مثُل حاكم مصرف لبنان رياض سلامة أمام قاضي التحقيق الأول في بيروت شربل أبو سمرا، الذي استجوبه على مدى ثلاث ساعات في حضور وكيل الدفاع عنه، في مضمون ادعاء النيابة العامة في بيروت ضدّه وضدّ شقيقه رجا سلامة ومساعدته ماريان الحويك، بجرائم “الاختلاس وتبييض الأموال والإثراء غير المشروع والتهرب الضريبي”.
وحضرت الجلسة أيضاً رئيسة هيئة القضايا في وزارة العدل هيلانة إسكندر، وتقرر على أثرها ترك سلامة رهن التحقيق بانتظار استكمال استجوابه يوم الثلاثاء المقبل، على أن يخضع للتحقيق في الموعد نفسه رجا سلامة شقيق حاكم البنك المركزي ومساعدة الأخير ماريان الحويك.
وبحسب ما نقلت صحيفة “الشرق الأوسط”، فإنه بخلاف التوقعات لم يستمهل سلامة لتقديم دفوع شكلية، إذ حضر إلى مكتب قاضي التحقيق عند العاشرة والنصف صباحاً، مع شقيقه رجا وماريان الحويك، وبعد دقائق شرع أبو سمرا باستجواب رياض سلامة، وبعد ساعة من بدء التحقيق طلب أبو سمرا من رجا وماريان مغادرة مكتبه وأبلغهما بموعد استجوابهما الثلاثاء المقبل، لكون جلسة استجواب الحاكم ستأخذ وقتاً طويلاً.
وأشار مصدر قضائي مطلع إلى أن “الأسئلة التي طرحت على الحاكم من قبل أبو سمرا والقاضية هيلانة إسكندر تمحورت حول حساباته الشخصية، وحسابات شقيقه رجا وماريان الحويك وشركة (فوري) التي يملكها رجا والتحويلات الخاصة بهذه الحسابات سواء إلى مصارف لبنانية أو خارجية”.
وأكد المصدر لـ”الشرق الأوسط”، أن سلامة “بدا مرتاحاً وأجاب على كلّ الأسئلة التي طرحت عليه، ولم يتحفّظ على أي منها، إلّا أن القاضي أبو سمرا رفض طرح عدد من أسئلة القاضية إسكندر معتبراً أنها بلا جدوى، ولا تخدم التحقيق”. وقال إن حاكم البنك المركزي “قدّم مستندات أحضرها معه، وجرى ضمّها إلى الملفّ، كما تعهد بتقديم مستندات إضافية في ضوء جلسة استجوابه والأسئلة التي واجهها”. ولاحظ سلامة، وفق المصدر نفسه، أن “أكثر الأسئلة التي طرحت عليه مكرّرة، إذ سبق له أن أجاب عليها خلال التحقيقات الأولية التي أجرتها النيابة العامة التمييزية أو لدى المدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون أو أمام الوفود القضائية الأوروبية ولدى القاضي أبو سمرا”.
ويفترض أن تستغرق جلسة الثلاثاء المقبل وقتاً طويلاً، بالنظر لاستكمال استجواب سلامة ومن ثم الشروع باستجواب شقيقه ومساعدته. ورجّح المصدر القضائي أن “يعمد قاضي التحقيق بعد الانتهاء من سماع المدعى عليهم الثلاثة، إلى وضع قائمة بأسماء الشهود، وبينهم موظفون في البنك المركزي وخبراء من شركات التدقيق المالي وبعضهم جرى استجوابهم من قبل الوفود القضائية الأوروبية”، مشيراً إلى أن التحقيق “سيستغرق وقتاً طويلاً وربما يمتدّ إلى ما بعد إحالة القاضي أبو سمرا على التقاعد في شهر تشرين الثاني المقبل”.
وفي الوقت التي كانت جلسة استجواب سلامة قائمة، بدأ الوفد القضائي الألماني يجول في أروقة قصر العدل في بيروت، وما إن انتهت جلسة التحقيق، حتى دخل الوفد إلى مكتب القاضي أبو سمرا وعقد معه اجتماعاً مطولاً، ونفت مصادر معنية بملفّ سلامة أن يكون الاجتماع تطرق إلى جلسة استجواب حاكم مصرف لبنان، وأكدت لـ”الشرق الأوسط” أن الوفد الألماني التي ترأسه المدعية العامة في ميونيخ “تابع تنفيذ الاستنابات العائدة له وللقضاء الفرنسي، ومنها الطلب الأخير المتعلّق بمداهمة مصرف لبنان والحصول على مستندات متعلقة بحسابات رياض سلامة وشقيقه ومساعدته”.
ولوحظ أن القاضي أبو سمرا سمح للوفد الأوروبي بتصوير مستندات موجودة في مكتبه خاصة بملف سلامة، وأوضحت المصادر أن “المستندات التي حصل عليها الفريق الألماني وتمكّن من تصويرها غير مرتبطة بجلسة الاستجواب، بل هي أوراق عائدة لمصرف لبنان، وبعضها عبارة عن تقارير لشركات تدقيق مالي لا تمسّ بسرية التحقيق اللبناني ولا تتعارض مع السيادة اللبنانية”.
وفي سياق الوضع بشأن مصرف لبنان، نقلت صحيفة “الديار” عن معلومات بأنّ النائب الأول لحاكم مصرف لبنان وسيم منصوري بدأ تحضير “عدته” لتسلم مهامه في 1 آب بعد عودته من واشنطن، رغم استمرار تردد العضوين السني سليم شاهين والدرزي بشير يقطان الانخراط في المهمة المفخخة، ونجحت الاتصالات والضغوط السياسية في اقناعهما بالتراجع عن استقالتهما.
وفي المعلومات التي نقلتها الصحيفة، فإن نواب الحاكم باتوا مقتنعين الاستمرا ر في نظام الصيرفة لكن ضمن الية جديدة ومختلفة كليا عن الصيغة المتبعة حاليًا، ووضع سقف للعملية لايتجاوز الـ500 مليون ليرة في الشهر، كي يستفيد المواطنون والموظفون واصحاب الدخل المحدود بشكل شهري من هذا الاجراء وخلق حركة في السوق تساهم في رفع القدرة الشرائية، مما يحد من صعود الدولار ويخفف خسائر الاحتياطي، كما يطالب نواب الحاكم السلطتين التنفيذية والتشريعية اقرار سلسلة من التشريعات والقوانين لحماية الوضع النقدي وتنظم العلاقات واقرار الكابيتال كونترول، وهم لا يريدون التهرب من المسؤولية ويدركون خطورة الاوضاع لكن المطلوب مساعدتهم بالقوانين والتشريعات.