بعد سلسلة متكررة من “الشطحات” اللبنانية، قرّرت موسكو على ما يبدو اعتماد مقاربة جديدة في التعامل مع “الأصدقاء” اللبنانيين، منهيةً “فترة السماح” لصالح مبدأ التعامل بالمثل، بما يشير إلى الانزعاج الروسي من الأداء اللبناني. وفيما تنفي مصادر مقربة من موسكو أن تكون الأخيرة في وارد “تأديب الدولة اللبنانية أو فرض وصاية قرار عليها”، مؤكدة أن “روسيا لا تعتمد هذه الأساليب”، لكنها تقرّ بأنها “تُعيد تنظيم سياستها مع الدول وفقاً لمصالحها”.
واشارت مصادر مقربة من موسكو لـ “الاخبار” الى أن “روسيا لا تتعامل مع الشأن اللبناني “دوغما”، وتفصل بين الشق السياسي والشق الإنساني. لذلك، فإن كل ما يتعلق بالأعمال الإغاثية وتقديم المساعدات للشعب اللبناني، ومسألة إعادة النازحين السوريين إلى ديارهم وما شاكل، “قضايا تتعاطى معها موسكو بكثيرٍ من الاهتمام بمعزل عن أي تأثير سياسي”.
ولفتت إلى أن الحكومة الروسية أصدرت، أخيراً، موافقة مبدئية على “هبة” حبوب بناء على طلب تقدم به رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في أيار الماضي، ويتولى متابعة هذا الملف بين بيروت وموسكو السفير الروسي لدى لبنان ألكسندر رودوكوف واللبناني في موسكو شوقي بو نصار. المعلومات تؤكد أن الهبة تتضمن تأمين أطنان من مادة القمح لزوم إنتاج الطحين، تُصرف شهرياً، حتى نهاية العام الجاري وقابلة للتجديد.
وقد أضيفت إليها أخيراً كميات إضافية من الحبوب من المفترض أن يحوّل قسم منها إلى الجيش اللبناني، أما بدء التنفيذ فمرهون بمسائل تفصيلية على صلة بـ “البيروقراطية الروسية” وسرعة المتابعة اللبنانية والاتفاق على الكميات والآليات، مع مراعاة بعض التدابير والتعقيدات الناشئة عن الأزمة الأوكرانية. الشق الأكثر أهمية ارتبط بالحديث عن موافقة موسكو على تزويد لبنان كميات من المشتقات النفطية (المحروقات).
وفيما أبلغت مصادر في موسكو “الأخبار” بأن الموضوع قيد المتابعة ولم يجرِ لغايته تحديد ماهية المشتقات وكمياتها، كشفت مصادر في بيروت، بأن “موسكو في صدد تزويد لبنان بكميات من الفيول لزوم إنتاج الكهرباء” من دون معرفة ما إذا كانت وزارة الطاقة قد تبلغت رسمياً بفحوى “الهبة الروسية” أم لا.
اول قافلة للنازحين
من جهة ثانية، علمت “اللواء” ان المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم تسلم من وزير المهجرين عصام شرف الدين، لائحة اسمية بأفراد ٣٧٤ عائلة سورية من منطقة القلمون القريبة من حدود لبنان، ابدت رغبتها بالعودة الطوعية من ضمن خطة إعادة النازحين التي تقضي بعودة 18 الف نازح شهريا.
وبناء لذلك، سيدقق الامن العام اللبناني في الاسماء ويرسلها الى وزير الشؤون المحلية ووزير الداخلية السوريين للتدقيق ومن ثم المباشرة بعد نحو عشرة ايام بتجهيز قافلة العودة التي ستضم نحو 200 سيارة.
وحسب المعلومات، هناك اسماء أخرى سترسل لنازحين سوريين في منطقة عكار ومدينة طرابلس ابدت رغبتها بالعودة.
أزمة “أوجيرو” إلى الحل
على صعيد مختلف، يبدو أن ملف موظفي هيئة “أوجيرو” ذاهب في اتجاه الحلحلة، وهو ما يُفترض أن يُعلن عنه يوم الجمعة المقبل على أبعد تقدير. عندها سيستكمل الموظفون إصلاح الأعطال المتراكمة، وتنتفي أسباب عودة النقابة إلى الإضراب.
“الأمور سالكة”، كما أكد وزير الاتصالات جوني القرم لـ”الأخبار” حول مسار مفاوضاته مع رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزير المالية يوسف الخليل، للسير في التسوية التي عقدها مع نقابة موظفي “أوجيرو” مقابل فك الإضراب نهائياً. ويقضي ذلك أن يوافق عون وميقاتي والخليل على سلفة خزينة لوزارة المالية بقيمة 128 مليار ليرة لدفع بدل غلاء المعيشة لموظفي “أوجيرو”.
هذا المسار رسمه القرم من خارج اللجنة الوزارية المكلّفة متابعة تداعيات الأزمة المالية على القطاع العام، والتي تعقد جلساتها في السرايا الحكومية برئاسة ميقاتي. عملياً سحب الملف من على طاولة اللجنة التي اتّسمت جلساتها بحسب معلومات “الأخبار” بـ”الفوضى”، إذ تقول مصادر متابعة “كل وزير يغنّي على ليلاه، ويعمل لحلّ أزمة وزارته وموظفيه بعيداً عن أي صورة للتضامن الوزاري. كما أن أحداً لا يملك المعطيات الكافية عن الملف العالق في وزارة زميله”.