كتبت باتريسيا جلاد في “نداء الوطن”:
بين السوبرماركت و»دكّنجي الحيّ» تختلف التسعيرة وفق سعر صرف الدولار وتنعكس ارتفاعاً على أسعار المنتجات لا سيّما الغذائية منها.
فعدّاد السوبرماركت الكبيرة يبدو أسرع من الميني ماركت والدكّنجي، كما تختلف التسعيرات حسب المناطق ونسبة الإقبال على الشراء لدى كافة أحجام المتاجر.
فالفوضى عارمة في التسعير، ولا قدرة للدولة على ضبط السوق، تارة بحجة إضرابات الموظفين لديها الذين تآكلت رواتبهم وباتت لا تساوي 100 دولار في المتوسط العام، وطوراً بسبب عدم وجود عدد كافٍ من المراقبين كما بات معروفاً في حجج وزارة الاقتصاد.
وإذا أقررنا بالواقع الأليم في حارة كلّ من «إيدو إلو»، ومع ارتفاع سعر صرف الدولار المستدام والذي تخطّى أمس رقم الـ50 ألف ليرة، فإن سلّم الأسعار سيبقى مواكباً له بما يؤثّر على القدرة الشرائية لدى النسبة الأكبر من اللبنانيين الذين يتقاضون رواتبهم بالعملة الوطنية المنهارة.
ويقول وسام فهد المحاضر بالاقتصاد في جامعة LAU لـ»نداء الوطن» إن «ارتفاع سعر صرف الدولار يؤثّر حتماً على ارتفاع الأسعار والقدرة الشرائية، إلّا للمواطنين الذين يتقاضون راتباً بالدولار والذين لا يشكّلون في لبنان أكثر من نسبة 10%». وقال إن «كل من يتقاضى راتبه بالليرة اللبنانية تتراجع قدرته الشرائية مع ارتفاع سعر صرف الدولار».
وأوضح أن أكثر من 80% من الأصناف المباعة في السوبرماركت هي مستوردة. حتى أن الأصناف المصنوعة في لبنان تتضمّن مواد مستوردة من الخارج بنسبة تتراوح بين 50 و60%، وبذلك فإن الإقتصاد اللبناني يتأثر بارتفاع سعر صرف الدولار لناحية الأسعار التي تتحرّك أيضاً على وقع تحرّكه». ولكن كيف يتأقلم المستهلكون مع تحليق سعر الصرف؟
يقول فهد إن المستهلكين يبحثون على الرفوف عن أصناف جديدة أقل سعراً، وبالتالي أقلّ «شهرة» حتى ولو كانت غير معروفة أو أقلّ جودة أو أصغر في الحجم والتي تأتي نتيجة اعتماد ما يسمّى Shrink inflation. فيتمّ شراء منتج بكميّة أقلّ من تلك المعهودة ومغلّفة بالطريقة نفسها».
من هنا يرى أن تدهور سعر العملة الوطنية له التأثير الكبير على المواطن والتاجر. إذ إنه عندما تتضاءل نسبة المبيع تزامناً مع أكلاف الكهرباء والمازوت المرتفعة بالدولار، تكون الربحية قليلة وتزيد من كلفة التاجر.
الميني ماركت والمحال الصغيرة
ماذا عن الميني ماركت أو المحال التجارية الصغيرة أو المحدودة، فإلى أي حدّ تتأثر الأسعار والقدرة الإستهلاكية لدى المواطنين مع كل قفزة للدولار؟
يوضح صاحب ميني ماركت في منطقة بشعلة في أعالي البترون سليم عشّي خلال حديثه الى «نداء الوطن»، أن «المواد الغذائية الأكثر تأثّراً بتحليق سعر صرف الدولار، هي تلك التي يسدّد ثمنها بالدولار الأميركي مثل الحبوب والدجاج واللحوم والحليب والزيوت والطحينة والشوكولا والغاز…».
وفي ما يتّصل بتطوّر زيادة الأسعار قال عشّي: نغيّر الأسعار بوتيرة بطيئة عند وصول زيادة السعر الى نحو 1500 ليرة واستناداً الى لائحة الأسعار التي تردنا من التجّار». من هنا فإن الأسعار في «المحال الصغيرة» قد تكون أقلّ من السوبرماركت علماً أن كلفة رأسمالها التشغيلي أقلّ من المتاجر الكبيرة وليس لديها عدد كبير من الموظفين».
وقدّر نسبة الإنخفاض في الأسعار بين 2 و3% أو الزيادة في بعض الحالات بالنسبة نفسها، استناداً الى السعر المحدّد وقت تسليم البضاعة، كون السوبرماركت الكبيرة تشتري كميات أكبر من التاجر، وخصوصاً تلك الموجودة في الساحل والتي لديها نسبة استهلاك عالية.
أسباب تراجع القدرة الشرائية في «الجرد»
وأكّد أن القدرة الشرائية في تراجع مستمرّ في منطقة بشعلة للأسباب التالية:
– أولاً ارتفاع سعر البنزين ما ينعكس سلباً على استقطاب زبائن من ضيع مجاورة.
– إنخفاض قيمة الرواتب بالليرة اللبنانية لدى المواطنين.
– توزيع مساعدات على الأهالي من قبل جمعيات بالمنطقة، ما يوفّر الكفاية لهم ويخفّض من نسبة المبيع في المحال التجارية.
حتى أن بعض السكان يعرض على عشّي شراء منتجات توزّع عليهم كمساعدات مثل الحبوب إذا حصلوا عليها بكميّات كبيرة.
وحول ردود فعل المواطنين، وما إذا كانوا يثابرون على شراء الصنف نفسه والكمية نفسها عند التحرّك الصعودي للدولار، قال عشّي، إن الزبائن الذين يترددون إليه هم نوعان:
– الأول يعترض على الإرتفاع لكن يشتري الكميّة التي يريدها.
– والثاني يقصد متجراً آخر بحثاً عن السعر الأرخص.
دولار التاجر المعتمد
وبالنسبة الى عشّي، تراجعت المبيعات بنسبة 80% من نهاية فصل الصيف بسبب نزول المصطافين الى الساحل، على عكس سائر المناطق المتواجدة في الجرد أيضاً مثل بشرّي بسبب الإقبال عليها من روّادها في موسم التزلّج وحتى كسروان.
وحول قيمة الزيادة على سعر صرف الدولار المعتمد في السوق السوداء لدى «دكنجيّة» الحيّ» يحتسب عشّي في متجره رقم الـ500 ليرة «في حين أن البضاعة المباعة في السوبرماركت الكبيرة تحتسب وفق سعر دولار يزيد بقيمة تصل الى 5000 ليرة عن سعر الصرف.
تعدّدت أسعار الصرف، وبقي احتساب سعر الدولار رهن ضمير التاجر الذي يبغي تحقيق القدر الأكبر من الربح وهو يبرر ذلك بالقول إنه يريد حماية نفسه وتجديد مخزونه وإلا فسيخسر ويخرج من السوق