كتبت صحيفة “الأخبار”: تنتظر كل الأطراف السياسية نتائج القمة السعودية – الفرنسية وزيارة وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان لطهران لتستشفّ منها ما جرى بحثه في ما يتعلق بالملف اللبناني. وبدأت قوى بارزة تواصلاً مع الجهات الثلاث لجسّ النبض، حتى قبل وصول الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان إلى بيروت بعد غدٍ الأربعاء، في زيارة تستمر ليومين، يلتقي فيها الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي، ويستقبل رئيس تيار المردة سليمان فرنجية وممثلين عن كل القوى السياسية المعنيّة بالاستحقاق الرئاسي في قصر الصنوبر.
ورغم الانقسامات المحلية وجذورها السياسية والطائفية وحتى المصلحية، إلا أن لعواصم كباريس والرياض وطهران تأثيرات كبيرة على لبنان، وأي اتفاق أو خلاف بين هذه العواصم ينعكس بقوة على ساحته.
في ما يتعلق بالفريق الداعم لفرنجية، فإن الرهان هو على «عقلانية» سعودية تسمح بفتح الأبواب الموصدة لدى كتل وشخصيات نيابية مستقلّة، لتثبيت التسوية التي تحمل رئيس تيار المردة إلى قصر بعبدا. وفي المقابل، يراهن الفريق الخصم على برمجة جديدة للاتصالات الخارجية تجعل التسوية بصيغتها الأولى غير قابلة للاستمرار، ويأمل هؤلاء أن تنتج المحادثات الخارجية دعوة إلى سحب ترشيحه مقابل سحب الآخرين مرشحهم، والبحث عن خيار بديل. وبين هؤلاء وأولئك، ثمة من عاد للعمل، بقوة، من أجل ترجيح كفة قائد الجيش العماد جوزيف عون كخيار ثالث ووحيد. ويلعب القطريون بشكل خاص الدور المنسّق لهذه العملية، بتشجيع أميركي. وهم عادوا إلى طرح ترشيح قائد الجيش مع رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل أمس.
وعشية وصول الموفد، حضر الملف اللبناني على جدول أعمال القمة التي جمعت في باريس ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. وكان لافتاً قطع وزير الخارجية السعودي (الذي رافق بن سلمان إلى باريس) زيارته والتوجه إلى طهران السبت الماضي للقاء نظيره الإيراني حسين أمير عبد اللهيان والرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، قبل أن يعود إلى باريس فجر أمس الأحد حيث التقى لو دريان والمستشار الرئاسي الفرنسي باتريك دوريل.
وقالت مصادر مطّلعة إن «ما دار بين ماكرون وبن سلمان أصبح في عهدة اللجنة المشتركة الفرنسية – السعودية»، مشيرة إلى أن «الكلام عن حوار لبناني برعاية فرنسية وعربية ليس دقيقاً»، وأن «لا أحد من القوى الداخلية يمتلك معطيات حاسمة عمّا دار في باريس، والجميع ينتظر ما سيحمله لو دريان معه، علماً أن غالبية التقديرات تشير إلى أنه سيأتي لاستطلاع الآراء من جديد».
وفي وقت استبعدت مصادر بارزة ما تردّد عن «حسم للملف اللبناني نهاية الشهر الجاري»، إلا أنها لفتت إلى أن «التقدم في العلاقات السعودية – الفرنسية لا بد أن يحمل تطورات إيجابية تساعد لبنان على الخروج من أزمته»، وأن «ما يناقش في الكواليس الخارجية يؤكد أن الملف اللبناني موجود على الرادار الخارجي ولو أنه ليسَ من الملفات الملحّة حالياً». وأكّدت أن «جلسات الانتخاب توقّفت في انتظار الموقف الدولي والحراك الفرنسي والسعودي والقطري، وما سيحمله الموفد الفرنسي».
الجلسة النيابية
وبانتظار تبلور الصورة الخارجية المتصلة بالملف الرئاسي، يُفتتح الأسبوع على مواجهة سياسية جديدة، بعد دعوة الرئيس نبيه بري إلى جلسة تشريعية اليوم، يقتصر جدول أعمالها على قانونين أقرّتهما اللجان النيابية، وسط سجال حول دستورية الدور التشريعي لمجلس النواب، وفي ظل التهديد بحرمان الموظفين في القطاع العام وأساتذة الجامعة اللبنانية من رواتبهم إذا لم يتم إقرار الاقتراحين. ولا يزال مصير الجلسة غير معروف لجهة تأمين النصاب، الذي لا يزال رهن الموقف النهائي لتكتل «لبنان القوي»، بعد إعلان كتلتي القوات اللبنانية والكتائب ونواب مستقلين ومعارضين المقاطعة.
وتساءلت مصادر نيابية في المعارضة عمّا إذا كان التقاطع الظرفي مع التيار الوطني الحر على دعم ترشيح جهاد أزعور سينسحب على الجلسة التشريعية، معتبرة أن «مقاطعة التيار الوطني الحر ستقوّي موقف المعارضة ككل لأنها ستظهر ككتلة صلبة في البرلمان». وهو أمر كان محل تشاور في اجتماع عُقد ليل أمس لكتلة نواب التيار برئاسة باسيل، وسط ضغوط من قواعد التيار بضرورة المشاركة وفصل ملف رواتب الموظفين عن الخلافات السياسية. وقال نائب من التيار إن ملف الرواتب مسألة حيوية لعشرات آلاف العائلات اللبنانية التي لم يعد دخلها يساعد على سدّ حاجاتها، ولا يمكن اعتبار الأمر غير ضروري. لكنّه أشار إلى أن القرار النهائي رهن الاجتماع، علماً أن عدم انعقاد الجلسة يجعل وزارة المالية من دون غطاء قانوني يسمح لها بصرف رواتب موظفي القطاع العام حتى نهاية السنة