أشارت صحيفة “الأخبار”، إلى أنّه فيما ظلّت الاستفاقة المُتأخرة على ملف ترسيم الحدود البحرية مع سورية عشية مغادرة الرئيس ميشال عون قصر بعبدا «لُغزاً»، دهمَ الردّ السوري المشهد السياسي ليلاً بعدَ الكشف عن إلغاء الحكومة السورية «الزيارة التي كانت مقررة (غداً) الأربعاء وأنها بعثت برسالة إلى وزارة الخارجية اللبنانية تقول فيها إن الوقت غير مناسب لمثل هذه الزيارة». هذا ما لم يدخُل في حسبان المعنيين الذين توهموا أن سوريا ستفتح الباب أمام انفتاح لبناني ظلّ محصوراً بقنوات غير رسمية وغير معلنة رغمَ القطيعة التي مارستها الحكومات انصياعاً للغرب وتحديداً للولايات المتحدة، فضلاً عن عدم قيام رئيس الجمهورية بأي خطوات لكسر هذه القطيعة. وربما غابَ عن حسابات الذين سارعوا أو «تسرّعوا» في «قطف» هذا الملف وتسجيله كإنجاز أن هناك الكثير من الظروف والاعتبارات التي لا يمكن لدمشق أن تقفِز عنها، فضلاً عن رفضها التعامل على «القطعة». كل هذه أمور وأسباب لم تذكرها الرسالة التي وصلت إلى بيروت، لكن لمن يعرف تفاصيل وأجواء العلاقة لم يكُن هذا الجواب مفاجئاً.
الرواية الرسمية أو شبه الرسمية التي يتناقلها المعنيون بالملف تقول إن «نقصاً في التنسيق أدى إلى ما أدى إليه»، خصوصاً أن «نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب لم يتواصل مع مسؤولين سوريين لتحديد موعد»، وأن «يوم الأربعاء حدّده الجانب اللبناني بشكل منفرد، وليسَ استناداً إلى الاتصال الذي أجراه الرئيس ميشال عون بالرئيس السوري بشار الأسد الذي كانَ عاماً ولم يتطرق إلى التفاصيل اللوجستية».
الخلفيات «الحقيقية» التي تقاطعت حولها مصادر سورية وأخرى لبنانية قريبة من دمشق تؤكد التالي:
أولاً، لم يكُن هناك اتفاق على موعد أو على اجتماعات، حتى أن الوفد اللبناني (يضمّ نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب ووزيرَي الخارجية عبدالله بوحبيب والأشغال علي حمية والمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم) لم يكن لديه أجندة أو جدول أعمال، بل كان ينتظر تحديد المواعيد بدقة، وليس صحيحاً أنه جرى تحديد يوم الأربعاء، فهذا الموعد كشف عنه الجانب اللبناني من دون اتفاق مسبق مع الجانب السوري وهو أمر غير مفهوم. إذ من المفترض أن يطلب لبنان الموعد وأن تقوم سورية بتحديد التاريخ.
ثانياً، أن «الاتصال الذي جرى بين عون والأسد كان إيجابياً لكن الاتفاق على استكمال البحث كانَ عاماً».
ثالثاً، استغربت دمشق كيف أن القرار بالحوار معها لم تتم مشاركته مع بقية المسؤولين، خصوصاً رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، ويأخذ المسؤولون السوريون على ميقاتي أنه لم يحرك ساكناً تجاه أي تواصل مع سوريا، علماً أن مصادر مطلعة لمحت إلى أنه كانَ مرتاحاً لتأجيل الموعد.
إلى ذلك، كشفت المصادر أن السوريين سبق أن أبلغوا لبنان أن الأعمال جارية من الجانب السوري وأن العقود مع الشركات الروسية قائمة وأن البحث لا يُمكن أن يتم على طريقة «الإحراج». فضلاً عن أن دمشق تتطلع إلى موقف لبناني مختلف حيال العلاقات الرسمية الملتبسة مع سوريا حيث لا تزال الحكومات اللبنانية تقوم بخطوات لإرضاء الغرب وتستمر بمقاطعة سوريا وتختصر العلاقات بالتنسيق الأمني غير المعلن وبالعلاقات العامة، حتى أن لبنان يهمل تسمية سفير جديد في دمشق بينما تعد سوريا لإرسال ديبلوماسي سوري مخضرم إلى بيروت مقابل إشاعات عن أن لبنان يتحضر لاختيار ديبلوماسي من الفئة الثالثة!
تجاهل الدور الروسي في التنقيب والاستخراج استمرار لسياسة لبنانية معادية لموسكو
وبينما يستهدف الحوار معالجة إشكالية التداخل بين البلوك رقم 1 من الجانب السوري (مقابل ساحل محافظة طرطوس) مع البلوكين اللبنانيين 1 و2 على مساحة بحرية تمتد ما بين 750 و1000 كيلومتر مربع، يجب أن يؤخذ في الاعتبار أن دمشق وقّعت في آذار 2011 عقداً مع شركة «كابيتال» الروسية للتنقيب عن النفط والغاز وإنتاجهما في البلوك رقم (1)، لذلك على لبنان أن يدرك أن التفاوض على الحدود، وكذلك على الحقول والأشغال يجب أن يتم بمشاركة الجانب الروسي الذي يوفر الحماية لكل الأعمال في تلك المنطقة.
ورغمَ أن روسيا مستاءة من كل السلوك اللبناني إزاء موسكو منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا، لكنها لا تظهر معارضة للتعاون بل على العكس عرضت المساعدة في الحل، فيما على لبنان معرفة أن الروس سيعملون في تلك المنطقة وليس أي شركات عالمية أخرى، وأنه من غير المقبول أن يكون هناك فيتو لبناني على العمل مع الشركات الروسية بناء على رغبة أميركية.
وزارة الطاقة تحضّر مناقصة استيراد الفيول أويل لتأمين 8 ساعات تغذية
قالت مصادر مطّلعة إن وزارة الطاقة بدأت تحضّر دفتر شروط مناقصة شراء فيول أويل لزوم تشغيل معامل كهرباء لبنان، وأن إطلاق المناقصة سيبدأ خلال أسبوعين. تستهدف الوزارة شراء كمية فيول أويل تكفي لإنتاج نحو 700ميغاوات تضاف إلى نحو 200 ميغاوات منتجة بواسطة الفيول العراقي، أي ما مجموعه 900 ميغاوات أو ما يعادل 8 ساعات كهرباء خارج أوقات الذروة يتوقع ضخّها على الشبكة اعتباراً من مطلع شهر كانون الأول.
وبحسب المعطيات، فإن تنسيق عملية التمويل لشراء الفيول هو أمر ضروري، إذ إن مصرف لبنان على استعداد لتمويل الكميات بقيمة شهرية تعادل 100 مليون دولار لمدّة 6 أشهر، والتي يفترض أن تدفع ثمنها مؤسسة كهرباء لبنان على سعر «صيرفة»، لكن الأمر يثير ثلاث مسائل متّصلة وهي: تطبيق التعرفة، جمع الأموال وفتح الاعتمادات.
قرار زيادة التعرفة بات حاضراً ولا يبقى إلا الجهوزية التقنية لتنفيذه وتحديد يوم التنفيذ. فوزارة الطاقة أرسلت كتاباً إلى مؤسسة كهرباء لبنان لإبلاغها بأن وزيرَي المال والطاقة وافقا على قرار رفع التعرفة كما ورد في خطّة الطوارئ، ومرفق بهذه الرسالة كتاب من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي يطلب فيه زيادة التعرفة من دون أي إشارة إلى أن خطّة الطوارئ اشترطت ربط زيادة التعرفة بزيادة عدد ساعات التغذية بالكهرباء. هذا يعني أنه لا يبقى سوى أن تنجز مؤسسة كهرباء لبنان التحضيرات التقنية اللازمة لبدء تطبيق التعرفة، وأن تقرّر أيضاً إذا كانت ستتعامل مع كتاب ميقاتي ببدء التطبيق قبل زيادة عدد ساعات التغذية.
لكن زيادة التعرفة حيوية أيضاً بالنسبة إلى عملية جمع الأموال اللازمة لتسديد ثمن الفيول أويل المستورد. فالجباية وفق التعرفة الجديدة تحتاج إلى وقت طويل نسبياً قد يصل إلى بضعة أشهر، وهذا ما سينعكس سلباً على آلية عملية التمويل اللازمة لشراء الفيول. وبالتالي هل ستحتاج مؤسسة كهرباء لبنان إلى سلفة خزينة لبدء زيادة عدد ساعات التغذية بالتزامن مع تطبيق زيادة التعرفة؟
ثمة آلية أخرى تناقش حالياً، وهي متصلة بما إذا كان مصرف لبنان سيفتح اعتمادات مضمونة لاستيراد الفيول أويل، على أن يسدّد ثمنها للملتزم بعد 6 أشهر. وبالتالي فإن الأمر لا يحتاج بلاسلفة خزينة، إذ إنه في هذه الأشهر الستة ستكون المؤسسة قد جمعت المبالغ المطلوبة منها، ولكن سيكون لديها مشكلة ثانية تتعلق برأس المال التشغيلي. فهي كلما جمعت أموالاً ستسددها لمصرف لبنان، على أن هذا الأخير سيواصل فتح الاعتمادات التي تُدفع لاحقاً، وإلا لن يكون هذا الأمر مستداماً، بل ستكون خطوة مؤقتة لبضعة أشهر فقط.