كشفت مصادر سياسيّة لصحيفة “الشّرق الأوسط”، أنّ “الحوار بين “حزب الله” ورئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل بدأ يحقق تقدُّماً ملموساً، وهذا ما دفع رئيس المجلس النيابي نبيه بري إلى تكرار قوله بعد اجتماعه للمرة الثانية بالممثل الخاص للرئيس الفرنسي وزير الخارجية السابق جان إيف لودريان، إن كوّة إيجابية فُتحت في جدار أزمة رئاسة الجمهورية”.
وأوضحت أنّ “تفاؤل بري لا يعود إلى الأجواء التي سادت اللقاءات التي عقدها لودريان مع رؤساء ممثلي الكتل النيابية، التي جاءت في إطار التحضير لاجتماع العمل في أيلول المقبل، بمقدار ما أنه ناجم عن الأجواء الإيجابية لاستئناف الحوار بين “حزب الله” وباسيل”.
ولفتت المصادر السّياسيّة إلى أنّ “قيادة “حزب الله” تحرص، في ظل معاودة الحوار مع باسيل، على وضع حليفيها بري ورئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية في أجواء التقدّم الذي بدأ يسجله الحوار، وهذا ما يفسّر وقف تبادل الحملات السياسية والإعلامية بينهما وبين باسيل، الذي يتحصّن في ذهابه للحوار بذريعة أن هناك ضرورة لتعويم ورقة التفاهم المعقودة مع الحزب، بشبكة أمان سياسية وفرها له رئيس الجمهورية السابق ميشال عون”.
واستبعدت أن “يكون باسيل في معاودته لتزخيم الحوار مع “حزب الله”، يهدف إلى تقطيع الوقت، خصوصاً أن مجرد انفتاحه عليه يعني أن لديه استعداداً لطي صفحة تقاطعه مع المعارضة على دعم ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور لرئاسة الجمهورية، وإن كان يربط ذلك بالوصول إلى تسوية مع الحزب تحت سقف عدم ممانعة باسيل بإدراج اسم فرنجية بين المتسابقين إلى رئاسة الجمهورية، بخلاف رفضه السابق لترشيحه، أسوة بموقفه المتشدد من قائد الجيش العماد جوزف عون؛ الذي تسبّب سابقاً بانقطاع تواصله بـ”حزب الله” الذي يتمسك بدعم ترشيح فرنجية”.
كما أكّدت أنّ “معاودة انفتاح باسيل على “حزب الله”، لا تلقى معارضة داخل تكتل “لبنان القوي” و”التيار الوطني الحر”، مركّزةً على أنّ “الفضل يعود إلى عون، الذي نجح في تفكيك الاعتراضات التي قوبل بها باسيل في السابق، وهذا ما يفسر الهدوء السياسي المسيطر على المعترضين”.
ورأت المصادر أنّ “التقدّم الذي يسود معاودة الحوار بين الحزب وباسيل، يعود إلى شعور الأخير بأن المساعي التي بُذلت لدى الخزانة الأميركية لرفع العقوبات الأميركية المفروضة عليه، وصلت إلى طريق مسدودة، وأن تقاطعه مع المعارضة على ترشيح أزعور لن يدوم، وكان في حاجة ماسة إليه لتمرير رسالة إلى الحزب لا يهدف من خلالها إلى انقطاع التواصل بينهما، وإنما للضغط من أجل تسريع الحوار معه؛ وهذا ما توصل إليه من خلال استئناف لقاءاته المفتوحة بمسؤول التنسيق والارتباط في الحزب وفيق صفا”.
باسيل يتراجع عن رفض فرنجية مقابل ضمانات
في سياق متّصل، شدّد مصدر في “حزب الله” لصحيفة “الديار”، على أنّ “كلام باسيل “اعطونا سلفا اللامركزية الموسعة والصندوق الائتماني، وخذوا منا اكبر تضحية على ست سنوات”، هو موقف مشجع وبداية محفزة للحوار، للوصول الى اتفاق بين “الوطني الحر” والثنائي الشيعي حول رئيس الجمهورية، كما ان كلام باسيل يشير الى انه عاد عن شرطه المسبق الرافض لترشيح سليمان فرنجية مقابل ضمانات يريدها”.
وأشار إلى أنّ “باسيل اقترب من موقف “حزب الله” في ما يتعلق بالملف الرئاسي”، مبيّنًا أنّ “إقرار اللامركزية الموسعة والصندوق الائتماني لا يمكن ان يتحقق فقط اذا وافق عليهما “حزب الله” و”التيار الوطني الحر”، وصوّتا لهذه القوانين في المجلس النيابي، بل تحتاج هذه القوانين الى اجماع وطني؛ ناهيك بان بعض الكتل النيابية تعتبر ان مجلس النواب حاليا يجب فقط ان ينعقد لانتخاب رئيس جمهورية وليس للتشريع”.
من جهتها، أفادت أوساط سياسية لـ”الديار”، بأن “باسيل وجد نفسه امام معضلة صعبة، وهي انه غير قادر على التقدم مع المعارضة، ولن يتوصل الى مكاسب ترضيه، كما اقتنع ان “حزب الله” ليس في صدد التراجع عن ترشيح سليمان فرنجية، وعلى هذا الاساس راى باسيل ان لا امكان غير عقد صفقة مع “حزب الله”، وبالتالي طرح المقايضة التي تقضي بحصوله على اللامركزية الواسعة والصندوق الائتماني مقابل تضحيته في الملف الرئاسي لست سنوات”.
“القوات” تردّ على طرح باسيل
أكّدت مصادر حزب “القوات اللبنانية” لـ”الديار”، “أنها ترفض مبدأ المقايضة في انتخاب رئيس للجمهورية رفضا باتا، بل المطلوب الذهاب الى انتخابات رئاسية ضمن الالية المنصوص عليها في الدستور، لجهة دورات متتالية تفضي الى انتخاب رئيس للجمهورية”.
وركّزت على أنّ “المقايضة اذا كانت على غرار ما طرح رئيس جمهورية لفريق ورئيس وزراء لفريق اخر، مرفوضة واسقطت، كما المقايضة من قبيل اللامركزية وصندوق ائتماني مقابل رئيس جمهورية مرفوضة مطلقا، لان اللامركزية موجودة في اتفاق الطائف، ولكن لم تطبق بسبب رفض فريق معين تنفيذها، رغم ان اللامركزية هي حق من حقوق اللبنانيين”. وذكرت أنّ “الصندوق السيادي بعد الترسيم البحري هو أيضا حق بديهي للبنانيين، من اجل عدم سرقة الثروة اللبنانية من قبل المنظومة الفاسدة”.
واعتبرت المصادر أنّ “لا احد يستطيع ان يمنن احدا في لبنان، أن “مقابل اللامركزية والصندوق نعطيك رئيسا للجمهورية”. وتعقيبا على هذا الطرح، شددت على أنّ “اقرار اللامركزية وصندوق ائتماني يجب ان يبت منفردا ومنفصلا عن الملف الرئاسي”.
وأضافت: “المطلوب اليوم وصول رئيس الجمهورية ضامن لصندوق سيادي، بعيدا عن التهريب والفساد الى جانب وجود حكومة فعالة، والتمكن من تطبيق اللامركزية الواسعة بما يحقق الانماء المتوازن بين جميع المناطق اللبنانية”.