ذكرت صحيفة “الشرق الأوسط” بشأن آخر مستجدات الاستحقاق الرئاسي، أنّ “الدبلوماسيين الفرنسيين يجدون أنفسهم محاصرين دائماً بالانتقادات في المناسبات واللقاءات. يتحدث البعض عن “تقصير” وآخرون عن “إهمال” فرنسي بحق المسيحيين، في حين يذهب آخرون إلى حد وصف الانحياز الفرنسي لخيار انتخاب الوزير السابق سليمان فرنجية بالخيانة”.
ونقلت الصحيفة عن دبلوماسي فرنسي رفيع اعترافه بهذا الواقع، لكنه يختلف في التوصيفات. فالفرنسيون كما يقول الدبلوماسي الفرنسي “همهم الأول ملء الفراغ الحاصل في منصب الرئيس”، منطلقاً في ذلك من أن هذا الإجراء هو الخطوة الأولى لإعادة إطلاق عجلة الانتظام الدستوري ومن ثم الحكومي في البلاد المعطلة مرافقها منذ 1 تشرين الثاني 2022، عندما غادر رئيس الجمهورية السابق ميشال عون منصبه من دون انتخاب خلف له، وبالتالي تعطل العمل الحكومي، وباتت معظم المواقع في الدولة مشغولة بالإنابة، أو مهددة بالفراغ الكامل”.
اختار الفرنسيون فرنجية على الفراغ، بحسب ما نقبلت الصحيفة عن الدبلوماسي، لكنهم غير متمسكين به، فـ”أي رئيس يتم التوافق عليه سنعمل معه، لأن المرحلة التالية هي الأهم”، أي الحكومة والإصلاح السياسي والعمل مع البنك الدولي على وضع خريطة طريق للخروج من الأزمة المالية التي تضرب البلاد. يدرك الفرنسيون أهمية وصول قوى المعارضة إلى اسم مرشح يتفقون عليه، كما أنهم يضعون انتخاب الرئيس أولوية مطلقة أياً كان الاسم. ولهذا يشجعون الجميع على الاحتكام إلى صندوق الاقتراع لحسم الموضوع، ولو على طريقة خوض انتخابات تنتهي بفارق صوت وحيد، كما حصل في الستينيات عندما انتخب سليمان فرنجية (جد المرشح الحالي) رئيساً للبلاد بفارق صوت وحيد. ولو كان انتخاب فرنجية من دون موافقة معظم الكتل المسيحية، أو انتخاب المرشح جهاد أزعور من دون حصوله على صوت شيعي واحد يمكن أن يشكل «عيباً ميثاقياً»، فإن أياً من الأمرين هما بنظر الدبلوماسي الفرنسي “أفضل من الفراغ”.
وبالمطلق، يقول الدبلوماسي الفرنسي إن “أي رئيس سيأتي سنكون نحن الرابحين، لأن الأهم هو الحفاظ على المؤسسات والرئاسة هي المفتاح”. ففي هذه الانتخابات سيكون الفائز رئيساً، وسيتم تعويض الخاسر لاحقاً في الحكومة وفي مسار العمل الحكومي.
في اللقاء بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مع البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، كان هناك توافق مع الرئيس الفرنسي على أن “الانسداد السياسي والدستوري هو العائق الأكبر أمام البلاد”، وكان هناك توافق مع البطريرك على ضرورة انتقال لبنان في أسرع وقت ممكن إلى المرحلة الدستورية عبر انتخاب رئيس للبلاد، كما كان هناك توافق، كما يقول الدبلوماسي الفرنسي، على أن “فرنسا مستمرة في دعم القطاع التربوي اللبناني باعتباره أساسياً للحفاظ على البلاد وبقاء أبنائها فيها، ولهذا كان الدعم الفرنسي منذ عام 2020 بنحو 90 مليون يورو للمدارس الفرنكوفونية التي هي مدارس مسيحية غالبية طلابها من المسلمين”.
وحول جلسات انتخاب الرئيس، أكّد مصدر مسؤول لصحيفة “الجمهورية” أنّه يُخطئ من يعتقد انّ لغة الضغوط تنفع مع رئيس مجلس النواب نبيه بري بشأن تحديد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية، وهو اساساً ليس خاضعاً لا لمزاجيات ولا لالعاب بهلوانية، ولمعارضات تتسلّى بمرشحين مؤقتين ولا جدّيين. وإذا كان القصد من الجلسة التي يريدون انعقادها تتويج الاحد عشر فشلاً لمرشحهم ميشال معوض بفشل ثاني عشر يُجيّر إلى سليمان فرنجية، فهذه مراهقة سياسية، ورئيس مجلس النواب نبيه بري قطع الطريق على كل تلك المحاولات، بأنّه لن يدعو إلى جلسة فولكلورية تشكّل تكراراً لمسرحيات الفشل السابقة”.
وبشأن إعلان ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور، لفتت صحيفة “الأخبار” إلى أنّه “مع أن التقاطع الرئاسي بين قوى المعارضة لا يزال يحتاج إلى ترتيبات لجهة كيفية الإعلان وتنظيم التوجه وتنسيق برنامج العمل، إذ أشارت مصادر في هذا الفريق إلى وجود تفاصيل تحتاج إلى جهد، مشيرة إلى أن “جو الجلسة الأخيرة لتكتل لبنان القوي (أول من أمس) لم يكن مريحاً”. إذ إن الفريق النيابي العوني المعترض على ترشيح أزعور نجح في فرملة اندفاعة رئيس التكتل النائب جبران باسيل وحال دون الخروج بموقف حاسم، تاركًا الأمور مفتوحة على احتمالات كثيرة، ما قد ينعكس سلباً على المفاوضات مع قوى المعارضة في أي لحظة.
ونقلت الصحيفة عن مصادر الفريق المؤيد لفرنجية أن القوى السياسية الداعمة له ستنتظر في الأيام المقبلة ما ستنقله القنوات الفرنسية حول موقف باريس بعدَ التطورات التي حصلت، لتحديد ما إذا كانَ هناك تحوّل ما، يبدو أن أزعور ينتظر نتائج حراك سياسي داخلي في لبنان قبل الإقدام على أي خطوة. كما أنه يُريد التثبت من موقف القوى التي ترشحه قبل أن يبادر إلى التواصل مجدداً مع ثنائي “حزب الله” وحركة “أمل”، بالتوازي مع تحرّك داعميه لضمّ المترددين من النواب المسيحيين، خصوصاً كتلة نواب الأرمن وبعض المستقلين.
فيما نقلت صحيفة “الجمهورية” عن مصدر مطلع، أنّ “الواقعية تقتضي الاعتراف بأنّ جهات المعارضة على اختلافهم يفوقون غيرهم في إثارة الصخب السياسي والاعلامي والدعائي، الّا انّ هذا الامر وكما اكّدت التجارب معهم، لم يحقق لهم ما يرجونه، ومع ذلك يكرّرون اليوم ذات المنحى، حيث انّهم يحاولون على ظهر الصخب السياسي والاعلامي، إدخال الوزير السابق جهاد ازعور إلى هذه اللعبة، كمرشح تجمع عليه المعارضات لمواجهة رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية، الّا انّ ما ينبغي لحظه في هذا السياق، هو انّ تخبّط هذه المعارضات ظاهر للعيان، حيث انّ موقفها ما زال متأرجحاً بين قائل بحسم التوافق على ازعور وبين قائل عكس ذلك، والطريف في الأمر في هذا السياق، انّ رئيس حزب معارض صرّح علناً بأنّ التوافق قد حُسم على جهاد ازعور، فيما برز في المقابل قول لأحد نواب الحزب عينه، بأنّ الأمر لم ينتهِ بعد، والتوافق على ازعور لا يزال يحتاج إلى نقاش”. يُضاف إلى ذلك، “اللاموقف” الذي أبداه تكتل لبنان القوي”