جاء في صحيفة “الأخبار”، أنّ المشهد السياسي اتجه نحو مسار جديد غداة الوقائِع التي أقفلَ عليها الأسبوع الماضي، من زيارة قائد الجيش العماد جوزف عون إلى الدوحة، واللقاء الذي جمع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في الرياض السبت الماضي. إذ بدت الآراء متفقة على «توافر عوامل خارجية جديدة قد تجد ترجمة لها في الملف الرئاسي، وليس بالضرورة أن تكون حلولاً».
صورتا عون في الدوحة وميقاتي في الرياض أفضتا إلى خلاصتين. أولاً، أن «دعم قائد الجيش كمرشح رئاسي لم يعُد مجرد تحليلات»، وثانياً أن «السعوديين فتحوا للفرنسيين نافذة حوار في ما يتعلق بالملف اللبناني»، وسط معلومات تفيد بأن الرياض تناقش مع الفرنسيين والأميركيين فكرة دعم ترشيح قائد الجيش في حال كان منخرطاً في برنامج يحاكي هواجسهم.
وحتى ليل أمس، لم يكُن قائد الجيش الذي عاد إلى بيروت قد وَضعَ أياً من المقربين إليه في جوّ زيارته، رغمَ أنها حظِيَت باهتمام بالغ. فهو أحد أبرز المرشحين لرئاسة الجمهورية أو يكاد يكون المنافس الجّدي الوحيد لرئيس تيار المردة سليمان فرنجية. وللمرة الأولى، لم يُحصر سفر «القائد» بدعم المؤسسة العسكرية، بل ثمة قناعة بأن دعوة عون إلى قطر تأتي في إطار مزيد من «التعرّف» إليه، تمهيداً لمرحلة جديدة في الملف الرئاسي قد تحمِل إعلاناً رسمياً لترشيحه.في موازاة ذلك، حمل الإعلان عن لقاء ميقاتي وبن سلمان، بعدَ لقاءات سابقة بقيت بعيدة من الإعلام، حملَ إشارة واضحة إلى تراجع المملكة «مبدئياً» عن الـ«لا» الحاسمة التي كانت ترفعها في وجه كل من يحاول مفاتحتها في الملف اللبناني. وتؤكد مصادر مطلعة أن استقبال ابن سلمان لميقاتي جاء بناء لطلب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، خصوصاً أن رئيس حكومة تصريف الأعمال لا يزال يحظى بالأفضلية لدى الفرنسيين الذين يحاولون إقناع السعوديين به كرئيس لحكومة ما بعد انتخاب رئيس جديد للجمهورية، أياً كان. علماً أن الدعم السعودي مقرون بشرط الالتزام بالسياسة السعودية المعبّر عنها في البيان الختامي للقمة السعودية – الصينية الذي شدد على «أهمية إجراء الإصلاحات اللازمة، والحوار والتشاور بما يضمن تجاوز لبنان لأزمته، تفادياً لأن يكون منطلقاً لأي أعمال إرهابية وحاضنة للتنظيمات والجماعات الإرهابية التي تزعزع أمن واستقرار المنطقة، أو مصدراً أو معبراً لتهريب المخدرات»، وهو ما تعهد ميقاتي به بعد اللقاء بالتأكيد على «اتخاذ كل الخطوات التي تمنع الإساءة إلى المملكة العربية السعودية». واستغل ميقاتي وجوده في الرياض لتعزيز صورته العربية فالتقى ولي العهد الكويتي الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، وأشار إلى أنه «سيزور الكويت على رأس وفد وزاري مطلع السنة، وهناك العديد من الملفات التي سيتم بحثها»، قبل أن يجتمع مع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني ونظيره الجزائري أيمن عبد الرحمن
وكتبت مــيـرا جـزيـنــي في ليبانون فايلز،”لم تنطوِ نهاية الأسبوع على سكينة، بالنظر الى أن سلاسل توريد الأزمة اللبنانية لا تنقطع ولا تجفّ.
لكن يبقى الأبرز في ما حصل في اليومين الأخيرين أمرين لافتين:
١- تجريد البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي من أي تغطية، كان أوحى بها، لاجتماع حكومته.
وتاليا، أضحى ميقاتي عارياً من أي غطاء مسيحي سياسي وروحي، ما خلا تيار المردة.
ويُنتظر كيف سيتصرف حيال اعلان الراعي بوضوح أنه طلب منه عدم عقد اجتماع للحكومة، لكنه لم يستجب.
كما يُنتظر ما سينتهي اليه الاجتماع التشاوري لميقاتي مع عدد من الوزراء اليوم الإثنين، خصصه في الأصل للتداول في الدعوة الى الجلسة الحكومية الثانية.
٢- اعلان نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم ٣ مواصفات أساسية للرئيس القادم:
رعاية خطة للإنقاذ الاقتصادي المالي، القدرة على التواصل والتعاون مع كل الأطراف الموجودين على الساحة، ألا يكون استفزازياً بل يعمل بهدوء لمعالجة القضايا الخلافية.
وأثارت هذه المواصفات الأولى من نوعها للحزب، حيرة لدى جهات سياسية، خصوصا أنها لم تأتِ على ذكر مواصفة واحدة ووحيدة سبق أن حددها الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله المتمسك برئيس يحمي المقاومة.
إذ إن المواصفة الأولى والمتقدمة من بين المواصفتين الأخرتين لا تنطبق أو تتوافق مع مرشح الحزب زعيم تيار المردة سليمان فرنجية.
فيما الثانية والثالثة غير قابلتين للتطبيق لا مع التيار الوطني الحر ولا مع القوات اللبنانية بما يمثلان من وزن وثقل لدى المسيحيين.
وتدقق الجهات السياسية في إمكان أن تكون مواصفات قاسم بداية مسار جديد للخروج من ترشيح فرنجية.
وهو أمر تدرك الجهات أن دونه عقبات لكنه باعتقادها ليس مستحيلا، خصوصا متى اقتنع الحزب أن المسار الذي يعتمده راهنا عبر الورقة البيضاء في المجلس النيابي بانتظار نضوج ظرف انتخاب فرنجية، ينطوي على مخاطر عدة…
وخصوصا لجهة علاقته مع التيار الوطني الحر، ولجهة إمكان أن يؤدي العقم الى تعويم خيارات رئاسية أخرى لا يرتاح إليها، في مقدمها خيار قائد الجيش العماد جوزف عون.