حزم الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان حقائبه وغادر بيروت، تاركاً خلفه بحراً عائماً بعلامات الاستفهام، ليس فقط حول ما حقّقه في زيارته الثالثة إلى بيروت، لا بل حول جدوى حصول هذه الزيارة من أساسها؟
أقصى ما تحقّق في زيارة لودريان نظرياً، هو انّها تركت الباب مفتوحاً على زيارة رابعة سيقوم بها الى بيروت في وقت لاحق، وأمّا النتيجة الأكيدة التي انتهت اليها هذه الزيارة، فهي أنّ ما بعدها، هو ما كما قبلها؛ مراوحة سلبية في حقل توترات وتناقضات سياسية مانعة لانتخاب رئيس للجمهورية في المدى المنظور.
ووفق معلومات موثوقة لـ”الجمهورية”، فإنّ “لودريان اكّد خلال مداولاته مع اطراف الملف الرئاسي، انّه في مهمّته يعبّر عن اللجنة الخماسية، ويداً بيد مع الجانب السعودي، والطرح الذي سعى الى تمريره والذي يستبطن إبعاد فرنجية وازعور عن حلبة المرشحين. وسوّق له بحديث مفصّل عن الآثار السلبية المتفاقمة التي ولّدتها الأزمة الاقتصادية والمالية في لبنان، وبلفت الانتباه الى انّ الرهان على عائدات من الموارد الغازية، ليس في محلّه، ذلك انّ هذا الامر قد يستغرق وقتاً طويلاً، ولبنان لا يستطيع ان يحتمل مزيداً من هدر الوقت، فلبنان في حاجة ماسّة الى إجراءات وإصلاحات سريعة، وهذه الاصلاحات تتطلب وجود مؤسسات فاعلة، والمؤسسات الفاعلة تتطلّب بدورها وجود رئيس للجمهورية، وحكومة جديدة. وبالتالي نحن نتفهم هواجس جميع الاطراف، ولكن في الوقت نفسه، كلكم على علم بالتجربة التي حصلت في جلسة 14 حزيران، وحتى لا تتكرّر هذه التجربة لا بدّ من الحوار او التشاور او النقاش او سمّوه ما شئتم، فالحوار في رأينا هو المنقذ، وبديل الحوار أمر كارثي سيحصل”.