كتب كمال ذبيان في الديار:
كان الرئيس الراحل عمر كرامي يعلن في مواقفه، ويقول في مجالسه ان السائح يصل الى جبيل ولا يتابع طريقه الى طرابلس خصوصاً، وهو وصل الى البترون خلال السنوات العشر الاخيرة، وقصد بان العاصمة الثانية للبنان محرومة من الانماء، ولا اهتمام رسميا بها، اذ فيها ثلاثة مرافق حيوية اذا اعيد تأهيلها، يمكنها ان تعيد الحركة الاقتصادية الى عاصمة الشمال، وتستفيد منها مناطق مجاورة.
والمرافق الثلاثة التي قصدها الرئيس كرامي هي: مرفأ طرابلس والمعرض الدولي فيها ومطار القليعات، وسعى الى ذلك عندما عُين وزيراً للتربية في اول حكومة بعد اتفاق الطائف، ثم رئيساً للحكومة نهاية عام 1991، واثناء ترؤسه للحكومة بعد التمديد للرئيس اميل لحود في تشرين الثاني 2004، وتمت الاستجابة لمطالب رئيس الحكومة الاسبق وتحديداً مرفأ طرابلس، والتي لم تقتصر عليها فقط، بل كان يردد دائماً في مجالسه ان طرابلس من افقر المدن على ساحل البحر الابيض المتوسط، وعندما كان يلتقي عدداً من الاعلاميين كل اربعاء من كل اسبوع في منزله في بيروت، وكنتُ من بينهم، يحمل على اثرياء طرابلس لا سيما السياسيين منهم، ويقول بان في المدينة قلة من الاغنياء الكبار وكثرة من الفقراء، حيث كان يلمّح الى الرئيس نجيب ميقاتي والوزير السابق محمد الصفدي وغيرهما.
والتذكير بما كان يطلب به الرئيس كرامي وآخرون غيره، يتزامن مع ما تطالب به “كتلة الاعتدال الوطني”، بفتح مطار القليعات الذي يحمل اسم الرئيس الراحل رينيه معوض، الذي انتخب منه رئيساً للجمهورية بعد اتفاق الطائف، واقفال مجلس النواب من قبل اطراف حزبية ومعها قائد الجيش آنذاك العماد ميشال عون، وبعد استشهاد الرئيس معوض بانفجار سيارة مفخخة، انتخب الرئيس الياس الهراوي ايضا في فندق “بارك اوتيل” في شتورا، واقام في ثكنة ابلح في البقاع قرب مطار رياق.
ومن المطالب التي تحققت، تأهيل مرفأ طرابلس ليصبح من اهم المرافئ على الساحل اللبناني كما المتوسط، حيث ترسو فيه سفن كبيرة، وحلّ مكان مرفأ بيروت بعد الانفجار الذي حصل في العنبر رقم 12 في 4 آب 2020، حيث ظهرت اهمية وجود مرفأ ثان للبنان، وهو ما تبني عليه “كتلة الاعتدال الوطني”، التي حملت مطلب افتتاح مطار القليعات بقرار تتخذه الحكومة، وكان سبق واستقبل طائرات، وتلزمه اعادة تأهيل وصيانة.
وفي هذا الاطار، كشف رئيس “لجنة الاشغال” النيابية النائب سجيع عطيه لـ “الديار” بان جولاتهم على الكتل النيابية تتمحور حول فتح المطار ايجابية، لان المطلب انمائي بحت ولا يرتبط بالسياسة، وتعود المطالبة بان يكون للبنان مطار ثان او ثالث لعقود، وبعد تجربة تأهيل مرفأ طرابلس، والنشاط الاقتصادي الذي يشهده، كان لا بد من طرح موضوع فتح مطار القليعات، الذي يستوفي الشروط التقنية واللوجستية، ولا يوجد عائق امام تشغيله كمطار مدني، ولا يمنع ان يكون الى جانبه مطار عسكري، كما هو مطار بيروت.
ولا يعزو عطيه طرح فتح مطار القليعات الى اي سبب سياسي، او له علاقة بمشاريع تطرح “كالفدرالية” وغيرها، بل هو يحارب على مطلب الانماء المتوازن، الذي ورد في اتفاق الطائف، حيث توقع ان يوضع المطار في الخدمة، بعد ان تم التجاوب معه من كل المراجع، لا بل ان وزير الاشغال والنقل علي حميه ابدى كل الدعم، وهو يمثل حزب الله في الحكومة التي لا يوجد عذر او ذريعة لديها لعدم العمل في المطار، الذي يخفف الاعباء من مطار بيروت، الذي لم يعد يستوعب الستة ملايين راكب كما كان متوقعا، وقد صرف اعتماده لتوسيعه وتأهيله، ليكون جاهزا لاستقبال العدد الاكبر.
وهنا يطرح عطية السؤال عن ان مطار بيروت، يواجه صعوبات مثل مكب النفايات في “الكوستابرافا”، وتأثيره على حركة الطيران مع الطيور التي تحوم فوقه، اضافة الى نهر الغدير، وتآكل البنى التحتية، واكتظاظ محيطه بالابنية، حيث تعرضت طائرات لاصابات باطلاق نار عشوائي او مقصود، ولا يعني ذلك ان يتم تعطيل مطار بيروت، بل ان يكون مطار القليعات رديفا له، ويخفف عنه نحو 3 ملايين راكب سنويا.
واشار الى ان حصرية شركة “طيران الشرق الاوسط” للعمل في مطار بيروت، يجب ان تحل مع انتهاء العقد مع الشركة في العام 2024، مما ادى الى الاحتكار وارتفاع اسعار بطاقات السفر، اذ يوجد مردود مالي للمطار، وهذا سيكون في مطار القليعات الذي يمكن تمويل تأهيله وصيانته، من خلال تلزيمه لشركة عبر عقد B.O.T ، واكد ان هذا الموضوع حيوي، ولا مانع بان يكون للبقاع مطار ايضا، وهذا ما تلجأ اليه الدول، بتعدد موافقها، وحتى لو كان لبنان صغير المساحة، لكن اهمية تشغيل مرافق حيوية، تزيد من النمو الاقتصادي، وتخلق فرص عمل، وتضع لبنان على خارطة السياحة العالمية اوسع مما هو عليه.
ولفت الى ان فتح مطار القليعات، لا يشبه فتح اي مطار آخر في اثناء الحرب، فذلك كان خدمة لمشاريع دويلات او كانتونات، اما اليوم المسألة انمائية في مطار القليعات وبامتياز وليست سياسية