الرئيسية / مقالات / كيف تمّ التحضير لزيارة البطريرك الراعي الى الجبل؟ العودة الاقتصادية هي ما يجري بحثها لتعزيز المصالحة

كيف تمّ التحضير لزيارة البطريرك الراعي الى الجبل؟ العودة الاقتصادية هي ما يجري بحثها لتعزيز المصالحة

كتب كمال ذبيان في الديار

الزيارة التي يقوم بها البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي الى الجبل اليوم، ليست الاولى له، بل سبق وشارك في رعاية مصالحة في بلدة بريح في الشوف في 17 ايار من عام 2014، وانهى الرئيس ميشال سليمان عمله فيها قبل نحو اسبوع من ختم ولايته، وحضرها رئيس الحزب “التقدمي الاشتراكي” السابق وليد جنبلاط، لكن جرح الجبل التأم مع المصالحة الكبرى التي حصلت صيف 2002، برعاية جنبلاط والبطريرك الماروني الراحل نصرالله صفير.

والتحضير للزيارة بدأ عفوياً وتلقائياً، وقد سأل الشيخ عامر زين الدين، الذي يشغل منصب المستشار الاعلامي لمشيخة عقل الطائفة الدرزية، البطريرك الراعي في احدى المناسبات في بكركي، اليس لديك حنين ورغبة لزيارة الجبل، فكان جوابه فورياً: “اكيد واتمنى، وانا احب الجبل واهله جميعهم بكل طوائفهم”. عندئذ، بادر زين الدين الى الاعداد للزيارة ، حيث نقل اقتراحه الى شيخ العقل سامي ابي المنى، الذي شجعه على الفكرة، وبدأ العمل على برنامجها، بعد ان تم تحديد زمانها في 8 ايلول الجاري. وهكذا وُلدت فكرة زيارة سيد بكركي، كما يقول الشيخ زين الدين لـ “الديار”، ولا يعبترها سياسية بل تفقدية، ولتعزيز اواصر الشَرِكة والمحبة، وهو الشعار الذي رفعه البطريرك الراعي بعد توليه منصبه.

 

وبدأ الشيخ زين الدين وضع البرنامج مع مساعدي البطريرك، وتم حصرها بثلاث محطات، تبدأ برد الزيارة الى الشيخ ابي المنى في دارته ببلدة شانيه، ثم الانتقال الى المكتبة الوطنية في بعقلين للقاء مع المكونات الشوفية من كل الطوائف والمذاهب والفعاليات، ثم يلبي دعوة الى الغداء في المختارة وجهها اليه وليد جنبلاط ونجله تيمور، حيث سيحضرها مشايخ وكهنة وفعاليات سياسية وحزبية من الجبل، ويختتم زيارته بقداس في مطرانية بيت الدين.

هذه الزيارة، ترسخ المصالحة التي كانت تارخية مع مطلع القرن الحادي والعشرين، وطوت صفحات من الاقتتال والمآسي بين مكونين اساسيين في جبل لبنان، هما الدروز والموارنة، والتي اندلعت منذ العام 1840 الى 1864 ، بينهما معارك حصلت فيه مجازر واعمال تهجير، فتدخلت الدول واقامت سلاماً، وعقد اتفاق سمي بالبروتوكول، الذي وضع الجبل تحت متصرف عثماني مسيحي، وقُسم الى قائمقاميتين درزية ومسيحية.

هذه الصفحة المؤلمة، من تاريخ الموارنة والدروز خصوصاً ولبنان عموماً، وقد اصبحت من الماضي، وهذا ما اكد عليه وليد جنبلاط اثناء مصالحة الجبل، واثنى عليها البطريرك صفير، ويقوم البطريرك الراعي بتعزيزها، اذ يدعو المسيحيين خصوصاً الى ان يعودوا الى بلداتهم، وفق ما تؤكد مصادر بكركي، التي ترى ان الحضور المسيحي ضروري في الجبل، حيث يُطرح السؤال حول آلية تمكين المسيحيين كما الدروز من ان يبقوا في قراهم، لان العودة تبقى منقوصة اذا لم ترافقها مشاريع اقتصادية، حيث الهجرة من الجبل، كما من مناطق لبنانية اخرى، لا سيما الريفية والنائية حتى من المدن قديمة وتعود الى عقود، لا بل الى اكثر من قرنين، سواء أكانت الهجرة الخارجية ام الداخلية.

وفي هذا الاطار، فان البحث سيكون حول العودة الاقتصادية الى الجبل، لتثبيت العودة البشرية، وفق ما يؤكد من اعدوا لهذه الزيارة، وهذا سيكون منطلقا لحوار ونقاش بين البطريرك الماروني وشيخ العقل ومع المختارة ومرجعيات سياسية وفعاليات اقتصادية، اضافة الى مؤسسات الدولة، عندما تنتظم بعد انتخاب رئيس للجمهورية، حيث ترخي الازمة المالية ـ الاقتصادية ـ الاجتماعية بثقلها على كل اللبنانيين، واهل الجبل منهم باقضيته الشوف وعاليه وبعبدا.

لذلك، فان الزيارة البطريركية، قد تكون باباً يفتح للبحث في انمائه، وتأمين فرص العمل لابنائه، الذين تربوا على ثقافة الوظيفة واهملوا المشاريع الانتاجية، فتركوا الزراعة والمهن الحرفية وذهبوا الى الوظيفة المدنية والعسكرية، فكان الالتحاق بالسلك العسكري، هو طموح كل شاب يبلغ سن الـ 18، حيث تم اهمال الجانب الانتاجي. هذه مسؤولية تقع على الجميع، من سياسيين واحزاب، اضافة الى الحكومات المتعاقبة، كما على رجال مال واعمال لم يستثمروا في مشاريع اقتصادية سواء زراعية ام صناعية وحتى سياحية، فلم يكن الشوف منطقة سياحة واصطياف، ولم تزدهر المطاعم فيه الا قلة منها، لا سيما في الباروك ونبع الصفا وعين مرشد، حيث يتم في هذه المرحلة التوجه نحو السياحة الريفية او الدينية.

من هنا، فان العودة للمسيحيين لا تكتمل الا بالاقتصاد، وهذه مسؤولية وزارة شؤون المهجرين، التي كان عليها الا تكتفي بالتعويضات للعائد والمقيم، والتي شابها الكثير من الاخطاء والارتكابات، اذ كان على برنامج العودة ان يدعم بقاء العائد والمقيم معاً، بحيث الشغور السكاني المسيحي كما الهجرة الدرزية، هو ما يجب العمل على سد ثُغَره.

شاهد أيضاً

اليكم تفاصيل المقترحات الفرنسية والبريطانية والأميركية لاستقرار لبنان

  كشف المدن عن الصيغ والطروحات والاقتراحات الدولية، لمعالجة الوضع في جنوب لبنان، ووقف التصعيد، …