كتب رضوان الذيب في الديار
«فيلم اميركي طويل» هدفه الوحيد شيطنة حزب الله وجره الى الفتنة الداخلية واغراقه بالفوضى وحصاره ماليا واقتصاديا وصحيا، وتشويه صورته الاخلاقية ولصق كل ما اصاب لبنان والعالم من فوضى ودمار ومآس ودموع بحزب الله، الذي غير المعادلات وفرمل الاندفاعة الاميركية في المنطقة ومشاريعها من الربيع العربي الى التفتيت وصولا الى التطبيع وصفقة القرن، وعلى العكس من ذلك ساهم في رسم مسار جديد في اليمن وسوريا والعراق والاهم والابرز في فلسطين، فقتال العدو الاسرائيلي اليوم ليس من لبنان وسوريا والاردن، بل من داخل غزة والضفة وجنين ونابلس، ولم تتمكن كل الالة الوحشية٥ الاسرائيلية من كسر ارادة الشعب الفلسطيني ومقاوميه الذين فتحوا عصرا جديدا في المواجهات المباشرة بالرصاص الحي وقذائف «الار بي جي» والمسيرات وصواريخ «الغراد» وباتوا يملكون القدرة على قصف تل ابيب وتعطيل كل الحياة الاقتصادية واالسياحية في كيان العدو وتفجيره من الداخل واغراقه بالازمات. كل هذه التطورات النوعية والمعادلات الجديدة في موازين القوى لم تكن لتحصل بنظر قادة العدو لولا حزب الله الذي شكل جسر العبور لوصول الصواريخ والسلاح لفصائل المقاومة، ولم تنجح كل عمليات القصف الاسرائيلي الاميركي في قطع طريق طهران – بغداد – دمشق – بيروت. هذه التطورات النوعية في مسار الصراع مع العدو، كشف عنها مسؤول حماس في غزة يحي السنوار عبر تاكيده ان المواجهات الاخيرة في فلسطين قادتها غرفة عمليات مشتركة بمشاركة ضباط من حزب الله والحرس الثوري.
وحسب المصادر السياسية، هذا هو سر الحرب المتعددة الوجوه والاساليب على حزب الله وجمهوره وحلفائه في لبنان، وهي مستمرة ولن تتوقف، وتستخدم فيها واشنطن كل الاساليب بما فيها الحرب الناعمة احيانا وتقديم العروض السخية عبر رسائل نقلها اصدقاء مشتركين وتضمنت اغراءات داخلية رئاسيا وحكوميا مقابل الانكفاء فلسطينيا وسوريا، ورفض حزب الله كل العروض وكل ما عرضته واشنطن من امتيازات، وهذا ما رفع سقف المواجهات والضغوطات الاميركية – السعودية ضدالحزب، واللجوء الى اجراءات تقطع كل مسارب الهواء عنه، وتحميله مسؤولية الحصار الاقتصادي والمالي واللعب على الوتر الطائفي، ودفع اللبنانيون الى الشارع من اجل خلق الاضطرابات واغراق البلد وحزب الله بلعبة الدم والفوضى لنزع مشروعية سلاح المقاومة، والتعميم ان هذا السلاح ليس ضد العدو بل ضد فئات من الشعب اللبناني، مما يمهد الارض لاحداث ساخنة بين اللبنانيين تصيب المقاومة بعطب كبير مما يسمح بفرض شروط سياسية تاتي برئيس للبلاد «كيف ما كان»، وهذا الرئيس مستعد لتوفير المناخات لتنفيذ انقلاب شامل على تركيبة البلد منذ الطائف وتحديدا في القطاعات العسكرية والامنية، وصولا الى حصار المقاومة ودفعها الى مواجهة الدولة مما يفتح الباب امام تدخلات دولية لمواجهة حزب الله.
هذا السيناريو الاميركي السعودي المدعوم من قوى داخلية هو الاساس عند واشنطن حاليا ويتقدم على الملف الرئاسي، والمطلوب تحضير الارض للفتنة عبر تعميق الجراح والازمات واثارة الطوائف، وبالتالي فان امام اللبنانيين اياما صعبة ماليا واقتصاديا، لكن الامور لن تتدحرج الى فوضى عارمة في ظل وعي المقاومة وقيادات مسيحية وسنية وشيعية ودرزية لما يحاك للبلد، وهذه القيادات لديها القدرة على منع فلتان الامور، كما ان المقاومة لن تنجر الى لعبة الدم، وقادرة على فكفكة كل الالغام بهدوء وصبر، وتحويل المازق الى فرصة للانقاذ والتفاهم مع الجميع لانتخاب رئيس للجمهورية يرضي كل اللبنانيين، وبالتالي فان كل عمليات التهويل بالفوضى والدم، و»شارع مقابل شارع» لا اساس لها مطلقا مهما وصل حجم الشائعات الذي يقودها «طابور خامس»، وعلى العكس من ذلك، هناك قدرة على حماية البلد حسب المصادر السياسية، بتعميق الحوارات وتقديم التنازلات من الجميع للوصول الى شخصية رئاسية توافقية، والمسالة ليست مستعصية او مستحيلة مطلقا.