين في حكومة تصريف الاعمال عصام شرف الدين، الاستاذ جاد حيدر، الذي أكد انه يعتبر الهجوم الذي شنّه ميقاتي على شرف الدين أكثر من طبيعي، فأي طرف يرفض عودة النازحين، ويملك “أجندات خارجية”، لن يقبل بما يقوم به الوزير، وميقاتي له مصالح بشكل كبير في عرقلة عودة النازحين. فباستطاعه ان يترأس اجتماعات اسبوعياً ويومياً وأن يناشد كل ساعة على ضرورة اعادة النازحين انما عندما يبدأ بالشعور بالخطر وباقتراب ساعة التنفيذ الفعلي، فميقاتي سيقوم حكماً بالأعمال التي يقوم بها اليوم. وكشف حيدر ان سيناريو السجالات داخل مجلس الوزراء محاك من قبل ميقاتي، “فليس هناك اي مشكلة لدينا مع اي من الوزراء، فهذا الملف لا يخصّ وزيراً ورئيسا، بل يخص كل لبناني شريف.” وأردف: “نحن نعلم تمام المعرفة ان العودة الآمنة لاخواننا السوريين مؤمنة، ومرحلة طرح الأفكار والمحاولات انتهت: نحن اليوم أمام التنفيذ، اي في المرحلة الأخيرة، وجميع الأكاذيب التي يتم “فبركتها” من أجل وهم الناس ان عودة النازحين ليست آمنة هي من نسج خيال ناسجها. فهناك من يزعم ان ليس هناك من بيوت مؤمنة للسوريين في سوريا ولكن سوريا من اكبر البلاد وهي حاضنة لأبنائها”. وشدّد حيدر على انه تمّ البحث مع المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم في هذا الملف، الذي وضع لوائح تحتوي على اسماء جميع النازحين المسجلين والراغبين بالعودة في المرحلة السابقة، ونحن جاهزون لخوض الموضوع حتى نهايته. ورأى ان لبنان يتعرّض اليوم لأفظع أنواع الهيمنة على قراراته وخرق لسيادته، من قبل غطاء داخلي.
وعند السؤال حول ما اذا كان هناك استهداف شخصي للوزير شرف الدين تحديداً وعن امكانية عدم طرح اسم الأخير لتولي المنصب نفسه في الحكومة المقبلة قال حيدر ان هذا الموضوع لا يعني شيئا:””بيسمّينا ما بيسمّينا آخر همّ عنا” أمام ملف عودة النازحين، الذي أصبح وجوديا وتحول الى قضية، وداخل الوزارة او بخارجها سنبقى نعمل على هذا الامر”
واضاف: اليوم الوزير شرف الدين حضر في سوريا بصفة رسميّة، وبزيارة رسمية، وبجميع الاطر البروتوكولية، والتقينا بجميع المعنيين من الطرف السوري بمسألة العودة، وأنا حضرت جميع الاجتماعات المطوّلة وسمعنا ردودا ايجابية ومتجاوبة ومرحّبة. وسبق ان حضرنا العديد من الاجتماعات وطرحنا العديد من الاتفاقات خلال السنوات الخمسة الفائتة. ونذكر جيّداً ان الشرط الأول الذي وضعناه على رئيس الحكومة كي نستلم وزارة المهجرين هو ان نعمل على اعادة النازحين.” وتابع: “لا علاقة لوزارة الشؤون الاجتماعية بهذا الملف فهي معنية فقط بأحوالهم في لبنان، فالملف سياسي بامتياز، ونحن على تنسيق كامل مع رئيس الجمهورية، والوزير شرف الدين يضعه بجميع التفاصيل، ويهمنا ان يعلم الرأي العام اننا امام خيارين لا ثالث لهما وهما اما تأمين عودة كريمة للنازحين واما خيار البقاء، وهذا ما لن نقبل به، فمصلحتنا ومصلحتهم على المحك”. وقال حيدر: “هذا الملف يمسّ بكرامة كل مواطن لبناني، والأمور لا تحلّ بالمزايدات، فكفاهم سرقة ونهبا وتجويعا للمواطن، وأحاديث في صالوناتهم الخاصة عن عدم سماح دول الخارج باعادة النازحين، اين القرار اللبناني من هذا الشأن؟! العودة بحاجة فقط الى خطوات جدية وتنفيذ.”.
واردفت: “نتأسّف ان ميقاتي هو اليوم على رأس الحكومة وهو شخص لا يبالي بهذا الملف”، مضيفا: “على المجتمع الدولي ان يطلعنا على قراره الحقيقي، فهل هو فعلاً يسعى الى اعادة النازحين ام لا؟” ملف عودة النازحين لم يعد ملفاً مأسوراً بوعود وبخطط، اصبح واقعاً لا يمكننا التهرب منه، ولكن يبدو ان هناك من وجد طرقاً وخلق أساليب خاصة واكاذيب، لمنع انجاز هذا الأمر، ليس بأمر مفاجئ، فميقاتي هو هو.. اعتاد ان يختار مصلحته الخاصة على حساب مصلحة الدولة.