كتبت صحيفة “الديار” تقول: ترى مصادر ديبلوماسية في بيروت بان التوتر السعودي يبدو مبررا، وعملية “اجهاض” العشاء في السفارة السويسرية كان الدليل الاكثر وضوحا على وجود هواجس كبيرة ازاء اي حراك يمكن ان يمنح حزب الله “اليد العليا” في اي تسوية مفترضة، الرياض التي كانت على علم مسبق بتفاصيل الدعوة واهدافها، ومنحت “القوات اللبنانية” والحزب “الاشتراكي” الضوء الاخضر لتلبيتها، راجعت حساباتها بعد التوصل الى التفاهم على الترسيم البحري، وكذلك اهتزاز علاقتها مع الادارة الاميركية، ووجدت ان الوقت ليس مناسبا في ظل اختلال الموازين لصالح خصومها، واختارت “قلب الطاولة” دون قفازات هذه المرة، فتحرك السفير السعودي الوليد البخاري في وضح النهار بين المقرات الرئاسية، وضغط على الحلفاء للتراجع بالتزامن مع حملة اعلامية مبرمجة تحذر من “سقوط” اتفاق الطائف.
طبعا السعودية ليست مقتنعة بترويج البعض بان “الترسيم” يشبه اتفاقيات “إبراهام”، فحزب الله يبقى عدوا وتهديدا أمنيا “لإسرائيل” بإقرار اميركي- “اسرائيلي”، لكن ظهور الحزب مجددا كأكبر قوة محلية واقليمية، ويملك “الفيتو” الفعلي على قرارات الحكومة اللبنانية التي لم تكن لتقبل الاتفاق دون “الضوء الاخضر” من قبله، اعاده الى “رأس الطاولة” من جديد وجعله الطرف الاهم، الذي يمكن ان تبحث واشنطن معه عن “صفقة” محتملة تتعلق بملفات داخلية وخارجية، وقد تكون هذه المرة برعاية فرنسية بعدما اثبتت الديبلوماسية الفرنسية جدواها باعتبارها الطرف الغربي الوحيد الذي حافظ على علاقات جيدة مع حزب الله،
ولعبت دورا محوريا وراء “الكواليس”، حيث تفيد المعلومات بان مسؤولين فرنسيين التقوا بممثلين عن حزب الله قبل التوصل الى الاتفاق الشامل، وهو ما عبرت عنه وزارة الخارجية الفرنسية بالتأكيد ان فرنسا ساهمت بفاعلية في الاتفاق، لا سيما من خلال نقل الرسائل بين الاطراف المختلفة بالتنسيق مع الوسيط الاميركي. ولهذا تعتبر التجربة ناجحة، ويمكن ان يقاس عليها في الاستحقاقات الدستورية وفي مقدمها الانتخابات الرئاسية!