جاء في “نداء الوطن”:
لم يحمل كلام رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي أمام “منتدى الاقتصاد العربي” أي جديد خارج سياق المعروف من القاصي والداني في الشرق والغرب عن الانهيار اللبناني، وخارج ما هو ملموس على أرض الواقع تحت وطأة ما يعايشه ويكابده اللبنانيون في يوميات أزماتهم المذلّة تحت سلطة الفريق الحاكم نفسه الذي يتباكى اليوم على أحوالهم المزرية أمام العالم. فالكل يدرك أنّ لبنان بات على “مفترق طرق بين النهوض والتدهور”، لكن ما لم يقله ميقاتي هو أنّ السلطة التي يتحدث باسمها هي التي تعترض “طريق النهوض” وتواصل تعبيد “منزلقات التدهور” بعيداً عن سبل الإصلاح والإنقاذ.
وبهذا المعنى أتى تحميل الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط أمس المسؤولين في لبنان مسؤولية مباشرة عن “الانسداد السياسي والوضع الاقتصادي الصعب والمعقّد للغاية”، باعتبارهم المطالبين قبل سواهم بأن “يبذلوا الجهود في أسرع وقت لإخراج البلد من هذا المأزق”، مؤكداً أنّ خارطة الطريق الإنقاذية تبدأ أولاً من خطوة انتخاب رئيس جديد للجمهورية وبعدها تأتي عملية “انطلاق آليات الاقتصاد اللبناني”.
وإذ أكدت مصادر مواكبة لزيارة الوفد العربي إلى بيروت أنها تأتي ضمن إطار بروتوكولي للمشاركة في المؤتمر الاقتصادي “من دون أن تكون هناك أي مبادرة عربية محددة خارج إطار التحذير من مغبة استمرار الوضع اللبناني على ما هو عليه من تأزم وانسداد”، لم تستبعد في الوقت عينه أن تشهد المرحلة المقبلة مع انطلاقة العام الجديد “حراكاً معيناً باتجاه تزخيم التواصل العربي – الغربي حول ملف الأزمة اللبنانية”.
وفي هذا الإطار، كشف مسؤول سياسي رفيع لـ”نداء الوطن” أنّ الحراك الخارجي المرتقب يرتكز على فكرة طرحها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لعقد مؤتمر “أصدقاء لبنان” في مصر أو الأردن بمشاركة عربية وغربية بغية التباحث في سبل تقديم مساعدات طارئة لمنع انهيار الدولة اللبنانية وتمكين المؤسسات الرسمية الأساسية من القدرة على الاستمرار بالعمل بعدما بلغت حدود التفكّك، وأوضح المسؤول أنّ هذه الفكرة لاقت قبولاً مبدئياً من عدد من الدول المعنية غير أنّ الاتصالات والمساعي الجارية راهناً بشأنها تتركز على بلورة صيغة انعقاد هذا المؤتمر على أساس “الورقة الكويتية” التي كان قد نقلها وزير الخارجية أحمد الناصر الصباح إلى بيروت وتضمنت عشرة بنود لإعادة بناء الثقة الخليجية والعربية مع لبنان.
وبحسب المعلومات، فإنّ الرئيس الفرنسي الموجود حالياً في المنطقة يكثّف جهوده مع الرياض والدوحة حول الملف اللبناني، وكان قد سعى قبيل انعقاد مؤتمر “بغداد 2″ في الأردن إلى مشاركة ميقاتي في المؤتمر لإعطاء حيّز لبناني أكبر في المناقشات التي جرت على هامشه، لكنّ طرحه هذا لم يلقَ قبولاً ربطاً بأولية الملف العراقي التي كانت مطروحة حصراً على طاولة المؤتمر.
وتنقل مصادر واسعة الاطلاع لـ”نداء الوطن” أنّ تركيز ماكرون اهتمامه على الملف اللبناني ينطلق من التحذيرات المتتالية التي ترد في التقارير الواردة إلى دوائر الإليزيه من أطراف لبنانية وفي مقدّمها رئيس حكومة تصريف الأعمال عن تفاقم الأزمة بشكل خطير قد يصعب تدارك تداعياتها في الفترة المقبلة بعد الأعياد، تحت وطأة تعاظم الهواجس الحقيقية من سقوط مؤسسات الدولة وتحلل هيكليتها ما لم تسارع الدول الحريصة على لبنان إلى مدّ يد المساعدة له في أسرع وقت ممكن.
وعلى هذا الأساس، أوضحت المصادر أنّ الاتصالات التي أجراها ماكرون أفضت إلى الاتفاق على عقد اجتماع رباعي فرنسي – أميركي – سعودي – قطري في باريس “على مستوى المستشارين” للبحث في مستجدات الملف اللبناني ومحاولة إحداث خرق في جدار الأزمة، مشيرةً إلى أنّ دعوة قطر إلى الاجتماع تأتي من منطلق دخولها في الآونة الأخيرة على خط التواصل مع عدد من الأفرقاء اللبنانيين لا سيما منهم قوى “8 آذار” ربطاً بالمباحثات التي تجريها مع رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل وقدرتها على تذليل العقد والعراقيل التي يضعها هذا الفريق أمام انتخاب رئيس جديد للجمهورية، مع التأكيد في الوقت نفسه على أنّ الجانب القطري يعمل في هذا الاتجاه تحت سقف المشاورات المستمرة بين الفرنسيين والسعوديين والأميركيين لإيجاد الحلول المناسبة للبنان.