تتجهُ الأنظارُ إلى الإجتماع الذي سيعقدهُ المجلس المركزي لمصرف لبنان لبحثِ أوضاع السّوق الماليّة التي شهدت على تقلبات هائلة في سعر الدولار.
وفعلياً، فإنّ النقاشات التي قد يتخللها هذا الإجتماع قد تُفضي إلى نتائج جديدة يمكن أن تترك أثرها على السوق، وقد تكون مرتبطةً بقرارات قد تساهم حقاً في هبوط سعر الدولار، إلا أن الأمر الأساسي يتصّل بمدى استمرارية تأثير تلك القرارات وبما قد يفعله البنك المركزي حقاً في سوق القطع.
الثابت الوحيد حتى الآن هو أنّ هبوط سعر الدولار الذي حصل يوم الجمعة، سببه ما قيل عن أن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة أبلغ جهاتٍ مالية عديدة عدم نيتهِ شراء الدولار من السوق.
عندها، بدأ التراجع البارز، فانخفض السعر من 64 ألفاً إلى 55 ألف ليرة خلال ساعات. إلا أنه بعد ذلك، عاد السعر نحو الارتفاع مجدداً، وهو الأمر الذي كان لافتاً بشدة.. فما الذي حصل وما الهدف من وراء كل ذلك؟
قبل الدخول بتفاصيل ما يجري في السوق، ينبغي التوقف عند ما قد يقرره مصرف لبنان، الإثنين، إذ أن الأمور قد تتجهُ نحو الأمور التالية:
الأمر الأول وهو أنّ البنك المركزي سيُبادر إلى ضخّ الدولار من خلال منصّة “صيرفة” عبر المصارف وذلك باتجاه المواطنين مباشرة. هنا، ستكون الضوابط قائمة وموجودة، وبالتالي فإن الحديث عن تخفيض “كوتا صيرفة” لكل فردٍ يعني أن المصرف المركزي سيقنن ضخ الدولارات،
وبالتالي فإن الاستفادة لن تكون كبيرة بالنسبة للمواطنين، في حين أن كميات الليرة التي يهدف مصرف لبنان لامتصاصها ستكون ضئيلة، أي أنّ التأثير لن يكون كبيراً.
أما الأمر الثاني فيتصلُ بقرار من مصرف لبنان “حالياً” يقضي بعدم منح دولارات “صيرفة” للتجار والمؤسسات، وحتى الآن لم يتأكد فعلياً ما إذا كان البنك المركزي سيعيد مدّ هؤلاء بدولارات “صيرفة” لاحقاً. وحول هذا الأمر، ترى مصادر اقتصاديّة أنّ “إحجام مصرف لبنان عن منح المؤسسات الدولارات من المنصة هو قرارٌ صائب، والسبب أنه يمكنه بذلك الحفاظ على دولاراته ومنع إمكانية تهريبها أو إدخالها في عمليات المضاربة”.
وفي ما خصّ الأمر الثالث فيرتبط بإمكانية تحديد مصرف لبنان لسعر جديد لـ”صيرفة”، قد يتراوح بين 40 و 50 ألف ليرة لبنانية، وذلك من أجل تقليص الفارق بين السوق والمنصّة. هنا، فإن هذا الإجراء قد يرتبطُ بعدم مبادرة مصرف لبنان حقاً إلى شراء الدولار من السوق، وهو الأمر الذي سيؤدي حُكماً بالدولار إلى الهبوط… وهنا، الزبدة من كل شيء وكل التفاصيل.
بشكل مبسط، فإن الجهة الأكبر التي بإمكانها طرح كميات هائلة من الليرة لشراء الدولار هي البنك المركزي.
وعملياً، فإن تلك الجهة قررت فجأة عدم شراء العملة الصعبة، الأمر الذي يعني بقاء الدولار في السوق وعدم ضخ الليرة مكانه، ما يعني “إراحة” العملة الخضراء. وبسبب ذلك، فإن سعر الدولار سينخفض، لكن هذا الأمر ليس هو الهدف الوحيد لمصرف لبنان.. فما الذي يريده أيضاً؟
ضمنياً، فإنّ مصرف لبنان من خلال امتناعه حالياً عن شراء الدولار، يهدفُ إلى تلقين “المُضاربين” درساً قاسياً وذلك من خلال سلبهم أرباحهم. فعندما يعلن البنك المركزي أنه لن يشتري الدولار، فإن الأسعار ستتجه إلى الانخفاض..
عندها، سيبادر المضاربون إلى التهافت للسوق لبيع الدولار الذي اشتروه على سعر مرتفع (64 ألف ليرة) بعدما راهنوا على أن سعر العملة الصعبة سيصل إلى 100 ألف ليرة لاحقاً، ما يعني ربحاً كبيراً لهم. حقاً، اعتقد المضاربون كذلك، وظنوا أنهم “اشتروا على الواطي منشان يربحوا على العالي” لاحقاً.. إلا أن مصرف لبنان حاول نزع هذا الرهان بإشاعته الكلام عن عدم شراء الدولار وتوفيره عبر “صيرفة” بضوابط.. وبذلك، فإنّ المضاربين عندما سيرون أن الأسعار ستنحدر عن مستواها المطلوب، سيبادرون إلى بيع الدولارات الموجودة لديهم في السوق قبل الانخفاض المتوقع، وإلا الخسارة ستكون كبيرة عليهم.. فالدولار لم يصل إلى 100 ألف ليحققوا الأرباح، والسعر الحالي عند حدود الـ59 ألفاً هو لصالحهم ويمكن أن يمنحهم بعض الأرباح قبل الإنخفاض، علماً أن من اشترى على 64 ألف ليرة خسر كثيراً!! وإزاء كل ذلك، فإن مصرف لبنان سيكون قد فعل التالي: تحكم بالمضاربين وجذبهم إليه – ضخّ الدولار من خلال المتلاعبين وليس من خلال آلياته – احتفظ بالليرة لنفسه ولم يستخدم “صيرفة” كما يريد التجار لـ”كب الدولار”.. أما الأهم فهو أنه لم يتكلف شيئاً ولم يشترِ على سعر أراده المضاربون، بل وفق السعر الذي سيحدده هو وليس السوق.
في خلاصة القول، فإنّ الخضة التي شهدها السوق تكشف عن أن مصرف لبنان قد سجل نقاطاً أساسية فيها.. ضرب المضاربين بطريقة سلسة.. أوقعهم في الفخ الذي نصبوه لأنفسهم، والأهم لم يستخدم دولاراته للتدخل أو ليراته.. حافظ على أمواله، وقال للمضاربين: تفضلوا لبيع الدولارات التي تمتلكونها لأنّ السعر سينخفض.. اربحوا الآن كي لا تخسروا ما لديكم.. اشتريتم على 64 ألف ليرة ظناً منكم أن الدولار سيصل إلى مستويات خيالية.. تفضلوا وأقدموا على البيع الآن، كي لا يصبح الدولار 45 ألفاً وتواجهوا الخسائر الكبرى..
وحقاً، هذا ما سيحصل!!!
الدولار في شباط.. 50000؟!
جاء في الديار:
جاء يوم امس ، حفل توقيع «الملحقين التعديليين لإتفاقيّتي الإستكشاف والانتاج في الرقعتين 4 و9 ، لمناسبة دخول «شركة قطر للطاقة»كشريكة مع «شركة توتال إنيرجيز»الفرنسية وشركة» إيني» الايطالية، من خارج السياق اللبناني العام المتأزم.
اذ رجحت مصادر مواكبة للملف لـ «الديار» ان «يشكّل دخول شركة قطر للطاقة واستحواذها على نسبة 30 في المئة من اتفاقيتي الاستكشاف والانتاج في البلوكين 4 و9 عاملا ايجابيا يعطي نوعا من الثقة للمستثمرين، وبالتالي يترك انعكاسا جيدا على وضع الليرة»، معتبرة ان «مجرد اتمام الحفل من شأنه ان يترك آثارا جيدة على سعر الصرف، المرجح ان ينخفض لحدود الخمسين الفا في مطلع شهر شباط».
ورجحت المصادر ان لا يقتصر الدخول القطري على الملف النفطي، وان يتوسع قريبا ليشمل قطاعات اخرى ، وتكون هناك مساعدات تصل تباعا للبنان بأكثر من طريقة وشكل، لافتة الى ان «سرعة الخطوات في هذا المجال مرتبطة بانجاز استحقاق الانتخابات الرئاسية وبدء تنفيذ خطة التعافي والنهوض بالتعاون والتنسيق مع صندوق النقد الدولي».