أشارت صحيفة “الأخبار”، إلى مخاوف أوروبية من تدهور الوضع الأمني في لبنان، موضحة أن القراءة الأمنية، الأوروبية تحديداً، تختصر الواقع الأمني اللبناني من ثلاث زوايا، وهي “الأولى التوتر في الجنوب بين المقاومة والعدو الإسرائيلي وشكل الصراع المحتمل واحتمالات الانزلاق إلى صدامٍ مسلّح. الثانية، خطر الفوضى الاجتماعية الآخذة في التوسّع. بينما تحاكي الزاوية الثالثة خطر المجموعات الإرهابية ذات البعد الإسلامي السلفي”.
ولفتت إلى أنه “يبقى حديث الساعة لدى الغربيين في بيروت، الخوف من تدهور الوضع الاجتماعي نحو فوضى أمنية مسلّحة لأسباب اقتصادية – نفسية، مع وجود عدد من الأسباب المحليّة لاندلاع صراعات أهلية، على خلفيات مناطقية وطائفية وسياسية والصراع على الموارد والمصالح الضيّقة، مع انحسار تأثير الدولة”.
إذ “تأتي هذه المخاوف، بعدما تبيّن أيضاً للغربيين أن القوى السياسية اللبنانية الرئيسية غير مستعجلة لحلّ أزمة الفراغ الرئاسي والحكومي أو فرملة الأزمة المالية – الاقتصادية، حتى إن لم تكن ممثّلة ومطمئنة لحصتها من السلطة المقبلة. ويترافق الفراغ مع صعوبة حصول حركة شعبية في الشارع مشابهة لهبّة 17 تشرين، رغم تعاظم الانهيار الاقتصادي ووصول غالبية اللبنانيين إلى مستويات خطيرة من الفقر، ما يعزّز استخدام السلاح والأعمال الجنائية كوسيلة للتعبير الاجتماعي عن الغضب واليأس والسّعي وراء الموارد”.
إلى ذلك، نقلت الصحيفة عن أكثر من مصدر غربي، اعترافهم “بصعوبة اتخاذ قرار سياسي يتحدّى القرارات الأميركية، بخصوص سوريا تحديداً والنازحين السوريين في لبنان، ووجود أعداد إضافية من اللبنانيين والسوريين الذين تضيق بهم السبل. فضلاً عن أن بعض دول أوروبا، ولا سيما ألمانيا، لا تمانع حضور لاجئين جدد إلى الأراضي الأوروبية، شريطة أن يستوفوا «معايير الإنتاجية» والمواصفات العمرية، بخلاف ما تحمله “مراكب الموت” والهجرة العشوائية”.
لبنان على حد السكين
هذا وأبلغت مصادر صحيفة “الجمهورية”، أنّ “الوضع في لبنان بات فعلاً على حد السكين، فمن جهة بات وضعه مفككا سياسيا، ومتآكلا ماليا واقتصاديا واجتماعيا، وحتى أمنيا، وكلها اسباب دافعة الى التعجيل في اعادة التوازن الداخلي، بدءاً بانتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة تعيد التقاط زمام الامور. واما من الجهة الثانية فيبدو أن مشهد المنطقة يقترب من أن يوضع على برميل بارود آيل للانفجار في اي لحظة”.
وحذّرت المصادر مما سمّته “الصاعق الاسرائيلي”، الذي قد يضع المنطقة برمتها على حافة الانفجار، ودعت الى رصد تطورات الداخل الاسرائيلي، معتبرة “أن ما رافَق تشكيل الحكومة الاسرائيلية الجديدة برئاسة بنيامين نتنياهو، والتي تبدو اكثر تطرفا وتشددا ممّا سبقها، يُضاف الى ان المستويات الاسرائيلية على اختلافها تعترف بأن الداخل الاسرائيلي يعاني مأزقا وازمات، يثير المخاوف من خطوات تصعيدية للتغطية عليها”.
وذكرت المصادر أنّ “منذ العام 2006 وحتى اليوم، لم يحصل ان كانت مؤشرات الحرب والتصعيد في المنطقة أعلى مما هي عليه في هذه الفترة، نظراً الى المأزق الذي صاحَب تشكيل حكومة نتنياهو، حيث ان الكثير من المحللين الاسرائيليين يصرّحون علناً بأن لا مهرب من هذا المأزق سوى بالذهاب الى حرب؛ حرب شاملة، او حرب مؤقتة ومحدودة، او حرب بالوكالة. واما الهدف الاساس لهذه الحرب فهو في الداخل الفلسطيني، والتصعيد ضد ايران. وفي هذا السياق تُبدي المصادر قلقا جديا من ان يكون لبنان ضمن دائرة التصعيد والاستهداف”
وتخلص المصادر الى التأكيد على انه ربطاً بالمسار الانحداري المُتسارع الذي يشهده الواقع اللبناني اقتصاديا وماليا واجتماعيا ومعيشيا، وكذلك ربطا بالتطورات الاقليمية المحتملة، باتت الحاجة اكثر من ملحّة الى تحصين الداخل امام العواصف الداخلية والخارجية، وباب هذا التحصين مدخله التوافق الداخلي وحسم الملف الرئاسي، وامام اللبنانيين فرصة حقيقية ما زالت متاحة لكسر الانسداد القائم، وجعل كانون الثاني الجاري، شهر الحسم الرئاسي والتوافق على انتخاب الرئيس.
ونقلت الصحيفة كلامًا عن لسان وزير اوروبي زار لبنان قبل ايام قليلة، حيث قدّم مقاربة سوداوية للوضع في لبنان، مُلقياً على القادة اللبنانيين المسؤولية المباشرة في إيصال الحال الى ما هو عليه من اهتراء.
وبحسب معلومات موثوقة لـ”الجمهورية”، فإنّ الوزير الاوروبي قاربَ المشهد اللبناني بكثير من التأثر والتعاطف مع الشعب اللبناني، ونقل عنه ما مفاده «انا شخصياً قد أمضيتُ في لبنان فترة كبيرة، وكنت سعيدا ومسرورا جدا، واحمل في نفسي الكثير من العاطفة تجاه هذا البلد الجميل. وكل العالم متضامن مع لبنان ويريد له ان يكون مستقرا ومُعافى من ازماته، وفرنسا بالتحديد تكنّ للبنان محبة كبيرة، والرئيس ايمانويل ماكرون حمل لبنان وقضية لبنان الى كل المحافل سعياً لحشد الدعم له لإخراجه من أزمته. لم يترك أصدقاء لبنان وسيلة الا واستخدموها لِحَث القادة فيه على حل ازمتهم وانتخاب رئيسهم، ولكن مع الاسف انتم اللبنانيون لم تساعدوا الرئيس ماكرون، كما لم تساعدوا انفسكم، وخيّبتم امل المجتمع الدولي»
ووفق المعلومات فإن الوزير الاوروبي قارَبَ أداء السياسيين بشيء يفوق اللوم، حيث نقل عنه في هذا السياق ما مفاده انّ لبنان وحتى ما قبل نهاية السنة الماضية كان امام فرصة لبلورة حل لأزمته وانتخاب رئيس للجمهورية، يجذب اهتمام كل العالم اليه والوقوف الى جانبه، ولكنكم مع الاسف، بواقعكم السياسي وتصادم المصالح أطَحتُم هذه الفرصة».
وبحسب ما نقل عن الوزير الاوروبي “فإنّكم في لبنان فقدتم فرصة سحرية لايقاف الانهيار، وقد كان هذا ممكناً قبل نهاية السنة الماضية. وعليكم ان تدركوا ان اقتصادات الكثير من الدول وخصوصا الدول المهمة، تعاني. فهناك مشكلات داخلية كبيرة جدا، في المناحي الاقتصادية والمالية، وهناك ضغوط عسكرية وامنية متزايدة على اكثر من ساحة دولية، جراء الحدث الاوكراني الآخذ في التفاعل الى حدود خطيرة جدا ومفتوحة على تطورات اوسع غير محسوبة او متوقعة او محدودة، وهذا معناه انّ اولويات الدول، سواء فرنسا او غير فرنسا، صارت داخلية، واهتماماتها مركّزة على مشكلاتها، التي صارت اكبر من قدرتها على التعامل مع قضايا دول اخرى. وبالتالي اصبحتم في لبنان امام قدركم وواجبكم المسارعة الى التحرك المسؤول لإنقاذ بلدكم”.
الى ذلك، ابلغت مصادر ديبلوماسية في باريس الى “الجمهورية”، قولها إنها لا ترى في الافق اللبناني ما يؤشّر الى انفراج في المسار الرئاسي في ظل التباعد القائم بين السياسيين. مشيرة الى ان باريس مستمرة في جهودها واتصالاتها مع كل الاصدقاء لمساعدة لبنان على تجاوز أزمته. كما ان جهود الديبلوماسية الفرنسية لم تتوقف في سبيل حثّ القادة في لبنان على التوافق لانتخاب رئيس للجمهورية”.
وردا على سؤال حول التحضيرات لعقد اجتماع حول لبنان في باريس، كشفت المصادر ان هذا الأمر متفاعل في الاعلام فقط، حيث لا شيء نهائيا في هذا الاطار، بل لا شيء اكيداً حتى الآن إنما ليس مستبعداً، ولكن يبقى الاساس هو انّ احداً لن ينوب عن اللبنانيين في تحمّل مسؤولياتهم ووضع بلدهم على سكة الانقاذ واعادة انتظام وضعه السياسي والمؤسساتي والدستوري، والاتفاق على انتخاب رئيس الجمهورية هو الخطوة الاولى في هذا السبيل.
نفاد الفيول في المعامل وميقاتي يرفض على سلفة البواخر
وفي سياق آخر، لفتت “الأخبار” إلى “استمرار أزمة الكهرباء التي ستكون أكثر تعقيداً في الأسبوعين المقبلين بعد نفاد الفيول أويل في خزانات معامل إنتاج الطاقة، ما يعني عدم القدرة على إنتاج أي دقيقة من الكهرباء، في وقت يستمر الخلاف على تمويل 3 بواخر من الفيول راسية مقابل الشاطئ، فيما يحتاج البدء في تنفيذ العقد الجديد مع العراق إلى وقت”.
وأوضحت نقلا عن مصادر وزارية أن “رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، الذي كان لا يزال في إجازة خاصة في الخارج، لم يوافق على منح السلفة المالية بموافقة استثنائية، متذرعاً باجتهادات قانونية. وقالت المصادر إن وزير المالية يوسف الخليل كرر إحالة سائليه عن الملف إلى ميقاتي ورئيس المجلس النيابي نبيه بري. فيما قال مقربون من رئيس الحكومة إن القرار يحتاج إلى مرسوم صادر عن الحكومة، وإن إقراره بموافقة استثنائية قد يعرضه للنقض من قبل معارضين للحكومة في إشارة مباشرة إلى التيار الوطني الحر. علماً أن التيار لم يشر إلى أي خطوة من هذا القبيل”.
وأشارت المصادر إلى أن “هناك تحليلات أكثر مما هناك معطيات حول خلفية موقف رئيس الحكومة، بين من يعتقد بأن بري وميقاتي يريدان عقد جلسة جديدة للحكومة لدفع التيار إلى الزاوية، رغم أن حزب الله أبلغ رئيس الحكومة أنه لا يؤيد عقد جلسة تؤدي إلى مزيد من التأزيم. في المقابل، هناك من يؤكد أن الأموال غير متوافرة وأن تعهد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ليس واضحاً، علماً أن وزارة الطاقة تلقت تأكيدات إضافية من مصرف لبنان بأن الأموال متوافرة متى توافر القرار المفترض تبلغه من وزارة المالية”.