تشكّل قضية النزوح السوري الى لبنان أزمة كبيرة رغم أنه لا يُمكن معرفة الى أيّ مدى يُمكن أن تؤثّر على المجتمع اللبناني. مع بداية الحديث عن ضرورة إعادة النازحين ردّت المنظمات الدوليّة التي تتعاطى مع هذه القضية من باب عنصرية الشعب اللبنانين معتبرة أنه يريد أن يطرد السوري من لبنان، في وقت جيّشت المنظّمات الدولية والجمعيّات المتواطئة معها ضد اللبنانيين لتصبح أقل ما يُقال فيها أنّها هي العنصريّة وهي المحرّضة الأكبر على المواطن اللبناني.
تدفع المنظمات الدولية مبالغ طائلة لقاء إبقاء السوريين في لبنان، في حين ان اللبناني يعيش تحت خط الفقر وبالكاد يجد المأكل والمشرب والملبس، بالكاد يستطيع دفع الاقساط المدرسية أو تأمين استمرار معيشته، ولا يستطيع سحب دولار واحد من البنوك، وتأتي المنظمات على مختلف أنواعها لتساعد النازح على العيش الرغيد والبقاء، ومن يدفع الثمن؟ اللبناني طبعاً.
يوم أتت المنظمات الدولية لتساعد النازحين قالت كلاماً ووقّعت اتفاقيات مع الحكومة اللبنانية، ولكن بسبب وقاحتها لم تحترمها، وتقول احدى هذه الاتفاقيات أن “جميع البضائع والسلع التي تخصّ النازحين السوريين سيتم شراؤها من الشركات اللبنانية”. ولكن هل يحصل هذا فعلاً؟ طبعاً لا. إذ تعطي مصادر مطّلعة مثالاً بسيطاً على ذلك الا وهو انتاج التفاح الوطني، وتؤكد هنا أن “UNHCR تشتري التفاح من إيطاليا للنازح السوري في وقت يرمي المزارع اللبناني جزءًا من محصوله بسبب”.
في المقابل يشدد ابراهيم الترشيشي أن “لبنان ينتج ما بين 100 الى 125 الف طن سنويا من التفاح ما يعني حوالي 400 الى 500 الف صندوق”، كاشفا أننا “نصدر ما بين 60 الى 70 الف طن سنوياً وأغلبية التصدير الى الاسواق المصريّة والكمّية الباقية تكون مخصصة للاستهلاك المحلي”.
زراعة التفاح عمرها عشرات السنين، ولبنان بلد منتج في هذه الزراعة، في المقابل وعوضا عن أن تقوم المنظمات الدولية بشراء هذا المنتج منه تفضّل إيطاليا عليه.
تعمل المنظمات الدوليّة بشكل عنصري حثسث لطمس الهويّة اللبنانية عبر “دمج” النازح بالمجتمع اللبناني، وتقوم UNHCR بتأمين المازوت للتدفئة، الثياب والبطّانيات، الاستشفاء والطبابة، مؤمّنة للغرباء تأميناً صحياً كاملا وتتكفّل ببدل أتعاب المحامي إذا إحتاج لها لنازح، بينما تؤمن UNWFPالطعام وشراء الأغراض من السوبرماركت وغيرها بما فيها البضائع المدعومة من الدولة اللبنانية، وكانت سابقاً تقدّم لكل نازح مليون و100 الف ليرة، بدل طعام، تمّ فيما بعد رفع المبلغ إلى 20$ بالشهر”.
كلّ الضمانات تقدّم الى النازح السوري لعدم العودة الى بلاده، فهو يحصل على الطبابة والتدفئة والمأكل والملبس والتعليم والمال وعلى الشعب اللبناني أن يدفع من ضرائبه الّتي تزيدها بعشوائيّة حكومة وصفتها الصحافة العالميّة بـ”الرعناء” في وقت لا يجد اللبناني أياً شبيلا للخروج من أزمته بسبب سياسيين مشتتين وهم أشبه بعصابة متآمرة مع الجمعيّات عليه، وفوق هذا كلّه تأتي المنظمات الدولية لتخالف الاتفاقيّات مع الحكومة لا تشتري السلع اللبنانية انّما تتّجه الى الخارج، وكأنها تتعمّد ألاّ تدخل سنتاً واحدا الى الاقتصاد اللبناني أو تساعد في تحريك عجلته. فهل تريد من لبنان الرازح تحت ثقل اعباء النزوح السوري، أن يغرق أكثر في مشاكله وفي أوضاعه الصعبة وفي مآسيه، وبالتالي عندها ينجح المخطط ويستطيع من يريد أن يصل الى مبتغاه بـ “دمج” النازحين والقضاء على ما تبقى من لبنان؟!.
النشرة