لفت رئيس مجلس النّواب نبيه بري، بحسب ما نقلت عنه صحيفة “الأخبار”، إلى أنّ “الخارج لا الدّاخل هو الّذي يشتغل بالرئاسة اللبنانية، كأنّه هو وحده يصنعها”، معربًا عن عدم موافقته على أنّ بيان وزارة الخارجية الفرنسية في 20 نيسان الحالي، أعاد الاستحقاق الرئاسي خطوات إلى الوراء، بتنصّل باريس من دعمها انتخاب رئيس تيّار “المردة” سليمان فرنجية رئيسًا.
وأوضح أنّه “ليس تنصّلًا وليس حتمًا نفيًا. ما هو إلّا محاولة تطرية الموقف”. وأشار، في إطار شرحه لمفهومه لـ”النّفي”، الّذي يكون أحيانًا في معرض التّأكيد أو أقل بقليل من ذلك، إلى أنّه “كانت للرئيس الفلسطيني الرّاحل ياسر عرفات ومنظمة التحرير في ما مضى، وكالة أنباء اسمها “وفا”، معروف عنها أنّ ما تعلنه في الصّباح تنفيه بعد الظّهر. ذهبت والأمين العام الرّاحل لمنظّمة العمل الشيوعي في لبنانمحسن إبراهيم يومًا إلى عرفات. بدخولنا عليه قال للفور: أعوذ بالله من الشّيطان الرجيم، استغفر الله العظيم. ثمّ أضاف: خير إن شاء الله. عندما أراكما أستعيذ بالله”، مبيّنًا أنّ “محسن إبراهيم قال له: نبيه لديه ما يسألك عنه. قلت: ليس عندي ما أسأل ولا ما أجيب. احكِ أنت. قال محسن: أبو عمّار لديكم وكالة وفا أم وكالة نفى؟”.
وذكر برّي، بحسب ما نقلت عنه صحيفة “الأخبار”، أنّ الفرنسيّين “وجّهوا إلى فرنجيّة أسئلةً في باريس، وقالوا إنّهم سيرسلونها إلى السعودية ويعودون إليه بأجوبة. إلى الآن لا علم لي إن أتت الأجوبة. ننتظر عودة السّفير السّعودي المفترض أنّه يحملها. إذا عاد بها وكانت إيجابيّة، فسنلمس الشّغل على الأرض هنا في لبنان وليس في الخارج”، مشدّدًا على أنّ “المحزن الآن، وهذا بادٍ تمامًا، أنّ الخارج لا نحن هو الّذي يشتغل بالرئاسة اللبنانية”.
وعن لقائه المرتقب اليوم مع وزير الخارجيّة الإيرانيّة حسين أمير عبداللهيان، أكّد أنّ “الزّيارة مهمّة، لأنّها التّحرّك الإيراني الأوّل حيال لبنان، بعد الاتفاق السّعودي- الإيراني في الصين. حصول الزّيارة مهمّ في ذاته. علينا انتظار ما سيحمله، ولكن أيضًا انتظار عودة السفير السّعودي”. وركّز على أنّ “سوى ذلك، نحن في مأزق. ما لا أفهمه ولا أجد تفسيرًا له ونحن في معضلاتنا الّتي لا تتوقّف، أنّ بين الأفرقاء مَن لا يريد الدّخول إلى مجلس النّواب، وبينهم مَن لا يريد الدّخول إلى الحكومة، وبينهم مَن لا يريد انتخاب رئيس للجمهوريّة”.
كما أعلن برّي “أنّني متمسّك بوجهة نظري، بأنّ المشكلة بين الموارنة المختلفين على الرّئيس. في 25 نيسان، كانت الذّكرى الخمسين لوفاة رئيس الجمهوريّة الأسبق فؤاد شهاب. أسترجع ما قاله يومًا، إنّه عمل للموارنة ويجب أن تُعمل لهم مصلحتهم غصبًا عنهم”، لافتًا إلى أنّه “سواء هناك مَن أيّده أو لم يؤيّده، لا رئيس في تاريخ لبنان عمل كفؤاد شهاب على إنشاء مؤسّسات”.
وكشف، بحسب “الأخبار”، أنّ “ما أسمعه أخيرًا، لا يريحني ويطمئنني. المؤسف أنّنا بتنا نعتمد على الخارج في انتخابات الرّئاسة. كلّ فريق يغنّي على مواله ويملك “فيتو” وله شروطه، ولا نسمع ببوادر حلول مقدار ما نجد أنفسنا محاطين بفيتوات من كلّ جهة”.
وردًّا على أنّها ليست المرّة الأولى الّتي يصنع فيها الخارج انتخاب الرّئيس، وآخر المرّات كان ما حدث في اتفاق الدوحة عام 2008، أجاب: “لسنا الآن في وضع مماثل. اتفاق الدوحة أوّلًا سبقه حوار وطني في أكثر من جولة، والأفرقاء اللّبنانيّون جميعًا بلا استثناء جلسوا إلى طاولة الحوار وتحاوروا واتّفقوا واختلفوا. اليوم لا يريد الفريق الآخر الحوار”، مشيرًا إلى “أنّني دعوت إليه أكثر من مرّة فرفضوا. لا حوار قائمًا سوى بين جهات الفريق الواحد. كلٌ ينغلق على الآخر، بينما المطلوب أن يتحدّث الأفرقاء جميعًا بعضهم مع بعض”.
وفسّر أنّ “هناك أيضًا ما يختلف، وهو أنّ اتفاق الدّوحة نجم عن أحداث وظروف سياسيّة وأمنيّة معلومة، ولم يقتصر على انتخاب رئيس للجمهورية -وهذا بالذّات ما نحتاج إليه الآن- بل وضع تسويةً شملت أكثر من بند، كانتخاب الرّئيس وتأليف الحكومة والأحجام فيها وقانون للانتخاب حظي بموافقة الجميع”.
إلى ذبك، شدّد برّي على “أنّنا لسنا الآن في صدد سلّة حلول مطلوبة كاتفاق الدّوحة، بل المعضلة الوحيدة هي انتخاب رئيس للجمهوريّة في أسرع وقت. في ما بعد، تأتي الخطوات التّالية المطلوبة من حكومة ما بعد انتخاب الرئيس”، مفيدًا بـ”أنّني لسوء الحظّ، لا أجد الآن سوى السّلبيّات. السّلبيّات فقط”