في ظل الفراغ الرئاسي القاتل، لا تجد القوى السياسية في لبنان سبيلاً لحلّ أيّ من الاستحقاقات، وآخرها انتهاء ولاية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة.
أمس، تركّزت الأنظار على الاجتماع الذي عقده الرئيس نجيب ميقاتي مع نواب الحاكم الأربعة، بحضور نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي ووزير المالية يوسف خليل. وبعد ساعة ونصف ساعة من النقاش، خرج النواب الأربعة بأجواء غير مشجّعة.
وتحدّثت مصادرهم لصحيفة “الأخبار” عن إشارات من ميقاتي مفادها أنه يحاول كسب بعض الوقت لتمرير فترة انتهاء ولاية سلامة، وربما إجبارهم على الاستمرار في مواقعهم الوظيفية.
وعُلم أن العرض الذي قدّمه ميقاتي لهم لم يكن مغرياً، إذ طلب منهم عدم تقديم استقالاتهم خلال الساعات الـ 48 المقبلة، واعداً بالبحث عن طريقة لتغطية الإنفاق من الاحتياطات بالعملة الأجنبية، كما طلبوا في الخطّة التي عرضوها أمام لجنة الإدارة والعدل، وأشار ميقاتي إلى أنه سيُجري اتصالات بعدد من القوى السياسية، ولا سيما برئيس مجلس النواب نبيه بري، للتشاور في “إمكانية أن يعيد مجلس النواب النظر في طلبهم إصدار تشريع يغطّي الإنفاق من الاحتياطيات”، وشدّد ميقاتي على أن الحكومة “ستقف إلى جانبهم حتى تعيين حاكم جديد للمصرف”.
انطباع النواب الأربعة حول اللقاء كان مماثلاً للانطباع الذي خرجوا به من الجلستين اللتين عُقدتا في لجنة الإدارة والعدل، إذ أدركوا بأن كل كتلة سياسية تبحث عن مخرج لنفسها من تداعيات ما بعد انتهاء ولاية الحاكم واستقالة نوابه، بدلاً من البحث عن معالجة الأزمة التي ستحدث سواء استمروا في عملهم أو استقالوا. وقال أحد نواب الحاكم: “أنا غير مستعدّ لإنفاق دولار واحد من الاحتياطيات من دون خطّة وتشريع لهذا الأمر، أما الكتل السياسية فتبحث عن الوسيلة الأفضل للاستمرار بلا تشريع. ما قدّمناه في لجنة الإدارة والعدل، وأمام الرئيس ميقاتي في أكثر من مناسبة، وما طالبنا به الحكومة ووزير المال وحاكم مصرف لبنان أكثر من مرّة أيضاً، هو أن تكون هناك خطّة واضحة للتعامل مع الأزمة تبدأ بالاعتراف بالوضع الحالي وليس الانجراف وراء المضاربات على الليرة وإنفاق ما تبقّى من احتياطيات”.
وأضاف: “ما عرضناه أمام لجنة الإدارة والعدل أن يكون لدينا إنفاق لمرّة واحدة وأخيرة من الاحتياطيات ضمن سقف معلوم ومحدّد يتيح لنا تحرير سعر الصرف والسيطرة على المضاربات والبدء بإقرار الإجراءات التي يُفترض اتخاذها منذ فترة طويلة لمعالجة الأزمة”.
انتهى اللقاء مع ميقاتي بـ”شراء الوقت” يقول أحد نواب الحاكم، “لكننا لا نملك ترف الوقت، فيوم الخميس سيكون مفصلياً، سواء بالاستقالة أو بالاستمرار”. وبرأيه، فإن المهمة التي تطلبها الحكومة من نواب الحاكم، “تتطلّب تشريعات محدّدة في مجلس النواب، وهي مهمّة تصبح مستحيلة من دون هذه التشريعات، ما يلغي أي معنى للاستمرار”.